أعلن السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر مساء الإثنين، أنّ الزيارة التي قام بها إلى العاصمة اليمنية صنعاء للقاء مسؤولين حوثيين، هدفها "تثبيت الهدنة" وبحث سبل الدفع باتّجاه "حلّ سياسي شامل ومستدام" بعد سنوات من الحرب.
وقال السفير في تغريدة على تويتر: "أزور صنعاء وبحضور وفد من سلطنة عمان الشقيقة بهدف تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار ودعم عملية تبادل الأسرى وبحث سبل الحوار بين المكوّنات اليمنية للوصول إلى حلّ سياسي شامل ومستدام في اليمن".
وأضاف "وقفت المملكة حكومة وشعباً منذ عقود مع الأشقّاء في اليمن في أحلك الظروف والأزمات السياسية والاقتصادية، ولا تزال الجهود الأخوية مستمرة منذ العام 2011 لتحقيق تطلّعات أبناء اليمن الشقيق بعودة الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي".
وأجرى وفد سعودي الأحد محادثات مع الحوثيين في صنعاء، في زيارة نادرة للعاصمة الخاضعة لسيطرة المتمردين المتحالفين مع إيران، تندرج في إطار مسعى جديد لإحياء عملية السلام في اليمن بعد التقارب الأخير بين الرياض وطهران.
وأظهرت صورة نشرتها وسائل إعلام تابعة للحوثيين السفير السعودي وهو يصافح رئيس المجلس السياسي في صنعاء مهدي المشاط، وأخرى وهما يتوسّطان الوفد السعودي ووفداً عمانياً يقود الوساطة بين الجانبين ومسؤولين حوثيين. والإثنين، قال مسؤولان يمنيان إنّ آل جابر التقى زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، لكنّ الرياض لم تؤكّد انعقاد اللقاء.
وسبق أن زارت وفود سعودية العاصمة صنعاء لإجراء محادثات حول عمليات تبادل للأسرى مع الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة ومناطق شاسعة في شمال ووسط وغرب أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
لكنّ هذه الزيارة الرفيعة المستوى تأتي في خضمّ مساعٍ إقليمية ودولية للدفع باتّجاه حلّ سياسي يفتح الباب أمام خروج السعودية من الحرب، ثم إسدال الستار على النزاع بين الحوثيين والحكومة والذي أودى بمئات آلاف الأشخاص.
خفض التصعيد وبناء الثقة
وتستمدّ هذه الجهود زخمها من اتّفاق أُبرم الشهر الماضي بين السعودية، التي تقود منذ 2015 تحالفاً عسكرياً في اليمن دعماً للحكومة، وإيران التي تدعم الحوثيين، ينصّ على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد سبع سنوات من القطيعة.
وقالت الخبيرة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية إليونورا أرديماغني إنّ المحادثات تشير إلى أنّ "الأولوية الاستراتيجية للرياض هي خفض التصعيد بينها وبين الحوثيين، وليس خفض التوتّر بشكل طويل الأمد بين الأطراف المتحاربة داخل اليمن".
وأضافت أنّ المحادثات تسمح للحوثيين بإظهار "القوة السياسية التي اكتسبوها حتى الآن" مع تعزيز موقفهم قبل أيّ محادثات يمنية-يمنية.
وبحسب مصادر حكومية يمنية، فقد وافق أعضاء مجلس الرئاسة اليمني مؤخّراً على تصوّر سعودي بشأن حلّ الأزمة اليمنية بعد مباحثات سعودية-حوثية برعاية عُمانية استمرت لشهرين في مسقط.
ويقوم التصوّر السعودي وفقاً للمصادر نفسها على الموافقة على هدنة لمدة ستة أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمرّ سنتين، يتمّ خلالها التفاوض حول الحلّ النهائي بين كلّ الأطراف.
وتتضمّن المرحلة الأولى إجراءات لبناء الثقة وأهمها دفع رواتب الموظفين الحكوميين في كلّ المناطق وبينها مناطق سيطرة الحوثيين، وفتح الطرق المغلقة والمطار. وكانت أطراف النزاع توصّلت العام الماضي لهدنة في 2 نيسان/أبريل بوساطة من الأمم المتحدة انتهت في تشرين الأول/أكتوبر.
وقد حذّر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ هذا الشهر من أنّ البلد الذي مزقته الحرب يواجه "وقتاً حرجاً"، داعياً إلى إنهاء النزاع بشكل دائم.
وقُتل في النزاع مئات الآلاف من الأشخاص لأسباب مباشرة وغير مباشرة، فيما نزح 4,5 ملايين شخص داخلياً، وأصبح أكثر من ثلثي سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.