الحلو والمالح في طبق واحد يُثري المطبخ الشرقي

منذ 1 سنة 302

الحلو والمالح في طبق واحد يُثري المطبخ الشرقي

اللحم بالموز المقرمش والبطاطس المقلية بالشوكولاته أحدث الابتكارات

الأحد - 27 شعبان 1444 هـ - 19 مارس 2023 مـ رقم العدد [ 16182]

سمك الترس مع الريزوتو (شيف أحمد علام) - الملح يعطي نكهة مميزة لأطباق الحلوى في بعض الوصفات (شيف ميدو برسوم) سلمون تارتار مع التفاح الأخضر وجل اليوزو والسمسم (شيف أحمد علام) - شوكولاته مليئة بكريمة التوت الأزرق مع فتات الكيك الإسفنجي وكريمة الباشون فروت ورشة ملح (شيف سعيد سعد شحاته) - إضافة البرتقال وقليل من الملح للحلويات (شيف ميدو برسوم)

القاهرة: نادية عبد الحليم

يتوقع أن يكون المزج بين النكهات الحلوة والمالحة في طبق واحد، أحد أكثر اتجاهات الطعام انتشاراً في عام 2023، إذ بات الطهاة يقدمون العديد من الوصفات التي تحقق ذلك، انطلاقاً من أنه يسهم في خلق توازن مثالي بين المكونات.
المدهش أن الاقتران بين المذاقين الحلو والمالح لا يقتصر على الحلويات وحدها مثلما كان في السابق؛ حيث أصبح هناك اهتمام بهذا الجمع حتى في الأطباق الرئيسية على المائدة. واتجه بعض الطهاة إلى القول إن لمسة فقط من الملح مع أحد عناصر التحلية مثل العسل يمكن أن تعزز نكهة أي طبق بطريقة تشبه إضافة تأثير البهارات.
ويرضي المزج بين الجانبين الرغبة الشديدة لدى البعض في الجمع بين المكونات الحلوة والمالحة بكل فوائدها ومذاقاتها في قضمة واحدة، حسب الشيف المصري سعيد سعد شحاتة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المزج تقنية مستخدمة على نطاق واسع في المطبخ منذ العصور القديمة. فعلى سبيل المثال، استخدم المطبخ الروماني القديم مزيج العسل والخل في طهي اللحوم والأسماك لإكسابها مذاقاً مميزاً».
ويتابع: «الآن توجد وصفات عديدة في ثقافة تذوق الطعام في عديد من المطابخ الأوروبية، وفي مقدمتها إيطاليا... وربما تكون مفاجأة للبعض أن الجمع بين المذاق الحلو والمالح يحظى بمكانة مميزة في المطبخ الشرقي»، مشيراً إلى اللحم بالبرقوق، وهو طبق مغربي أصيل يعتمد على المزج بين الحلو والمالح، ويتميز بطعم رائع يكتسب خصوصيته من الخلط بين البهارات الشرقية والفواكه الجافة، مما يعزز النكهة، كما يُعتبر الدجاج مع الصلصة الحلوة من الأطباق التي لا تقاوم في المطبخ الصيني.
ويرى شيف ميدو برسوم إضافة الملح للحلويات «عدسة مكبرة للطعم»، فهي تعزز المذاق وتبرزه؛ وذلك هو سر إضافة ملعقة صغيرة من الملح إلى الحلويات والمخبوزات؛ فلكي تستمتع بطعم «الكيك الكلاسيكي» على سبيل المثال، ينبغي إضافة «رشة» من البرتقال إليه.
أما عن مزج السكر أو العسل أو المكونات المسكرة عموماً بالأكل «الحادق»، فهو يمثل «سكة مختلفة» أو طريقة أخرى للطهي، حسب ميدو، إذ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل المطابخ والثقافات تفعل ذلك بشكل أو بآخر، وأبسط مثال هو إضافة السكر إلى صلصة الطماطم في المطبخ الإيطالي؛ وذلك لأن الطماطم عالية الحموضة؛ ومن ثم نحن نعادل الحمضية، ونمنع أن تتحول إلى مكون حامٍ عبر إضافة السكر إليها».
ويلفت إلى أنه من أبرز الأمثلة على ذلك، ما نتناوله كثيراً من دون أن ننتبه إلى أنه خليط من هذه المكونات، وهو «صوص الترياكي» الذي يدخل في إعداد عديد من وصفات الدجاج واللحوم، وهو في الأصل مصنوع من الصويا والسكر بجانب الثوم والخل والزنجبيل، وهنا يبرز المطبخ الآسيوي الذي يحتفي بكمية السكر المضافة، وهو يعتمد السكر البني أو العسل بدلاً من السكر الأبيض المكرر.
