الجزائر تحرك الركود الثقافي بين طلابها بـ"سينما الجامعة"

منذ 1 سنة 204

شرعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية بالتنسيق مع وزارة الثقافة والفنون في بث أفلام سينمائية على مستوى الجامعات والإقامات الجامعية، في خطوة تهدف إلى تحريك الركود الثقافي داخل عدد من المؤسسات الجامعية.

وجاء في بيان مشترك للوزارتين أن المشروع الذي أطلق عليه "سينما الجامعة" يهدف إلى "تحسين الحياة الجامعية وترقية مختلف النشاطات في الوسط الجامعي وتشجيع الجامعة على الانفتاح أكثر على محيطها الثقافي والفني".

وفي مرحلة أولى انطلق المشروع الثقافي من جامعة أمحمد بوقرة بمحافظة بومرداس بعرض فيلمين جزائريين قبل تعميم فعاليته على مستوى عدد من المؤسسات الجامعية والخدماتية في محافظات البويرة والبليدة وتيبازة وتيزي وزو والمسيلة وسطيف.

حلقة وصل

وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري كمال بداري قال إن إدماج الجامعة في الحياة الثقافية من خلال السينما هو ضمن البرامج الاستراتيجية التي تسعى دائرته الوزارية إلى تحقيقها، مشيراً إلى أن تظاهرة "سينما الجامعة" تهدف إلى تعزيز السينما ومكانتها في الوسط الجامعي وتشجيع روح الإبداع لدى الطلاب.

وأضاف أن إدماج الطالب الجزائري في الحياة الثقافية من خلال الأفلام السينمائية يسمح له بالاطلاع أكثر على المجتمع والتواصل معه، وتابع أنه "يتوجب على الجامعة أن تؤثر في محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ولا يمكن لها أن تبقى معزولة عنه".

وبحسب الوزير فإن مشروع "سينما الجامعة" يعد "حلقة وصل ما بين الجامعة وما يعيشه المواطن من انشغالات واهتمامات في شتى مناحي الحياة"، على اعتبار أن الجامعة "في خدمة المجتمع وتعمل على تلبية حاجاته"، منوهاً بضرورة الارتقاء بالجامعة الجزائرية لتكون "مؤسسة اجتماعية يكون فيها الطالب هو المواطن والمنتج في الوقت نفسه".

من جهتها قالت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي إن هذه المبادرة تندرج في إطار تفعيل اتفاق الشراكة بين قطاعي الثقافة والتعليم العالي، وتهدف بالأساس إلى "تعزيز دور السينما ومكانتها في الوسط الجامعي مع نشر قيم المواطنة لدى الطالب الجزائري والاعتزاز بمقومات الشخصية والهوية الوطنية، وتعزيز روح المبادرة والإبداع لدى الطلاب الجزائريين وتشجيعها من خلال الأفلام الهادفة والمنوعة التي ستعرض ضمن هذه الفعالية الثقافية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وموازاة مع مشروع "سينما الجامعة" أطلقت أيضاً تظاهرة "القافلة السينمائية" المدرجة ضمن المشروع نفسه والتي ستجوب في مرحلة أولى عدداً من المؤسسات الجامعية بالمحافظات الجزائرية.

وتمتد هذه القافلة الثقافية من الـ 16 من يناير (كانون الثاني) الماضي إلى التاسع من فبراير (شباط) الحالي، وتتضمن عرضاً كل ثلاثاء لفيلمين جزائريين أحدهما طويل والآخر قصير، متبوعاً بنقاش مفتوح.

ولم تكن الجزائر من الدول التي تتيح درس الإخراج السينمائي وكل التقنيات المتعلقة بالإنتاج السينمائي في جامعاتها خلال العقود الماضية، إذ تم إدراج درس تخصصات الإنتاج السينمائي والثقافي للمرة الأولى ضمن برنامج التكوين المهني منذ السنة الجامعية 2022 – 2023، واعتمدت المرحلة الأولى في خمس محافظات نموذجية على غرار الجزائر العاصمة وقسنطينة وتلمسان وبشار وغرداية، مما يوضح تراجع اهتمام السلطات بتكوين خبراء ومتخصصين في الإنتاج السينمائي.

