الموتى لا يكذبون، يخبرونك بالحقيقة، أو فقط يصمتون، هكذا هي الحياة داخل ثلاجة الموتى لا حديث سوى بالحقيقة، فهنا عالم لا يعرف الكذب والنفاق.
في عالم الموتى قصص وروايات لا يتحدث بها الموتى، بل يرويها الذين يعيشون لحظات ولو قليلة بالقرب منهم، ففي هذا العالم العديد من القصص التي تكشف فيه الجثث عن هوية من قتلها، فالجثة نعم تتحدث لكنها تتحدث بأساليب لا يفهمها سوى المختصين والذين يعيشون لحظات مقربة من هذه الجثث ومن بين هؤلاء الأطباء الشرعيين، الذين يساهمون بشكل كبير في كشف ألغاز وكواليس العديد من القضايا.
على مدار 30 حلقة في شهر رمضان المبارك يقدم اليوم السابع سلسلة" الجثة تتحدث"، عن قصص كشف فيها الطب الشرعي عن جرائم قتل غيرت مسار العديد من القضايا الجنائية.
هذه القضية من كتاب "أصدقائي الموتى شكرا" للدكتور محمد جاب الله عن دار إشراقة.
بدأت هذه القضية بإشارة من النيابة العامة لفحص أشلاء أدمية عثر عليها على قارعة إحدى الطرق الزراعية.
خلال الفحص المبدئي تبين أن الأشلاء للجزء العلوي والسفلي معا وأنها غير متناسقة، مما يوحي أنها قد تكون لأكثر من شخص، كما تبين أن تقطيع الجثة حدث بعد الوفاة وليس قبلها.
وكما هو الحال في هذه القضايا تم أخذ عينة من الأشلاء لبيان وجود مادة مخدرة أو منومة تم استعمالها في الجريمة، وخلال أسبوع واحد جاء إخطار جديد بالعثور على أشلاء جديدة في مكان مختلف، لكن هذه المرة كانت على وشك التعفن، وبها أجزاء لقلبين وأكثر من كلى، مما يؤكد أنها لأكثر من جثة.
تقرير المعامل الجنائية جاء ليثبت عدة حقائق كان أولها أن الأشلاء لثلاثة أشخاص ذكرين وأنثى، والحامض النووي بينهم مشترك، أن الواقعة ربما تكون لأسرة من أب وأم والابن، أي أن القضية ربما تكون مذبحة أسرية، بفحص بلاغات التغيب تبين وجود بلاغين لأم وابنها، والبلاغ الآخر لطبيب نساء وتوليد.
الأب الذي قدم بلاغ بتغيب زوجته وابنه قال في التحقيقات أنه بعد خلافات أسرية غادرت زوجته وطفلها المنزل ولم يعرف مكانهما.
فيما قدمت البلاغ الآخر السكرتيرة التي تعمل لدي طبيب النساء والتوليد.
بفحص الحامض النووي للأب الذي قدم بلاغ بتغيب زوجته، اتضح أن الأشلاء تعود لزوجته لكن الطفل ليس ابنه.
وبعد طلب من الطبيب الشرعي تم تفتيش منزل الطبيب من قبل النيابة العامة، لتكتشف المفاجأة، أن الطبيب كان لديه العديد من أشرطة الفيديو لأفلام إباحية يظهر هو فيها مع أكثر من فتاة، كما أنه كان يضع إحدى الكاميرات داخل غرفة نومه، وتم العثور على العديد من أنابيب تحتوي السائل المنوي الخاص به .
بفحص كل المتعلقات تبينت المفاجأة، أشلاء الجثة الثالثة هي للطبيب المفقود، وأنه أب للابن المقتول معه، الطبيب سيء السمعة كان يرتكب جريمة أخلاقية غير مسبوقة، كان يقوم باستغلال سائله المنوي لتلقيح المريضات لديه، لضمان حملهن، لتحصيل مزيد من الشهرة والمال.
النيابة أمرت بضبط الأب الذي أبلغ عن فقدان زوجته وابنه، وواجهته بنتائج الطب الشرعي، فانهار الأب وكشف قصة الجريمة.
تزوجنا أنا وزوجتي منذ 8 سنوات، ولم ننجب رغم أننا تم عرضنا على عشرات الأطباء، حتى ظهر الطبيب المقتول وأشاد الجميع بنجاحه، فقمت أنا وزوجتي بالكشف لديه وأكد لنا أننا ممكن أن ننجب عن طريق التخصيب الصناعي، وبالفعل هذا ما حدث وحملت زوجتي وأنجبت ابني يوسف.
بعد سنوات عرضت التحاليل الخاصة بي بالصدفة على طبيب آخر، لكنه أكد لي استحالة إنجابي لوجود مشكلة من المستحيل طبيا علاجها.
جن جنون الأب وأخذ زوجته وابنه وقام بضربها بعد مواجهتها ورغم رفضها وإنكارها استمر في ضربها حتى توفيت، ثم قام بقتل الطفل أيضا، ثم ذهب إلى الطبيب وقام بقتله هو الآخر، وقام بتقطيع الجثث ورميها في الأراضي الزراعية.
واتضح من التحريات عن الطبيب المقتول عدم وجود شهادات حكومية تخصه، وأن كافة شهاداته ووثائقه مزورة، وبهذا انكشفت قضية شيطانيّة بدأها شخص ادعى كونه طبيبا الذي فعل كل سوء في مهنته، وأنهاها الأب بقتل الجميع بطريقة بشعة.