الخوف والنهب والشحّ تطبع الحياة اليومية في تيغراي رغم اتفاق السلام

منذ 1 سنة 196

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 24/12/2022 - 19:00

أشخاص يسيرون من منطقة ريفية نحو بلدة مجاورة حيث يتم توزيع المواد الغذائية التي تديرها جمعية الإغاثة في تيغراي

أشخاص يسيرون من منطقة ريفية نحو بلدة مجاورة حيث يتم توزيع المواد الغذائية التي تديرها جمعية الإغاثة في تيغراي   -   حقوق النشر  Ben Curtis/Copyright 2021 The AP. All rights reserved

بالرغم من إبرام اتفاق سلام في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، يعيش إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا حالة من الفوضى والخوف والشحّ في سلع أساسية، فضلا عن العنف والنهب والطرد على أيدي حلفاء للجيش الفدرالي، وفق سكان وعاملين في المجال الإنساني.

منذ توقيع الاتفاق في بريتوريا بين سلطات المتمردين في تيغراي والحكومة الفدرالية الإثيوبية توقف القتال، ووصلت المساعدات الغذائية والطبية تدريجيا، كما أعيد ربط العاصمة الإقليمية ميكيلي بشبكة الكهرباء الوطنية.

لكن سكانا وعمال إغاثة في مختلف أنحاء تيغراي أكدوا لوكالة فرانس برس - معظمهم طلبوا عدم كشف هوايتهم لأسباب أمنية - أن نهب المدنيين واضطهادهم مستمران في المنطقة.

اختطاف ونهب

واتهم هؤلاء جيش إريتريا المتاخمة للحدود الشمالية لإقليم تيغراي، ومقاتلين من منطقة أمهرة الإثيوبية، المتاخمة لحدوده الجنوبية، وهما قوتان ساعدتا الجيش الإثيوبي في النزاع لكن قادتهما لم يشاركوا في محادثات السلام التي رعتها جنوب إفريقيا.

وبحسب اثنين من عمال الإغاثة زارا المنطقة بين نهاية تشرين الثاني/نوفمبر وبداية كانون الأول/ديسمبر، تنتشر هذه القوات على امتداد مئات الكيلومترات من غرب منطقة تيغراي إلى وسطها من بلدة حميرة إلى بلدة عدوة. ومن الصعب جدا التأكد بشكل مستقل من الوضع ميدانيا لأن الدخول إلى تيغراي محظور على الصحفيين.

وبعد أسبوعين من إبرام اتفاق السلام، قال عامل إغاثة مقره في شاير بشمال غرب تيغراي إن "قوات أمهرة تنهب منازلا ومكاتبا حكومية، فضلا عن عمليات خطف تستهدف أساسا شبانا وشابات... كما يواصل الجنود الإريتريون النهب وخطف الشباب". وأضاف أن "الجيش الإثيوبي وقوات الأمن الأخرى (ومن بينها الشرطة) تراقب ولا تتدخل".

عمليات اغتصاب

وأكد عامل الإغاثة وقوع أعمال عنف جنسي، وقال في الأول من كانون الأول/ديسمبر "حتى الآن، أحصت المنظمة التي أعمل بها 11 حالة اغتصاب". وفي منتصف كانون الأول/ديسمبر، تحدث أحد السكان عن مناخ رعب جراء "عمليات نهب وخطف مستمرة". وقال "منذ شهرين، صار شاير مدينة خالية تقريبًا... يسود الخوف المدينة".

وتابع المصدر أن "الحياة هناك محفوفة بالمخاطر"، كما يقف السكان في طوابير للحصول على المياه، وحلّت الحمير محلّ السيارات في الشوارع، والمال غير متوفر...

ودأبت سلطات المتمردين التي "فكّت ارتباط" ثلثي مقاتليها بعد الاتفاق، على اتهام الجيش الإريتري بقتل مدنيين. من جهته، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس المتحدر من تيغراي في الـ 15 كانون الأول/ديسمبر أن عمه "قتله الجيش الإريتري" مع خمسين قروياً آخر.

وقالت سيدة من سكان عدوة لوكالة فرانس برس في 22 كانون الأول/ديسمبر إنها تعرف "عائلة مكونة من سبعة أفراد قتلهم إريتريون في مريم شيويتو" وهي قرية تبعد حوالي عشرة كيلومترات عن المدينة. 

