التخفيف من حدة "العلاجات العدوانية" قد تكون أفضل لمرض السرطان

منذ 1 سنة 181

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يشكّل العلاج الإشعاعي مصدر قلق لجميع مرضى سرطان القولون والمستقيم الذين تعالجهم الدكتورة أورسينا تيتلباوم تقريبًا: فما مدى خطورة آثاره الجانبية؟ ورغم فعالية العلاج في مكافحة أمراض السرطان، إلا أنه قد يسبّب الإسهال والتعب على المدى القصير، فضلاً عن مشاكل الخصوبة على المدى الطويل.

لكن يسعى المرضى إلى النجاة من مرض السرطان أكثر من أي شيء آخر، إذ أشارت الأبحاث الجديدة إلى أن تقليل شدة هذه العلاجات قد لا يؤثر على فرص بقاء المرضى على قيد الحياة.

وبفضل هذه البيانات الأكثر وضوحًا، يميل المزيد من أطباء الأورام إلى تقليص استخدام العلاجات العدوانية أو غير المريحة استنادًا إلى نوعية حياة مرضاهم، وهي خطوة يشار إليها بالتخفيف من حدة العلاج.

وعلى سبيل المثال، تشمل المكونات الرئيسية الثلاثة لخطط علاج سرطان المستقيم عادة العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، والجراحة، إلا في حال كان الشخص مؤهلاً لنهج تخفيف الحدة، حيث يمكن حذف علاج أو أكثر بأمان.

وأوضحت تيتلباوم، وهي طبيبة الأورام في المركز الطبي الأكاديمي "Penn Medicine"، والمتخصصة في سرطان البنكرياس، والقولون، والمستقيم: "أقول للمرضى، ’أريدك أن تعيش لفترة أطول، لكنني أريدك أيضًا أن تعيش بشكل أفضل".

وتابعت: "في بعض الأحيان، يمكننا منح فترة استراحة من العلاج الكيميائي لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، إذ يحب المرضى إجازة العلاج الكيميائي، وبعدها يمكننا إعادة التكثيف مجددًا من دون المساومة على نتائج المريض الصحية. وفي الأساس، قد يجنبه هذا الأمر الآثار الجانبية".

وأضافت أن مرضاها غالبًا ما يشعرون بالحماس لاتباع نهج التخفيف من حدة العلاج.

التخفيف يكون أفضل أحيانًا

وتمارس تيتلباوم والعديد من أطباء الأورام عملية موازنة، أي خفض شدة علاجات السرطان مع التأكد على أن المرضى لا يزالوا يتلقون العلاج الأمثل.

وفي هذا الصدد، قالت تيتلباوم: "نحن نضبط الأمور. نتعلم متى يمكننا خفض حدة العلاج"، لافتة إلى أن "القليل قد يكون أفضل في بعض الأحيان، لأن هناك الكثير من السموم مع كل هذه العلاجات".

تكثيف العلاج قد يضر أكثر ممّا ينفع

وأشارت مجموعة متنامية من الأبحاث، ضمنًا العديد من الدراسات التي عُرضت في يونيو/ حزيران خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري، إلى أنّ مقاربة "التخفيف من حدة العلاج" قد تعود بفوائد على الأشخاص المصابين ببعض أنواع السرطان.

ووجدت دراسة منفصلة حول علاج سرطانات المستقيم أنه بين أكثر من 1000 مريض، أتت نتائج من تلقوا العلاج الكيميائي قبل الجراحة مماثلة لمن خضعوا للعلاج الكيميائي، بالإضافة إلى الإشعاع.

وتوصلت النتائج إلى أنه في بعض الحالات، قد يتمكن مرضى سرطان المستقيم من تخطي الإشعاع الذي قد يتمتع بآثار جانبية في المنطقة التي يتم علاجها، مثل مشاكل الخصوبة بعد العلاج الإشعاعي للحوض.

وأوضح الدكتور ديب شراغ طبيب الأورام المعدية المعوية، ورئيس قسم الطب بمركز "ميموريال سلون كيترينغ" للسرطان، والمؤلف الأول لتلك الدراسة، في بيان صحفي بشهر يونيو/ حزيران: "لقد استخدمنا العلاج الكيميائي منذ عام 1990 لأنه كان فعالًا بشكل ملحوظ لجهة تقليل معدل التكرارات المحلية في الحوض".

وأضاف شراغ: "بدأت وزملائي برؤية المزيد من الشابات المصابات بسرطان المستقيم اللواتي يُصبن بإحباط كبير، ليس فقط لأنهن مصابات بالسرطان لكن لأن العلاج القياسي الذي كان علينا تقديمه لهن سيعني أنهن لن يتمكنّ من الاستمرار في الحمل حتى الولادة".

ولفت إلى أن "هذا الواقع شكل أحد الأسباب الرئيسية التي دفعتنا إلى البحث عن طريقة لمساعدة المرضى ومعرفة إذا كان بإمكاننا تحقيق نتائج مؤاتية من دون تطبيق موحد للعلاج الإشعاعي".

من جهته، قال الدكتور بول أوبرستين، وهو طبيب الأورام في مركز "لانغون بيرلماتر" للسرطان في جامعة نيويورك، غير المشارك في هذا البحث، إن الدراسة هي مجرد مثال واحد على فائدة "التخفيف من حدة العلاج" مضيفًا أن "الخبر السار يتمثل بانتفاء الخطر المتزايد للوفاة أو معاودة السرطان موضعيا إلى تلك المنطقة في المستقيم".

ووجدت دراسة أخرى إأنه بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين بسرطان الثدي المبكر، ارتبط التخفيف من حدة العلاجات الدوائية المستهدفة بتحسين البقاء على قيد الحياة، وكان شبيهًا بنتائج الخضوع للعلاج الكيميائي.

لكل مريض علاج يتناسب وحالته

ولعدة سنوات، دعا العلماء إلى إجراء المزيد من البحث في مخاطر وفوائد "التخفيف من حدة العلاج".

وقالت الدكتورة لوري ويرث، وهي المديرة الطبية لمركز سرطانات الرأس والرقبة في مركز "Mass General" للسرطان في بوسطن، إن "أحد الأمور التي نقوم بها الآن تتمثل بمحاولة أن نكون أكثر ذكاءً لتحديد المرضى الذين يمكن التخفيف من حدة علاجهم ويبقون بخير".

وخلصت الدكتورة أبارنا باريك، طبيبة الأورام المعدية المعوية في مركز السرطان العام الجماعي بأمريكا، إلى أنه "بالنسبة لبعض المرضى قد تؤدي جرعتان من العلاج المناعي إلى اختفاء الورم تمامًا، ولن يحتاجوا إلى إشعاع أو عملية جراحية".

وأكدّت أنه "يجب الاستمرار في مراقبة المرضى بعناية لاتخاذ القرار فيما يخص عدم إجراء الجراحة، أو عدم خضوع المريض لمزيد من الإشعاع، لكنني أعتقد أنه من المثير أن تكون هناك القدرة على اختيار المرضى الذين قد يستفيدون أو لا يستفيدون من كل من هذه الخيارات".