القاهرة، مصر (CNN)-- تواصل الحكومة المصرية تنفيذ خطتها للإصلاح الاقتصادي، التي تشمل رفع الدعم عن المواد البترولية بشكل كامل بنهاية 2025، في خطوة تهدف إلى تقليل عجز الموازنة وتحقيق استقرار مالي.
ويأتي هذا في إطار التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي، الذي اشترط في مراجعته الأخيرة إعادة هيكلة الدعم لضمان كفاءة توزيع الموارد المالية.
ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر بقيمة 1.2 مليار دولار، كما أقر طلب السلطات بالحصول على تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار من صندوق المرونة والاستدامة.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن الحكومة مستمرة في تنفيذ خطتها التدريجية لرفع الدعم عن الوقود بحلول نهاية 2025، مع الإبقاء على بعض أشكال الدعم، مثل "الدعم البيني" بين المنتجات البترولية، لضمان تحقيق التوازن في الأسعار، وشدد على أن السولار وأنبوبة البوتاجاز ستظل مدعومة، مراعاة للفئات الأكثر احتياجًا.
وبلغ صافي الإحتياطيات الدولية نحو 47.39 مليار دولار أمريكي في نهاية فبراير/ شباط 2025 وفقا لبيان رسمي للبنك المركزي المصري.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء السفير محمد الحمصاني، إن الدولة "مستمرة في جهودها لاستكمال مشروع الإصلاح الاقتصادي"، موضحا أن "ترشيد الدعم يأتي ضمن أولويات الحكومة لضمان وصوله إلى مستحقيه".
وأوضح أن "عملية رفع الدعم ستتم تدريجيًا وبصورة متوازنة، مع استمرار دعم بعض المواد البترولية، بحيث يتم تغطية تكلفة بعض المنتجات البترولية من خلال تسعير منتجات أخرى، للحفاظ على مستوى أسعار السولار عند حد متوازن، نظرا لتأثيره المباشر على العديد من الخدمات".
وأكد الحمصاني أن الحكومة "مستمرة في دعم السولار والبوتاجاز حتى بعد انتهاء العام المالي، لأنهما يؤثران بصورة مباشرة على أسعار السلع، خاصة تلك التي تهم محدودي الدخل".
وشدد مدبولي على أن الدولة تستهدف خفض معدل التضخم إلى 10% بحلول 2026، لافتًا إلى أن ا"لاحتياطيات الدولارية مستقرة، ما يساعد على تقليل الضغوط الاقتصادية"، وأضاف أن "رفع الدعم لن يكون خطوة مفاجئة، بل سيتم تنفيذه تدريجيًا لتجنب حدوث صدمات سعرية كبيرة".
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب الدكتور فخري الفقي، إن "رفع الدعم عن المواد البترولية سيكون له تأثير على معدلات التضخم، لكنه سيكون تأثيرا مؤقتًا، نظرًا لأن القرار يتم تطبيقه بشكل تدريجي وانتقائي".
وأضاف الفقي، في تصريحات، خاصة لـ CNN بالعربية، أن "الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو تقليص عجز الموازنة وإعادة توجيه الدعم إلى القطاعات الأكثر احتياجًا، مثل الصحة والتعليم وبرامج الحماية الاجتماعية".
وتابع أن "دعم المواد البترولية في الموازنة العامة يصل إلى نحو 155 مليار جنيه، يذهب 60% منها إلى دعم السولار وحده، ما يستوجب إعادة هيكلة الدعم لضمان وصوله إلى الفئات المستحقة"، وأشار إلى أن "استمرار الدعم على السولار والبوتاجاز لن يكون بنفس الآلية السابقة، حيث سيتم تغطيته من خلال تحريك أسعار المنتجات الأخرى، بما يحقق التوازن في السوق".
وشدد على أن "معدلات التضخم بدأت في الانخفاض بشكل ملحوظ، حيث تراجع معدل التضخم السنوي إلى 12.8% في فبراير 2025، مقارنة بـ23.2% في يناير/ كانون الثاني من نفس العام"، مؤكدًا أن "استقرار سعر الصرف وتحسن تدفقات النقد الأجنبي كانا من العوامل الرئيسية وراء هذا التراجع".
وسجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 1.4% في فبراير 2025 مقابل 11.4% في فبراير 2024 و1.5% في يناير 2025، وعلى أساس سنوي سجل معدل التضخم العام للحضر 12.8% في فبراير 2025 مقابل 24.0% في يناير 2025.
وقال الخبير الاقتصادي مصطفى إبراهيم إن "رفع الدعم عن المواد البترولية بالكامل قد تكون له تداعيات معقدة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية"، مشيرا إلى أن "الحكومة قد تبقي على جزء من الدعم للسولار، نظرًا لارتباطه بقطاعات حيوية مثل النقل والزراعة، بالإضافة إلى استمرار دعم غاز المنازل والمصانع".
وأضاف إبراهيم، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن "الزيادات المتوقعة في أسعار الوقود، خصوصا البنزين تأتي ضمن جهود تقليص عجز الموازنة والتزام مصر بشروط صندوق النقد الدولي"، وأشار إلى أن "هناك مراجعة جديدة من الصندوق في يونيو/ حزيران"، متوقعا أن "يكون لها تأثير مباشر على قرارات تسعير الوقود".
وأوضح أن "التحول إلى الدعم النقدي يجب أن يكون متناسبا مع معدلات التضخم"، مشيراً أن "ثبات قيمة الدعم رغم ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى تآكل قيمته الحقيقية".