ويكن الإريتريون والقوميون الأمهريون عداوة تاريخية تجاه تيغراي. فقد كانت إريتريا عدوا لدودا لجبهة تحرير شعب تيغراي منذ الحرب الحدودية الدامية بين 1998 و2000 عندما كانت الجبهة تحكم إثيوبيا (1991-2018).

يعتقد بعض الأمهريين أنهم سُلبوا أراضي خصبة متصلة بتيغراي عندما تولت جبهة تحرير شعب تيغراي السلطة في البلاد عام 1991. وفي بداية النزاع في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، سيطرت قوات وميليشيات من إقليم أمهرة على قسم من غرب تيغراي.

"خائفون"

في جنوب غرب تيغراي، أكد أحد سكان بلدة ماي تسيبري في مطلع كانون الأول/ديسمبر أن "القادة الجدد (الذين قدموا) من منطقة أمهرة حظروا التحدث بلغة التيغرايا، وقاموا بترحيل وطرد التيغرايين الأصليين ونهب ممتلكاتهم".

وقال "نحن قلقون وخائفون على سلامتنا ومستقبلنا". وأضاف أن "القادة الجدد بدأوا في إصدار بطاقات هوية للسكان، الذين يعتبرونهم من إتنية أمهرة، وكذلك للمستوطنين الذين قدموا مع السلطات الجديدة".

كما أفاد عامل إغاثة زار هذه المنطقة بوصول العديد من الأمهريين، ولا سيما إلى حميرة، توازيا مع طرد تيغرانيين إلى الضفة المقابلة لنهر تيكيزي الذي يحدّ غرب تيغراي. وأشار هذا المصدر أيضا إلى إقامة معسكرات اعتقال.

في وقت مبكر من آذار/مارس 2021، شجبت الولايات المتحدة أعمال "تطهير إتني" في غرب تيغراي، وجددت منظمات غير حكومية الاتهامات بعد بضعة أشهر، لكن السلطات ما زالت تنكرها. واتصلت وكالة فرانس برس بحكومة إقليم أمهرة والحكومة الفدرالية لكنهما لم تستجيبا لطلبات التعليق.

"شعور مختلط"

أفاد عامل إغاثة آخر انتقل من شاير إلى عدوة في مطلع كانون الأول/ديسمبر عبر شمال تيغراي، بوجود "نقص خطير للغاية في الأدوية ووسائل النظافة والصرف الصحي".

أما في عاصمة الإقليم ميكيلي التي لا تزال تحت سيطرة المتمردين فإن "الناس يشعرون عمومًا بالخيبة والإحباط بسبب الوضع، إضافة إلى الشحّ العام في الغذاء والدواء والسكن"، وفق عامل إغاثة آخر مقيم في المدينة.

وأضاف هذا المصدر في مقابلة في السادس من كانون الأول/ديسمبر "بدأت السوق تعود إلى الحياة مع تحسن العرض، لكن الضروريات الأساسية لا تزال باهظة الثمن".

في مستشفى آيدر الرئيسي في ميكيلي "ما زال الوضع كما كان قبل 18 شهرًا"، وفق المسؤول كيبروم غيبريسيلاسي الذي يضيف أنه "لا توجد حتى الآن ميزانية، فالأدوية التي نتلقاها تأتي من التبرعات التي بالكاد تغطي احتياجات المرضى ليوم أو يومين".

ويتحدث هذا الطبيب وكذلك أحد سكان المدينة عن "شعور مختلط" لدى الأهالي. ويوضح غيبريسيلاسي أن "الجميع سئم الحرب، فالسلام هو ما يريده الناس قبل كل شيء. ولكن الجميع يخشى أن يتم استخدام اتفاق السلام للتغطية على الجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبت في العامين الماضيين"، مستنكرا استمرار "المجازر".

وأضاف "شعب تيغراي (...) متروك لوحده في مواجهة القوات الأجنبية المحتلة التي تقتل دون عقاب"، مشددا على أن "السعي للسلام لا يعني التخلي عن العدالة".

ويتابع المسؤول الصحي "أريد أن أكون متفائلًا" رغم أنه لم ير "تقدمًا واعدًا" حتى الآن، ويختم "بعد كل هذه الدماء والكراهية، لن تعود الأمور بسرعة إلى طبيعتها. يستغرق الأمر وقتًا".