ملخص
كشفت دراسة عن أن الرجال ينظرون إلى سياراتهم على أنها امتداد لأجسادهم ونفسياتهم، ويعاملونها كما لو أنها كائنات حساسة، ذات شخصية خاصة لا بد من تلبية متطلباتها وحاجاتها
يعتقد كثر أن السيارة مثل الملابس يجب أن تليق بمقتنيها، فيختار الشخص السيارة التي تشبهه كما يختار أزياءه وألوانها وعطره الخاص.
ويبالغ البعض بأن السيارة يجب أن تتوافق مع شخصية الرجل الذي يقودها أكثر من أي شيء آخر يقتنيه، فمعظم الناس يمضون أوقاتاً طويلة في سياراتهم، وهي وسيلة للاستعراض أمام الآخرين. كما أن هناك دراسات حول علاقة الرجال بسياراتهم تفيد بأن بعضهم يعاملون سياراتهم كما لو أنها زوجاتهم أو أحد الأولاد في المنزل، فيمضون وقتاً طويلاً في العناية بها والقلق عليها في صورتها الخارجية وفي محركاتها التي تسيرها.
قبل عامين أجرى فريق بحثي بريطاني من جامعة كامبريدج، بالتعاون مع شركة سيارات "بي أم دبليو"، دراسة أظهرت أن هناك أنواعاً من الرجال يهتمون بسياراتهم ونظافتها وصيانتها أكثر من اهتمامهم بأي شيء آخر حتى لو كان أجسادهم ومنازلهم وزوجاتهم. وكشفت الدراسة عن أن هذا النوع من الرجال، وهم ليسوا قلة، ينظرون إلى سياراتهم على أنها امتداد لأجسادهم ونفسياتهم، ويعاملونها كما لو أنها كائنات حساسة، ذات شخصية خاصة لا بد من تلبية متطلباتها وحاجاتها.
وكتبت جوليا روز في مجلة "السيارات" العالمية أنه لا يمكن طرح سؤال على أي رجل من قبيل "هل تعكس سيارتك شخصيتك؟" لأن الإجابة بالتأكيد هي نعم، خصوصاً مع الرجال، في بعض الأحيان يشتري الرجال سياراتهم ويختارونها بوعي كما هو الحال عند شراء سيارة "بورش" براقة، فالهدف هو جذب الانتباه طبعاً والتعبير عن مرتبة اجتماعية معينة والرجال يبدون فيها أصغر سناً لمن اقتربوا من سن التقاعد، بل ويعتبر بعض علماء النفس أن سيارة بورش أو أي سيارة سريعة وذات تصميم خاص وغير متوفرة بصورة تجارية بين الرجال إنما تستهدف جذب العنصر النسائي أو مجرد الإشارة إلى "أنني على رغم سني لا أزال نشيطاً ومهندماً".
لكن في أحيان لا يحدد بعض الرجال نوع سيارتهم بوعي، بل لمجرد أنها أرخص سعراً أو أكثر توفيراً من غيرها، أو لأنها تتلاءم مع متطلبات العائلة وحجمها، ولكن لا بد أن تترك السيارة أثراً مباشراً في نفس الرجل الذي يشتريها، ولا بد أن يشعر بحميمية تجاه تفاصيلها مهما كانت سيارة عادية، وإلا ستكون العلاقة بينهما غير إيجابية.
يقول بعض الرجال الذين استطلعت آراؤهم حول سياراتهم إن السيارة التي قادوها من دون رغبة كانت تتعطل بصورة متكررة، كما لو أنها تتسبب في مشكلة عن قصد، كالزوجة غير المسرورة في منزلها الزوجي.
أحياناً، قد يرغب الرجال نوعاً معيناً من السيارات في شبابهم وفي سنوات التخرج والالتحاق بالعمل وقبل الزواج، ثم سرعان ما تستهويهم سيارات متناقضة تماماً، سواء من حيث الصورة أو الألوان أو السرعات أو الإضافات الخاصة فيها، وقد لا يكون هذا التحول واعياً، إلا أن الانجذاب إلى سيارة مختلفة في سن معينة، إنما يشير إلى نوع معين من الهوية الشخصية قد لا يعرفها الرجل فيه، إلا أن انجذابه إلى هذه السيارة أو تلك يمكنها أن تدله.
وفي هذه الحالة يمكن للسيارة أن تكون بديلاً عن جلسات الطبيب النفسي لتمنح الرجل معرفة إضافية بنفسه، كما كان خياره لملابسه ولونها وصورتها وتميزها منذ يبدأ الشاب باختيار ملابسه من دون مساعدة والدته كانت تدل أيضاً على نمو صفات شخصية معينة في هذا الشاب الذي سيصبح عاملاً وموظفاً ورب عائلة بعد سنوات عدة.
وسواء تم شراء السيارة بوعي للإدلاء ببيان اجتماعي أمام الناس الآخرين أو تم شراؤها من دون وعي أو من دون سبب معين، فإن نوع السيارة التي يقودها الرجل يقول كثير عن شخصية الرجل الذي يقودها.
فاخرة وواسعة وعائلية
يكسب بعض الرجال كثيراً من المال ومقابل جهدهم يهدون أنفسهم سيارات فاخرة وغالية الثمن ولا يهتمون بتوفير الطاقة أو بتصليح السيارة، وربما لا يعرفون تماماً كيف تعمل أو كيفية تغيير إطار من إطاراتها، إلا أنهم يسعون خلف الترفيه، فكلما كانت أدوات الترفيه أعلى قمنا كلما استطاع الرجل أن يبدي امتنانه تجاه ما يقوم به، ويريد للآخرين أن يرووا احتفاءه هذا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولو أخذنا الموضوع من زاوية نظر الآخرين، فإنهم بمجرد رؤية السيارة الفاخرة سيعرفون أن سائقها ثري وصاحب عمل منتج مالياً، بالتالي فإن السيارة مرآة لأحوال صاحبها في أعين الآخرين، سواء كان يريدهم أن يعرفوا أنه ثري أم لم يكن يهدف إلى ذلك.