حتى إذا كنت لا تتفق معنا وتفضل أطباقك الحلوة والمالحة بشكل منفصل، فإنك ربما تغير رأيك بعد تذوق بعض الوصفات التي تجمع بينهما والتي تقدمها شيف ندى الهادي في مطبخها، ومنها شرائح اللحم بالموز المقرمش، ففي هذه الوصفة ستعثر على توازن رقائق الموز الحلوة المقرمشة بين ثنايا الطبق اللذيذ المحمل بالتوابل، أيضا جرِّب -وفق نصائحها- مذاق الموز مع زبدة الفول السوداني المالحة، فهما يعملان معاً بشكل رائع وفق نصيحتها، كما تقدم وصفة أخرى لعشاق الدجاج تعتمد على إضافة الخوخ والزيتون المفرومين معاً إليها.
وقد تقف طويلاً أمام غرابة وصفة البطاطس المقلية المغموسة في اللبن المخفوق بالشوكولاته، التي قد تكون بمثابة «كابوس» فيما يتعلق بعدد السعرات الحرارية، لكنها رائعة المذاق وتناسب الباحثين عن زيادة الوزن، بحسب ندى: «إن حلاوة الشوكولاته تعمل بشكل جيد مع ملوحة البطاطس المقلية، والدليل على ذلك أن كثيراً من المطاعم اتجهت إلى تقديم (الميلك شيك) بجانب البطاطس المقلية الساخنة».
وتقدم الشيف وصفة للبط تعتمد على دهنه بالتفاح المكرمل، كما تقوم كذلك بهرس الكمثرى وقليها في الزيت مع السكر البني، ثم إضافتها إلى المعكرونة التقليدية، وكذلك تضيف الأناناس إلى البيتزا، أو برغر السلمون. تقول: «في الصباح الباكر البعض لا يكون مقبلاً على تناول الإفطار، لكن الأمر سيختلف كثيراً إذا قمت بإعداد ساندوتش الجبن الذي تحبه مع شريحة من الخس، وأخرى من الطماطم، مع طبقة من كريمة الشوكولاته أو (النوتيلا)، كما يمكنك أن تستغني عن المايونيز في ساندوتش الدجاج أو البطاطس، لتضيف بدلاً منه طبقة من الشوكولاته». أما الزعتر الطازج فعند إضافته إلى العسل الحلو فإنه يعزز النكهة الكريمية لجبن «الريكوتا» المعتدل في المقبلات، لذلك تنصح به الشيف.
ومن أكثر الوصفات التي تقدمها جرأةً، هي «برغر الدونات» وتورتة التفاح مع الأعشاب الطازجة والجبن اللاذع. وتعتبر المكسرات جسراً بين الحلوى والموالح؛ فهي مثلما تقوم بتغليفها بالسكر أو تحميصها بالزبدة واستخدامها في الأطعمة الحلوة، مثل البسكويت أو الكعك، تقوم كذلك بتحميصها بالملح والثوم.
أما الفاكهة، مثل المانجو، أو التفاح، أو البطيخ؛ فهي تتفنن في تنسيقها في الأطباق لكن بعد إضافة الملح إليها، تقول: «الملح يعزز الحلاوة الطبيعية للفاكهة؛ لذلك حين ترغب في تناولها من دون أن تشعر بـ(ميوعة الطعم) فما عليك سوى أن ترش القليل جداً من الملح عليها».
تقول لـ«الشرق الأوسط»: «دمج الحلو والمالح بشكل صحيح أمر رائع في الطهي، لأنه يخلق (طبقات للنكهة) أو عمقاً لها، كما أنه يعني التجديد والابتكار في مطبخك». وتلفت: «لكن من المهم للغاية معرفة المكونات التي تتوافق معاً، والأطعمة التي يكمل بعضها بعضاً، فضلاً عن الاختلافات الثقافية في الاقتران بالطعام؛ فحينئذ ستحصل على نكهات ونتائج مذهلة، وهو شيء يحدث من خلال الخبرة والاطلاع الواسع في عالم الطهي».
ومن أشهر الطهاة الذين يمزجون بين المالح والحلو: شيف أحمد علام، الذي يقدم وصفات متنوعة؛ منها طبق آموس بوش سالمون تارتار مع التفاح الأخضر وجل اليوزو والسمسم، وكذلك لحم الدجاج مع الترافل الأسود، ومربى الأناناس، وبسكويت الجبن بالبارميزان مع مربى التين الحارة، أما سمك الترس فيقدمه مع الريزوتو ومشروم الشيميغي بصوص الترياكي.


مصر مذاقات