يعد افتتاح مدينة المنصورة الجديدة امتدادًا طبيعيًا ومنطقيًا لرؤية شاملة للدولة نحو تدشين عدد من المدن الجديدة على ساحل البحر المتوسط، ورباط منطقي لتمظهر مدينة العلمين الجديدة غرب البلاد وأبو قير في الإسكندرية وأخريات في ربوع مصر، ضمن تصور حداثي لرفع كفاءة الواقع الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي والديموجرافي؛ لتعزيز الرؤية السياسية لدور مصر في قادم الأيام، اتساقًا مع تصور الدولة والقيادة السياسية لما ينبغي عمله، وتجاوز ضغوط الزمن والظروف المحيطة؛ بغية إدراك تحققه وبلوغ الأهداف المرجوة منه في أفضل وقت ممكن.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أنه يتزامن ذلك كله مع خطة ورؤية الدولة نحو تطوير قطاع الموانئ المصرية، وتوظيف دورها اقتصاديًا، في إطار استراتيجية تستهدف جعل مصر مركزًا عالميًا للتجارة واللوجيستيات، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية للوصول إلى اقتصاد مرن يتمتع بالقدرة على مجابهة التحديات والأزمات على المستويين الإقليمي والدولي.
ودائما ما تأتى توجيهات الرئيس السيسي العمل بدأب لا محدود نحو تطوير الموانئ المصرية، لا سيما موانئ العريش والإسكندرية وبورسعيد ودمياط، وكذا العمل بنفس الرؤية نحو تنشيط محطات تسييل الغاز في إدكو ودمياط، والاستفادة من ذلك تبعًا لتطور الأوضاع الدولية والاقليمية حيز ملف تموضع القاهرة كمركز إقليمي معتبر للطاقة في شرق المتوسط.
وأوضحت الدراسة أن بناء مدن الجمهورية الجديدة ينسجم مع تحرك الدولة لاستيعاب الزيادة السكانية، والتكامل مع رؤية مصر التنموية 2030، والخروج من مركزية القاهرة، والنزوح بعيدًا عن تداعيات تريف المدينة جراء مواسم الهجرة المتتابعة، وكذا دفع حركة الاستثمار والمستثمرين نحو هذه المدن؛ الأمر الذي يخلق فرص عمل للطاقات البشرية. بيد أن ذلك كله أيضًا يتوافق بالكلية مع كافة المتغيرات التي أمست واضحة أمام الجميع، وأضحت بفعلها القاهرة رئة عفية تمد جسد أوروبا بالطاقة.
ولفتت أن ثمة تكامل تستطيع أن تدركه في تخطيط وتنفيذ كافة المشروعات التي انطلقت خلال السنوات القليلة الماضية، بدءًا من ظهور المدن الجديدة عبر العاصمة الإدارية الجديدة ومدن الساحل الشمالي والساحل الشمالي الغربي، مرورا بالدلتا والإسكندرية وشرق بورسعيد ومدن الصعيد الجديدة في غرب قنا وأسيوط وأسوان الجديدة، وكذا مصانع استخراج المعادن من الرمال السوداء، والإدراك اليقظ لقضايا الطاقة في المستقبل عبر الاتفاق على إنشاء محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء.
وأوضحت لا يمكن النظر إلى تلك المشروعات كجزر منعزلة عن بعضها البعض أو استهلاك للأموال في ملفات غير ملحة، بل جميعها كان ولا يزال يحيط بها سياج واضح من التصور المتكامل داخل عمق وقلب هدف استراتيجي يرتبط بمنظور شامل لبنية الدولة الفتية القادرة على امتلاك زمام زمانها واستبصار احتياجات وضرورات مستقبلها.