أما الرجال الذين يقودون سيارات واسعة وذات مساحة واسعة في الخلف وفي الصندوق، فإنهم يدلون مباشرة على أولادهم وعلى الوضع العائلي أو على نوع عمل صاحب السيارة الذي قد يحتاج إلى نقل المعدات والأدوات.
أما الرجل الذي يقود سيارة مع "الهاتشباك" فهذا يعني أنها سيارة صغيرة التي لم تعد تقلل من قيمة الرجل في عصرنا الراهن، بعد أن كان حجم السيارة في ما مضى تدل على رغبات بالقوة لدى الرجل، فالسيارة الصغيرة هذه الأيام إنما تدل على رجل اقتصادي أو يعتني بالبيئة ولا يرغب ببث كثير من ثاني أكسيد الكربون في الهواء، وقد تل على رغبته بالخصوصية في حياته الشخصية.
وغالباً ما تكون سيارات هؤلاء الرجال قريبة جداً منهم كما ألعابهم حين كانوا صغاراً يعانون الوحدة أو التنمر، وتكون سيارات هذا النوع من الرجال مليئة بالملابس والأحذية والكتب وأدوات مختلفة تدل على أنهم يمضون وقتاً طويلاً في سياراتهم.
أما رجال السيارات الرياضية فلا بد أنهم يحاولون جذب الانتباه، خصوصاً لمن يهتمون بامتلاك سيارة براقة جميلة الصورة أكثر من السيارة المتينة أو الواسعة أو الجيدة للبيئة.
وبينت الاستطلاعات أن الشباب الناجحين في أعمالهم والرجال الذين يمرون بمرحلة منتصف العمر، وعادة ما يكونون متزوجين أو مطلقين، هم أكثر المشترين للسيارات الرياضية.
لعبة الرجال الأولى
منذ اختراع السيارة كانت النماذج المصغرة منها لعبة الصبيان الصغار، وبينما تغيرت ألعاب البنات الصغيرات على مدى القرن الـ20 لتستقر على الدمية "باربي" أو الدمى الشبيهة بها، بقيت السيارة لعبة الصبيان ولم تتغير إلا في فترة لاحقة ولمدة قصيرة حين احتلت الطائرة بعد اختراعها محل ألعاب السيارات، لتعود السيارات من جديد إلى مكانتها بعد أن تبين أن طائرة الركاب تشبه الباص، ولكن بجناحين.
وفي معظم دول العالم يبدأ المراهقون قيادة السيارات قبل أن تسمح لهم السن القانونية وهي غالباً عند الـ18 من العمر، ثم حين يبلغ الشاب السن القانونية فإن أول ما يحاول اقتنائه هو سيارته الخاصة أو تكون السيارة هدية أهله لبلوغه السن القانونية، ومنذ ذلك الوقت تبدأ رحلة الرجل مع السيارة التي تبقى لدى البعض كامل حياتهم، وقد تتبدل بتبدل المراحل التي يمر بها الرجل صاحب السيارة، ولكن أكثر الأحيان يكون الفرح باقتناء جديدة مساوٍ للحزن بسبب مفارقة سيارة قديمة قادها صاحبها سنوات كثيرة فيها.
وتشير الأبحاث النفسية حول علاقة الرجل بالسيارة إلى أن الرجل الذي يبدل سيارته كثيراً يدل على أنه لا يرتبط بأي شيء لفترة طويلة، في حين أن الرجل الذي يحافظ على سيارته لأكثر 10 سنوات فيظهر أنه حارس جيد لما يملكه، ويمكن الاعتماد عليه.
أما الرجل الذي يترك سيارته غير نظيفة ومتهالكة ومن دون معاينة وتصليح وتجديد فهذا يدل على أنه كسول غير مقدر لممتلكاته، وغير منهجي في حياته، بينما الرجل الذي ينظف سيارته بصورة منتظمة ويبقيها نظيفة فإنه عدا عن حبه لسيارته فإنه ينشد الإتقان في ما يقوم به في حياته.
كتب أحد المقربين من سيارته في أحد المواقع الإلكترونية التي ينشر فيها رجال يروون تجاربهم مع سياراتهم وعلاقتهم بها، بأنه يعتقد "أن السيارات هي كيانات حية تتفاعل مع الطريقة التي تعاملها بها، يمكن تطوير علاقة معينة مع السيارة، وهذا ما لا يستطيع غير المتحمسين للسيارات من فهمه". وقال "لدي اعتراف صغير أدلي به، أتحدث بالفعل إلى سيارتي وأخبرها بما أشعر به وأعبر عن مدى تقديري لوقوفها إلى جانبي عندما كنت في أمس الحاجة إليها، مما ساعدني على أن أصبح أكثر تعبيراً في مجالات أخرى من حياتي، خصوصاً مع زوجتي وأصدقائي وأقاربي". وأشار إلى أن الرجال يطورون علاقة شخصية مع سياراتهم، لأنهم ينظرون إليها على أنها امتداد لشخصيتهم، كما أنهم يرون القوة والحرية والمغامرة في سياراتهم، كل سيارة لديها القدرة على أن تكون جزءاً يغير حياة عالم الرجل