الحكومة الصومالية تشن"حربا شاملة" على حركة الشباب في الصومال

منذ 1 سنة 150

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 26/11/2022 - 19:21

جنود ملثمون من الجيش الوطني الصومالي يفتشون في المنازل بحثاً عن مقاتلين من حركة الشباب ، خلال عملية في إيلشا بياها. 2012/06/02

جنود ملثمون من الجيش الوطني الصومالي يفتشون في المنازل بحثاً عن مقاتلين من حركة الشباب ، خلال عملية في إيلشا بياها. 2012/06/02   -   حقوق النشر  Farah Abdi Warsameh/AP

تنخرط الحكومة الصومالية منذ ثلاثة أشهر في "حرب شاملة" ضدّ مسلحي حركة الشباب، معتمدة استراتيجية جديدة تبدو طويلة ومحفوفة بالمخاطر، رغم المكاسب العسكرية الأخيرة.

وتحارب الشباب، وهي جماعة مرتبطة بالقاعدة، الحكومة منذ العام 2007 من أجل فرض أحكام الشريعة الإسلامية. وطُردت من المدن الرئيسية بين العامين 2011 و2012، إلّا أنها تبقى منتشرة في مناطق ريفية واسعة.

من يحارب الشباب؟

منذ تموز/يوليو، تكافح عشيرتان في منطقتي غالمودوغ وهيرشابيل في وسط الصومال، للتحرر من ضغوط حركة الشباب المحلّية. وقررت الحكومة في بداية أيلول/سبتمبر إرسال الجيش، بما في ذلك القوات الخاصة "داناب" المدرّبة من قبل الجيش الأميركي، لدعم هذه المليشيات العشائرية التي تُسمّى "ماكاويسلي" - استناداً إلى الاسم التقليدي (مكاوي) الذي يحمله بعض هؤلاء المقاتلين المدنيين.

ويقول الباحث لدى مجموعة الأزمات الدولية عمر محمود: "إنّ الحكومة تريد انتهاز الدينامية الحالية وتشجيع انتفاضات كهذه، في المناطق الخاضعة لسيطرة الشباب".

عدد الجنود المشاركين في هذا الهجوم الكبير غير معروف. لكن بالنسبة "للمكاويسلي" فقد أفيد عن مشاركة ألفين إلى ثلاثة آلاف مقاتل، بينما تُقدّر أعداد المقاتلين في حركة الشباب بين خمسة آلاف وثمانية آلاف في جميع أنحاء البلاد.

وبإسناد من الضربات الجوية الأميركية والدعم اللوجستي والمدفعي من قوة الاتحاد الإفريقي (أتميس)، استعادت هذه القوات العسكرية السيطرة على محافظة هيران ومناطق واسعة من شبيلي الوسطى.

وفي تغريدة على تويتر أكد نائب وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمان عدالة، أن قوات بلاده تمكنت من القضاء على 100 عنصر من عناصر حركة الشباب "لإرهابيين"، بدعم من الشركاء الدوليين الأمنيين للصومال.

ما هي استراتيجية الحكومة؟

في منتصف تموز/يوليو، وضع الرئيس حسن شيخ محمود استراتيجية مفصّلة على "ثلاث جبهات": عسكرية، إيديولوجية واقتصادية، وقال: "إنّ السياسات السابقة كانت عسكرية تمثّلت في الهجوم والتدمير. لكنّ مشكلة الشباب أكثر من كونها عسكرية".

وتمثَّل أول إجراء اتخذه في تعيين مختار روبو وزيراً للشؤون الدينية، وكان هذا الأخير مؤسساً لحركة الشباب التي غادرها في العام 2017. ومنذ ذلك، يتعاون روبو والحكومة للجم نفوذ حركة الشباب.

ومن أجل وقف مصادر تمويل الحركة، أعلنت الحكومة أيضاً أنّ أيّ شركة تدفع "الضرائب" التي تطلبها حركة الشباب، سيُلغى ترخيصها. وأعلن حليفها الأميركي تقديم حوالى عشرة ملايين دولار، في مقابل أيّ معلومات تسمح "بتعطيل الآليات المالية".

