♦ الملخص:
شاب في السابعة عشرة من عمره لديه رغبة ملحة في الزواج، وأبواه لا يوافقان لصغر سنه، وأيضًا والدا الفتاة التي يرغب في زواجها يرون الأمر مبكرًا، والقانون لا يسمح بذلك أيضًا، وهو يخشى على نفسه الفتنة، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
أنا شابٌّ في السابعة عشرة من عمري، لست ملتزمًا تمام الالتزام، لكني أحاول التمسك بديني، ولديَّ – ولله الحمد – قدر من العلم الشرعي، أحب فتاة منذ سنتين، لها ولأهلها من الدين ما جذبني إليها، تلبس لباسًا طويلًا، تدرس معي في قاعة الدراسة المختلطة، ولا تنظر إلى أي شابٍّ، منذ سنة ارتكبت خطأً بأن كلمتها، فلم ترد، وبعد ذلك بنحو ساعتين كلمتني أمها، فاعتذرتُ منها، ثم تعرفت على والدها، واتخذني ابنًا له، وعاملني بالحسنى، وكنت أزوره كي يساعدني للتخلص من الوسواس القهري الذي أعانيه؛ فهو شيخ، وأخبرني بأنه لن يكلمني في قضية ابنته، وعندما يأتي وقت الكلام، فسوف نتكلم، ولما أخبرت والديَّ بما كان، لم يكن قولهما إلا أن قالا: إن الوقت مبكر لمثل هذا، وظنَّا أن والدَي الفتاة يحادثانني لأجل أن يعلقاني بابنتهم، ومنذ ذلك الحين انقطعتُ عن مراسلة والدَي الفتاة، وأخبرتهما السبب، لكني لما أذهب للمدرسة، أفتتن، وأقترف أشياء خاطئة؛ ففكرت في الزواج المبكر، لكن ثمة عوائق تحول دون ذلك؛ أولها: هل سيرضى بذلك أيٌّ من أهلي أو أهلها؟ ثانيها: القانون اللبناني لا يسمح بكتب الكتاب إلا بعد سن الثامنة عشرة، ثم إنني لو خطبتُ دون أن أكتب الكتاب، فسيكون الأمر أكثر فتنة؛ لأنها ستكون خِطبة مدتها طويلة، دون عقد نكاح؛ فستظل أجنبية عني، ولو كان رأيكم أن أتقدم للخِطبة، فمتى يمكنني الزواج؟ وهل سيكون في مقدوري - في ظل هذا المجتمع والحياة الجديدة - أن أستمر بدراستي، وفي الوقت ذاته أعمل لأجلب المال؛ لأن والدي لن ينفق علينا؟ أرشدوني، وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فواضح جدًّا من رسالتك الآتي:
١- الرغبة الشديدة في الزواج للاستعفاف.
٢- عدم قدرتك المادية على المهر ومتطلبات الزواج الأخرى.
ولذا؛ فنظرًا لرغبتك الشديدة للاستعفاف بالزواج، ووقوف عوائق مالية أمامك؛ لعدم قدرتك على الإنفاق، ولصعوبة جمعك بين الدراسة والعمل، ولأنه يتوقع أيضًا عدم موافقة البنت أو أهلها على الزواج؛ لعدم أهليتك المالية والقانونية، ولخطورة إقدامك على الزواج مع وجود هذه العوائق - فإني أوصيك بالآتي:
أولًا: الانتظار حتى تصل البنت للسن القانونية، حسب نظام بلدكم، وحتى تملك القدرة المالية.
ثانيًا: الزواج مع عدم القدرة المالية مُتعب جدًّا، وربما أدى إلى الطلاق.
ثالثًا: مخالفتك للنظام ربما أوقعتك تحت المساءلة والعقاب، وربما رُزقتم مولودًا يتعذر تسجيله رسميًّا، وعلاجه، وغير ذلك.
رابعًا: لا أنصحك بالخطبة الآن؛ لأن فيها تعليقًا لقلبك ولقلب الفتاة، وربما وقعتما في محذورات شرعية، ولأنه ربما بعد سنوات تغيرت نظرتك لها أو نظرتها لك؛ فانصرفتَ عنها أو انصرفتْ عنك؛ لأنكما الآن في سن المراهقة، وتنظرون للأمور بهيجان عاطفي فقط.
خامسًا: أوصيك بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم الشباب بقوله عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ))؛ [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
سادسًا: أكْثِرْ من الدعاء بحفظك عن الزنا وما قد يؤدي له من نظر وخلوة وغيرها، وأوصِ والديك بالدعاء لك؛ لأن دعاء الوالد لولده مستجاب.
سابعًا: اجتهد في اجتناب جميع مُهيجات الشهوة؛ من نظر وخلوة وتفكير وغيرها.
ثامنًا: اعمل بجدٍّ على تقوية إيمانك، وخوفك من الله سبحانه بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وتلاوة القرآن، وطلب العلم النافع، ومجالسة الصالحين.
تاسعًا: اشغل فراغك بما ينفعك في دينك ودنياك؛ حتى لا تكون فريسة للخواطر الرديئة.
عاشرًا: واحذر من فتن وسائل التواصل، وما فيها من إباحيات وإثارة للشهوات؛ ففيها خطر عظيم، فكم دمرت من مستقيم، وصرفته لرديء الأخلاق والشهوات!
حفظك الله، ويسر لك أمورك، وأعاذك من مضلات الفتن.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.