اعتبر البنك الدولي أنّ "الاقتصاد النقدي بالدولار في لبنان، والذي يقدّر بحوالي 9,9 مليارات دولار في عام 2022، أي حوالي نصف حجم الاقتصاد اللبناني، بات يُمثّل عائقاً كبيراً أمام تحقيق التعافي الاقتصادي" في بلد يعاني من أزمة مستفحلة.
حذر البنك الدولي من تنامي الاعتماد على الدولار في المعاملات الاقتصادية في لبنان، بعدما بات يُقدر بنحو نصف إجمالي الناتج المحلي ويُهدد السياسة المالية ويزيد من عمليات غسل االأموال والتهرب الضريبي.
ويشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم. وقد خسرت الليرة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها وبات غالبية السكان تحت خط الفقر، على وقع قيود مصرفية مشددة وأزمة سيولة حادة.
وأورد البنك الدولي في تقرير الثلاثاء أن "الاقتصاد اللبناني لا زال في حالة تراجع حاد، وهو بعيد كل البعد عن مسار الاستقرار، ناهيك عن مسار التعافي"، كما أوضح أن " فشل النظام المصرفي في لبنان وانهيار العملة أدى إلى تنامي ودولرة اقتصاد نقدي، يُقدر بنحو نصف إجمالي الناتج المحلي في عام 2022".
ويقدر "الاقتصاد النقدي المدولر"، وفق التقرير، "بنحو 9,9 مليارات دولار أو 45,7% من إجمالي الناتج المحلي"، ما يعكس "تحولاً سريعاً نحو المعاملات النقدية بالعملات الصعبة في أعقاب فقدان كامل للثقة بالقطاع المصرفي الضعيف وبالعملة المحلية".
وحذر البنك الدولي من أن الاقتصاد النقدي "يهدّد بالمساس بفعالية السياسة المالية والسياسة النقدية، ويزيد من إمكانية غسل الأموال، فضلاً عن زيادة النشاط الاقتصادي غير الرسمي، والتشجيع على زيادة التهرب الضريبي".
باتت المتاجر في لبنان تسعر بضائعها بالدولار، كما تدفع شركات عدة رواتب موظفيها بالدولار النقدي جراء القيود المشددة التي تفرضها المصارف على عمليات السحب. ويعتمد لبنانيون كثر على أموال المغتربين من أقربائهم، التي يستلمونها من شركات الحوالة بالدولار الأمريكي.
ويزيد الشلل السياسي القائم في لبنان جراء فراغ سدة الرئاسة، منذ أكثر من ستة أشهر الوضع الاقتصادي سوءاً. وتدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، بينها الإصلاحات التي يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم.
كما يواجه لبنان أزمة جديدة اليوم باصدار قاضية فرنسية الثلاثاء مذكرة توقيف دولية، بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي تحقق دول أوروبية بثروته وتشتبه بتورطه بعمليات اختلاس وتبييض أموال ضخمة.
واعتبر البنك الدولي أن "صناعة السياسات ما زالت بوضعها الراهن تتسم بقرارات مجزأة وغير مناسبة لإدارة الأزمة، مقوضةً لأي خطة شاملة ومنصفة، مما يؤدي إلى استنزاف رأس المال بجميع أوجهه".
بلغ معدل التضخم، وفق البنك الدولي، 171,2% في العام 2022 ليكون من "أعلى المعدلات على مستوى العالم". وقال المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه: "ما دام الاقتصاد في حالة انكماش وظروف الأزمة قائمة، سيزداد تراجع مستويات المعيشة، وستستمر معدلات الفقر في الارتفاع"، وأضاف قوله: "التأخير في تنفيذ خطة شاملة للإصلاح والتعافي سيؤدي إلى تفاقم الخسائر".