ووفق سميرة قايد في معهد هيرال المتخصّص في الشؤون الأمنية، فإنّ "الحكومة تسعى إلى إرساء مناخ من الثقة بين السكان حتى تقف في وجه الجماعة (حركة الشباب). ولا يزال من الصعب معرفة مدى تأثير هذه التصريحات".

إلى ذلك قال الرئيس الصومالي حسن محمد في تغريدة على تويتر، إن الصومال لن يكون آمنا، ما لم يتم القضاء على حركة الشباب، وغن أمن البالد وسلانتها يتوقف على استئصالهم من الصومال.

ما هو ردّ فعل الشباب؟

في وسط البلاد، تراجع الشباب على الأرض، لكن عمر محمود يلفت إلى أنّ حركة الشباب عادة ما تملك استراتيجيات طويلة الأمد، ويقول: "حتى لو خسرت على المدى القصير، إلّا أنّها ستحاول العثور على طرق لتقويض تقدّم الحكومة حتّى تتمكّن من العودة".

وقد عادت الحركة أخيراً إلى بعض المناطق التي تركتها القوات الفدرالية خلال تقدمها. بموازاة ذلك، تشنّ المجموعة حملة هجمات دموية في المدن. فقد شهدت الصومال في 29 تشرين الأول/أكتوبر الهجوم الأكثر فتكا منذ العام 2017، والذي أدى إلى مقتل 121 شخصاً وإصابة 333 آخرين في هجومين بسيارتَين مفخّختين في مقديشو.

ورغم أنّ هذه الهجمات الدموية تتكرّر في ظلّ كلّ تغيير تشهده البلاد، إلّا أنّها تأتي أيضاً رداً على تهديد "وجودي" للشباب، حسبما تضيف قايد، وتقول "إنهم يردّون بقوة لصدّ وثني العشائر الأخرى عن الانضمام إلى القتال".

هل يمكن "تحرير" البلاد؟

أكد حسن شيخ محمود في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر أنّ "العودة إلى الوراء أو الهزيمة ليسا خياراً". لكنّ "تحرير البلاد" الموعود ستتخلّله تحدّيات كبرى. وفي هذا السياق، يقول عمر محمود إنّ "الأكثر صعوبة ليست استعادة الأراضي"، مضيفاً أنّ "الأكثر صعوبة يتمثّل في الحفاظ على الأراضي (المستعادة)، وأن تكون الحكومة حاضرة، وأن تحمي السكان وتقدّم لهم الخدمات كي يلمسوا مزايا البقاء تحت سيطرتها".

وأظهر التاريخ أنّه بدون سلطة، تعود الخصومات بين العشائر للظهور كما تعود الشباب للظهور أيضاً. ووردت أنباء أخيراً عن اشتباكات بين العشائر في بعض المناطق "المحرّرة".

ويقول عمر محمود إنه بما أنّ الحكومة لم تبادر للهجوم، "يبدو أنّ التخطيط لما بعد التحرير ثانوي"، مشيراً إلى أنّ "الحكومة تبدو أكثر تركيزاً على توسيع الهجوم".

لن يكون من السهل توسيع نطاق الهجوم ليشمل مناطق أخرى. وتلعب العشائر دوراً رئيسياً في الهجوم الحالي، لكن ليس من المؤكد أنّ الجميع سيفعلون الشيء نفسه، خصوصاً في جنوب الصومال الذي يعدّ معقلاً تاريخياً للشباب.

منذ 15 عاماً، فشلت كلّ محاولات القضاء على هذه الحركة عسكرياً. وأعلن حسن شيخ محمود في تموز/يوليو أنّ "هناك حججاً قوية" للمفاوضات، لكنه أضاف "لسنا في وضع يسمح لنا حالياً بالتفاوض مع الشباب. سنفعل ذلك في الوقت المناسب". بالنسبة إلى سميرة قايد، "كان من الواضح دائماً للحكومة أنّ المفاوضات لا يمكن أن تتم إلا عندما تكون في وضع ملائم". وتقول قايد إنّ الهجوم الحالي قد يساعد في "منح تقدّم للحكومة قبل المحادثات في وقت لاحق".