السعودية أكبر سوق مستهدف.. هل تحول الكبتاغون إلى ورقة تفاوض في تطبيع سوريا مع العرب؟

منذ 1 سنة 134

تقرير من إعداد سيلين الخالدي، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)

أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عقار يسبب الإدمان بشكل كبير وأصبح شريان الحياة الاقتصادي لسوريا على مدى عقد من العزلة قد يكون الآن بمثابة ورقة مساومة في الوقت الذي تحاول فيه البلاد تطبيع العلاقات مع الدول المجاورة وفقًا لمحللين.

ساعدت حبوب الكبتاغون، وهو غير معروف نسبيًا خارج الشرق الأوسط، سوريا على التحول إلى دولة تعتمد على المخدرات بعد أن قاطع الكثير من المجتمع الدولي اقتصادها بسبب القمع الوحشي لانتفاضة عام 2011.

إنه عبارة عن منشط اصطناعي من نوع الأمفيتامين، الفينيثيلين، ويحمل الاسم التجاري كبتاغون، وقد أصبح مركزًا لعدد متزايد من عمليات إحباط تهريب المخدرات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. يقول الخبراء إن الغالبية العظمى من إنتاج الكبتاغون العالمي يحدث في سوريا، مع كون منطقة الخليج وجهته الأساسية.

دقّ نمو الصناعة ناقوس الخطر في المجتمع الدولي. ففي العام الماضي، قدمت الولايات المتحدة قانون مكافحة الكبتاغون لعام 2022، الذي ربط تجارته بالنظام السوري ووصفه بأنه "تهديد أمني عابر للحدود الوطنية".

بعد أكثر من عقد من المقاطعة له، يجري جيران سوريا العرب الآن محادثات لإخراج الرئيس بشار الأسد من الجمود. تم استقبال القائد السوري في بعض العواصم العربية، لكن التطبيع النهائي مع المملكة العربية السعودية لم يحدث بعد، والتي تعتبر أحد ألد خصوم النظام السوري - وأكبر سوق مستهدف للكبتاغون.

هبطت، في أعقاب زلزال 6 فبراير المميت الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، طائرات الإغاثة السعودية لأول مرة منذ عقد في مطارات يسيطر عليها النظام. أفادت وسائل إعلام سعودية رسمية الشهر الماضي أن الرياض تجري محادثات مع دمشق لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية بين البلدين.

ويقول محللون إنه من المرجح أن يكون الكبتاغون على رأس جدول الأعمال في محاولات التطبيع.

دقت وسائل الإعلام السعودية ناقوس الخطر مؤخرًا بشأن ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات. أعلنت السلطات السعودية في سبتمبر عن أكبر عملية ضبط لمخدرات غير مشروعة في تاريخ البلاد بعد إخفاء ما يقرب من 47 مليون حبة أمفيتامين في شحنة دقيق ومصادرتها في مستودع بالعاصمة الرياض. تم اعتراض ملايين أخرى من الحبوب منذ ذلك الحين. وتقول الأمم المتحدة إن مضبوطات الأمفيتامين في المنطقة تشير في الغالب إلى الكبتاغون.

قالت كارولين روز، كبيرة المحللين في معهد "نيو لاينز" في العاصمة الأمريكية واشنطن، والتي درست تجارة الكبتاغون: "يوصف الكبتاغون بأنه بطاقة" في محادثات التقارب بين النظام السوري ونظرائه الذين يسعون إلى التطبيع.

وقالت روز لـCNN: "كان النظام يستفيد من قوته في تجارة الكبتاغون، مرسلا إشارات إلى الدول التي تفكر في التطبيع بأنه يمكن أن يقلل من تجارة الكبتاغون كبادرة حسن نية".

قالت فاندا فيلباب براون، الزميلة بمعهد "بروكينغز" بواشنطن والخبيرة في الموضوع، إنه من خلال تصديره من قبل العديد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك المهربين السوريين وحزب الله اللبناني والميليشيات العراقية الموالية لإيران، فإن "الكبتاغون يساوي أكثر من الصادرات القانونية السورية". حزب الله من جهته نفى علاقته بأي تجارة مخدرات.