مبادرة ظرفية

وترى الطالبة بكلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3 محجوبة عبدلي أن "سينما الجامعة" مبادرة قيمة جداً، لا سيما أن الطالب في الوقت الراهن لا يملك ثقافة السينما كثيراً نتيجة التطور التكنولوجي والثورة الرقمية التي اكتسحت الجيل، مما جعل دور السينما مهجورة أو بالأحرى لا تعرف إقبالاً كبيراً من طرف الطلاب.

وقالت عبدلي لـ "اندبندنت عربية" إنه "من خلال هذه المبادرة يمكن إعادة الاعتبار للفن السابع الذي همش في الجزائر، خصوصاً في الجامعات، فلا توجد نواد سينمائية جامعية كثيرة، وإن كانت موجودة فنشاطاتها محدودة، وعلى سبيل المثال أذكر نادي ’سينما الطلبة الجزائريين‘ بكلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3 الذي يهتم بنشر الثقافة السينمائية في الوسط الجامعي ويسلط الضوء على قضايا متنوعة، إلا أن جائحة ’كوفيد-19‘ حالت دون استئناف نشاطاته".

thumbnail_326239324_1201466747474211_6018264579275299413_n.jpg

وتضيف، "يجب ألا ننكر أن الطالب الجامعي لا يهتم كثيراً بالسينما والأفلام التاريخية والاجتماعية ويحبذ مشاهدة الأفلام وحده في المنزل وعبر المنصات العالمية التي تزرع قيماً وأفكاراً مغايرة لثقافة مجتمعه، ولهذا فإن مبادرة سينما الجامعة قيمة جداً لما يلعبه الفن السابع من دور مهم في التنشئة الاجتماعية والثقافية وكذا الأيديولوجية"، مشيرة إلى أن "مثل هذه المبادرات الثقافية تجعل الطالب الجزائري ينخرط في مجتمع ويعبر عنه ويصبح فرداً فعالاً فيه". وتابعت، "يجب أن تكون تلك المبادرات دائمة لا ظرفية وتزول في وقت ما، لأن الاغتراب الاجتماعي والفكري أصبح كابوساً يراود الشاب الجزائري".

شراكة وإبداع

وتعليقاً على المشروع يقول الإعلامي الجزائري المهتم بالشأن الثقافي صالح عزوز في حديثه إلينا إنه "من جهة الإطار العام للفكرة فهي مبادرة حسنة وجب الحرص على تطبيقها في الواقع لكي لا تبقى مجرد فكرة على ورق وحبيسة الأدراج كغيرها من البرامج الأخرى".

وأوضح عزوز أن "هذه الشراكة بين وزارة التعليم العالي ووزارة الثقافة يمكن لها أن تصبح باباً لولوج عالم الإبداع، وتمكن الطالب من أن يصبح طرفاً فعالاً في النشاط الثقافي بكل حقوله، بل منتجاً وممثلاً ومخرجاً من خلال كثير من الورشات التي سيستفيد منها خلال هذه التجارب إن سارت هذه الشراكة بين الطرفين وفق ما سطر له بين الوزارتين".

ويضيف، "الشيء الواجب اليوم هو محاولة إرساء أسس لهذه الشراكة من أجل تقريب الطالب من الحياة الثقافية وفتح مناخ آخر له بالتوازي مع التحصيل العلمي والانفتاح أكثر على السينما ابتداء من المحيط الذي يعيش فيه، وهذا ما يسمح له بتحصيل قواعد متينة في المجال الثقافي بكل فروعه".

وتابع، "في انتظار ما قد تفصح عنه الأيام المقبلة في هذا المجال يبقى أن نذكر أن المبادرة هي الأولى من نوعها، مما يتطلب بعض الجهد والوقت من أجل إرساء أسس متينة لهذا المشروع".