ملخص
"الحيه بيه" هي إحدى تلك الممارسات الشعبية التي يتميز بها المجتمع البحريني في عيد الأضحى، وتبدأ في الأول من ذي الحجة بتجمع الأطفال الصغار، إذ يحضر كل طفل الخامات التي يحتاج إليها لزراعة الحية.
ما إن تشرق شمس عيد الأضحى في البحرين حتى يهرع الأطفال للاحتفال بطريقة خاصة وهم يرتدون اللباس التقليدي في أجواء احتفالية رفقة الآباء والأجداد اللذين يحرصون على دفع أولادهم للاحتفال بعادات نادرة، خوف انقراضها مع انتشار التقنيات الحديثة.
و "الحيه بيه" هي إحدى تلك الممارسات الشعبية التي يتميز بها المجتمع البحريني في عيد الأضحى، وتبدأ في الأول من ذي الحجة بتجمع الأطفال الصغار، إذ يحضر كل طفل الخامات التي يحتاج إليها لزراعة الحية، وهي عبارة عن سلال الخوص الصغيرة تزرع فيها بعض حبوب الشعير والقمح أو العدس، وتعلق في مكان آمن يتعرض للهواء وأشعة الشمس، ويتعهدها الطفل بالزي مع المحافظة عليها ورعايتها، وهو الجزء المهم في هذه الممارسة الشعبية.
في ليلة العيد وبعد صلاة المغرب مباشرة يعبر هؤلاء الأطفال عن فرحتهم بالعيد، إذ يقومون بالاصطفاف جنباً إلى جنب في مكان مرتفع قليلاً مرددين الأهازيج الخاصة بالحية، ثم يرمونها بعيداً وغالباً ما تكون في البحر، ومن ثم يدعون الله أن يجعل عيدهم سروراً ويعيد حجاجهم من بيت الله الحرام سالمين ومحملين بالهدايا لهم.
طقوس الغرس والإغراق
" ياحيتي يا بيتي، راحت حية وجات حية، على درب لحنينية".. أنشودة رددها الأطفال الصغار في محافظة المحرق خلال تجمعهم على الشاطئ قبل رمي حياتهم في البحر، في تقليد شعبي يجري في التاسع من ذي الحجة يوم الوقوف بعرفات، وترى الطفلة دلال محمد أن "الحيه بيه" من الموروثات القديمة التي تربت عليها في أسرتها والمجتمع البحريني، وتضيف بأن والديها يهتمان بالتراث والحرص على مشاركتها بشكل سنوي.
وتهتم كثير من الأسر البحرينية بهذا التقليد الموسمي وتعتبر السيدة عبله عبدالله أن "الحيه بيه" تقليد بحريني شعبي اجتماعي في عيد الأضحى متأصل ومتوارث من الآباء والأجداد، ويحمل معاني كثيرة "تسهم في غرس حب التراث الشعبي وممارسته وغرسه في نفوس الأجيال، والمحافظة على الطابع التراثي من خلال العادات التي يسودها هذا التقليد".
وتضيف أن هذا النوع من الاحتفالات يتسم بطابع التراث البحريني القديم من خلال تزيين الأطفال وحرصهم على ارتداء الزي التقليدي للفتيات وهو "البخنق" المطرز بخيط الزري وترديد الأهازيج الخاصة بهذه المناسبة.
وعلى رغم تعدد أشكال التغيير التي طاولت مناحي الحياة كافة يظل هذا التقليد الشعبي البحريني ثابتاً في عيد الأضحى لدى كثير من البيوت البحرينية، إذ تحافظ الأسر عليه وتتناقله الأجيال عبر التاريخ لتؤكد صلابة الثقافة الشعبية البحرينية وقدرتها على البقاء .
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وترى السيدة سبيكة الهلال أن "أنشودة الحيه بيه بمثابة حوار يدور بين الفتيات الصغيرات اللاتي زرعن بيدهن نبتة "الحية بية" التي قمن بالاهتمام بها ورعايتها على مدى ثمانية أيام".
وتوضح الطفلة البحرينية مريم جعفر أن حجم الغرس يتفاوت بحسب الرعاية والاهتمام بالنبتة، ولكن بشكل عام تبدأ الزراعة منذ الأول من شهر ذي الحجة "وطوال هذه الأيام تقوم كل فتاة برعاية نبتتها حتى تصبح جزءاً منهن، وفي يوم الوقفة تتسابق الفتيات على رمي حياتهن في البحر".
تراث لامادي
وبحسب الباحث في التراث الشعبي البحريني فوزي العبدالله "فإن الحيه بيه عادة تحمل دلالات رمزية وتعتبر موروثاً من التراث البحريني حافظ الأهالي عليه ليفرح الأطفال باستقبالهم عيد الأضحى المبارك، واحتضنت الجهات المعنية هذه الفعالية بغية الحفاظ عليها كموروث شعبي وتراثي، وأقامت من أجله الفعاليات المصاحبة، كما أن الاحتفال بات تسهم في تنشيط الحركة السياحية والترويج للسواحل والشطآن الجميلة التي تزخر بها المحافظة".
ومن دلالات الموروث، كمال يقول العبدالله، احتفال المشاركين بقرب رجوع الحجاج، إذ يشارك الأطفال وتنبثق من تجاربهم مع البيئة المحيطة بهم، وهي من التراث اللامادي في مملكة البحرين وبعض دول الخليج العربي، وتسعى الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتراث إلى الحفاظ عليه من الاندثار وإحياء عادة "الحية بية" لتستمر وتصل إلى الأجيال المقبلة.