السعودية تدعو الأسد إلى حضور القمة العربية بجدة وتعيده إلى الواجهة الدبلوماسية

منذ 1 سنة 109

وجّه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود دعوة للرئيس السوري بشار الأسد للمشاركة في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة. وتأتي الدعوة بعد أيام من قرار جامعة الدول العربية إنهاء تعليق عضوية سوريا بعد أكثر من عقد، بسبب قمع النظام المظاهرات التي خرجت ضده.

يجتمع القادة العرب الجمعة في جدة، للمشاركة في قمة عربية يُرجّح أن يشارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد، إثر جهود دبلوماسية أفضت إلى إعادة دمشق إلى محيطها العربي بعد عزلة استمرّت أكثر من 11 عاماً على خلفية النزاع المدمّر في هذا البلد.

وعُلّقت عضوية دمشق في جامعة الدول العربية رداً على قمعها الاحتجاجات التي خرجت في العام 2011 إلى الشارع، قبل أن تتحوّل إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص.

ويرى خبراء أنّ دعوة الأسد للمشاركة في قمة جدة تُظهر أيضاً نفوذ السعودية التي تسعى راهناً الى البروز كصانعة سلام في المنطقة، بعدما تغلّبت على اعتراضات عدد من الدول من بينها قطر لإعادة سوريا الى الحضن العربي، خلال مباحثات في القاهرة مطلع الشهر الجاري.

توزيع جديد للأوراق في المنطقة؟

وبالإضافة لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، من المتوقّع أن تتصدّر جدول أعمل القمة أزمتان رئيسيتان: النزاع المستمر منذ شهر في السودان بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، والنزاع في اليمن المستمر منذ أكثر من ثماني سنوات.

وتُعقد القمة في جدة حيث يتفاوض ممثلو الطرفين السودانيين منذ نحو عشرة أيام، برعاية مسؤولين أمريكيين وسعوديين.

في اليمن، تدفع السعودية نحو اتفاق سلام بين المتمردين الحوثيين والحكومة التي تدعمها على رأس تحالف عسكري يشارك في العمليات العسكرية في اليمن منذ العام 2015. ولم تؤدِ الجهود الدبلوماسية السعودية في الملفين إلى اختراق كبير، لكن محللين وكتّاب رأي سعوديين متفائلون.

ويقول المحلّل السعودي سليمان العقيلي إن "قمة جدة من أهم القمم من فترة طويلة لأنها ستعيد بناء المنطقة العربية بشكل يعتمد على المصالح وتحويل التحدّيات إلى فرص".

ويتابع: "ستكون القمة ناجحة إذا استطاعت إعادة إدماج سوريا في النظام العربي واتخذت موقفا قويا من النزاع في السودان واليمن".

موجة مصالحة

وتسارعت التحولات الدبلوماسية الأخيرة بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران وأعلن عنه في 10 آذار/مارس.

بعد أقل من أسبوعين، أعلنت السعودية أنها بدأت محادثات حول استئناف الخدمات القنصلية مع سوريا، الحليف المقرب من إيران، قبل أن تعلن قرار إعادة فتح بعثاتها في البلاد. وتلى ذلك تبادل زيارات لوزراء خارجية البلدين وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، إلا أنّ وجود الأسد المحتمل في جدة الجمعة لا يضمن إحراز تقدّم في التوصل الى حلّ لإنهاء الحرب في سوريا.

وفي دليل على اهتمام الجانب السوري بالمشاركة في القمة، يشارك وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الأربعاء، في الاجتماع التحضيري للقمة الذي يعقده وزراء خارجية الدول العربية في جدة. وليس واضحاً ما إذا كانت الجامعة العربية ستمكّن من القيام بجهود فاعلة بشأن قضايا ملحّة مثل مصير اللاجئين السوريين وتجارة الكبتاغون التي تُتهم دمشق بدعمها.

وتقول كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية آنا جاكوبس: "من المهم أن نتذكّر أن عودة الأسد إلى الجامعة العربية إجراء رمزي لبدء عملية إنهاء عزلته الإقليمية".

وتتابع: "من نواح كثيرة، هي بداية التطبيع السياسي، ولكن سيكون من المهم مراقبة ما إذا كان ذلك سيترافق مع تطبيع اقتصادي، لا سيما من جانب الدول العربية الخليجية".

في دمشق، قال حميد حمدان (44 عاماً) مدرّس الجغرافيا، "أنا والعائلة مهتمون بالأخبار السياسية للمرة الأولى منذ سنوات، ونتابع أخبار القمة أولاً بأول". واعتبر أن عودة بلاده للجامعة العربية تمثّل "بدء العودة للنظام العالمي"، متوقعاً أن تسفر عن "إعادة فتح السفارات والشركات وعودة الحركة والحياة إلى البلاد".

لكن آخرين يبدون أقل حماساً، فقد قالت سوسن (29 عاماً)، الموظفة في شركة بيع سيارات: "نحن متفائلون خيراً، لكنّنا نعلم أنّ القمة العربية لن تكون عصا سحرية لحل المشاكل السورية". وأضافت "قد تكون البداية، لكن الطريق نحو الانفراج سيكون طويلاً ولن يكون سهلا".

نهج السعودية الدبلوماسي

ويمكن قول الأمر ذاته حيال الوضع في السودان واليمن، فقد توصّل طرفا النزاع في السودان الأسبوع الماضي إلى اتفاق "إنساني" لتمرير المساعدات الإنسانية وضمان خروج المدنيين من مناطق النزاع، لكنهما عجزا عن التوصل لهدنة في مفاوضات وصفها مسؤول أمريكي بأنها "صعبة جدا".

وبخصوص اليمن، أفاد السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر في مقابلة مؤخراً مع فرانس برس أنّ أطراف النزاع في اليمن "جديون" بشأن إنهاء الحرب المدمرة، لكن يصعب التنبؤ بموعد إجراء محادثات مباشرة مع الحوثيين.

وقال توربيورن سولتفيدت من شركة فيرسك مايبلكروفت الاستشارية إنّ هناك القليل من الشك حول نهج السعودية الدبلوماسي فيما يتعلق بالقمة وما بعدها.

وأوضح سولتفيدت "هناك دلائل واضحة على أن السعودية تبتعد عن سياستها الخارجية المغامرة سابقاً وتسعى لإعادة اكتشاف نفسها كوسيط دبلوماسي رئيسي في المنطقة". لكنّه أضاف أنّ "الحكم لا يزال بعيدا" بشأن ما إذا كانت هذه المهمة ستنجح.