قالت المملكة المتحدة، والتي فرضت الشهر الماضي عقوبات جديدة على السوريين المرتبطين بالتجارة، إن نظام الأسد استفاد من تجارة الكبتاغون بما يصل إلى 57 مليار دولار. ووصفته بأنه "شريان الحياة المالي" للأسد الذي "يساوي حوالي 3 أضعاف التجارة المجمعة لعصابات المخدرات المكسيكية".

تفيد وسائل الإعلام الرسمية السورية بانتظام عن عمليات ضبط الكبتاغون، قائلة إن وزارة الداخلية تقوم بقمع تجارته وكذلك تجارة المخدرات الأخرى.

المهربون "يحصلون على تدريب عسكري"

يقول صلاح ملكاوي، المحلل الأردني الذي يتابع التجارة عن كثب، إنه على الرغم من إنكار سوريا، إلا أنه من المستحيل على المخدرات عبور الحدود دون تدخل العديد من الجهات الفاعلة المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأسد ونظامه.

وقال الملكاوي إن "قادة المليشيات والأجهزة الأمنية والقوات العسكرية متورطون في عملية تهريب المخدرات". وأضاف أنه من غير الممكن أن تصل المخدرات إلى هذه المناطق دون المرور بعشرات الحواجز ونقاط التفتيش التي تندرج تحت سيطرة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري".

وأضاف: "لقد تحدثت إلى عدة (مهربين)، لقد تلقوا تدريبات عسكرية ... باستخدام تكتيكات الحرب ... لتنفيذ مداهمات معقدة".

لم ترد الحكومة السورية على طلب CNN للتعليق.

لقد كان الأردن يدعم الجماعات المناهضة للنظام في بداية الحرب الأهلية السورية، ولكنه أيضًا على طريق التقارب مع الأسد في الأشهر الأخيرة.

قام وزير خارجيتها هذا العام بأول زيارة له إلى دمشق منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، وكانت المملكة ترسل مساعدات إنسانية بعد زلزال 6 فبراير.

قال سعود الشرفات، العميد السابق في مديرية المخابرات الأردنية العامة، ومؤسس مركز الشرفات لدراسة العولمة والارهاب بعمان الاردن، بأن بلاده تأثرت بشكل مباشر بتجارة الكبتاغون السورية بسبب انتشار استخدامه في المناطق الحدودية في شمال شرق البلاد.

وقال الشرفات لـCNN إن "هناك أيضا تكلفة عالية لتأمين الحدود وزيادة الضغط على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية".

ورحب بقانون مكافحة الكبتاغون الأمريكي باعتباره "أول جهد دولي جاد" لمنع النظام من توسيع استخدامه للمخدر "لزعزعة الأمن في المنطقة والعالم". وقال إن سوريا قد تغرق أوروبا والدول الغربية بالمخدرات عبر تركيا لاستخدامها كورقة مساومة ضدهم.

يقول الخبراء إنه من غير المرجح أن يتخلى الأسد عن هذه التجارة بشكل كامل حتى في حال تم التوصل إلى اتفاقات بين سوريا وجيرانها بشأن وقف تصدير المخدرات.

قالت فيلباب براون إنه "يُطلب من التاجر الرئيسي أن يوقف عمله، من المستبعد جدًا أن يتخلى نظام الأسد عن مصدر دخله الحيوي".

قد يقدم في أحسن الأحوال حلولًا تجميلية للمشكلة، كما يقول الخبراء، واعدًا بفرض قيود أكثر صرامة وإنفاذ قانون أكثر حزمًا في الداخل على المنتجين والتجار، الذين ينفي النظام تورطه معهم.

قالت روز من معهد "نيو لاينز" إن النظام قد يحافظ على أعمال الكبتاغون الخاصة به كشكل من أشكال النفوذ طويل الأمد ضد جيرانه، مع الحفاظ على "مستوى معين من الإنكار المعقول بخصوص التجارة، وإلقاء اللوم على قوى المعارضة والجهات الفاعلة غير الحكومية بينما يقوم بموجة من عمليات تجميلية في الداخل لإبعاد اللوم عن الحكومة".