إن الابتكار وريادة الأعمال يعدان من الأفكار التي دخلت حديثاً نسبياً في الفكر الاقتصادي وخلقت ثورة هائلة في علم الاقتصاد وأدبيات التنمية الاقتصادية، وتعد العلاقة بين الابتكار وريادة الأعمال علاقة ذات منفعة متبادلة. فالابتكار يتم تمويله وتسويقه من خلال ريادة الأعمال، ومن دون ظهور الابتكارات التكنولوجية الجديدة، ستصل ريادة الأعمال إلى طريق مسدود، ومن دون ريادة الأعمال، سيبقى الابتكار مجرد أفكار مخزّنة في عقل المبتكر، حيث إن الابتكار يعني عملية تحويل الفكرة أو الاختراع إلى سلع وخدمات تصنع القيمة المضافة، وهو أيضاً تطبيق لأنجع الحلول التي تلبي الاحتياجات الجديدة.
ولكي تصبح الفكرة ابتكاراً، يجب أن تكون قابلة للتكرار في الكلفة الاقتصادية (الاستدامة)، ويجب أن تشبع حاجة وتلبيها، فالابتكار يستخدم تطبيقاً مدروساً للمعلومات، والخيال، والمبادرة في تسليم قيم أكبر، أو مختلفة عن المصادر، ويتضمن كافة العمليات التي يتم فيها معالجة الأفكار الجديدة وتحويلها إلى منتجات تلبي الحاجة التي ظهرت.
كمثال، نجد سلسلة الوجبات السريعة المشهورة لمطاعم ماكدونالدز، فأثناء إنشائها ونموها، ابتكرت الشركة صناعة الطعام بأكثر من طريقة، وتنامت صناعة الطعام الحاصل على رخصة فرنشايز (الامتيازات التجارية) التي أول ما استخدمت في العصور الوسطى لأوروبا، وذلك لوصف الحقوق والامتيازات الممنوحة لصالح الملك مقابل السماح بإقامة الأسواق والأعياد وعبور المناطق، إذ بدأت مطاعم ماكدونالدز من وجبات عشاء تُقدم على جانب الطريق، إلى وجبات سريعة سهل الحصول عليها وبأسعار رخيصة.
إن الإبداع يمثل المظلة الأكبر التي تشمل الابتكارات بشكل مطور، والتي تخدم توجهات الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية ومحاور الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة «رؤية السعودية 2030»، التي اهتمت بشكل استثنائي بالابتكار وريادة الأعمال، حيث تتفاعل الجهات الخاصة والحكومية في السعودية على صعيد تفعيل مبادراتها المرتبطة بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إذ تواصل ضخ الاستثمارات في النشاط وسط إطلاق برامج ومبادرات جديدة لدعم توجهات ريادة الأعمال، إذ ركز ملتقى المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية (بيبان 23) على تحفيز وصقل مهارات رواد الأعمال، من خلال منظومة برامج متخصصة في رفع الكفاءات الإدارية والمالية والفنية، إلى جانب دعم أصحاب الأفكار لإطلاق مشروعاتهم.
وشهد الملتقى توقيع اتفاقيات لبرنامج ضمان التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (كفالة) وجهات أخرى، لتقديم منتج يهدف إلى دعم ريادة الأعمال في مختلف المجالات، وتعزيز مكانة السعودية بوصفها بيئة جاذبة للرواد والمبتكرين والمبدعين من أنحاء العالم، وركز «بيبان» على استقطاب الموهبة وعلى أهمية مساهمة التقنية بالتغيير الجذري في الخدمات المالية والتوسع في التصدير وكيفية استفادة الشركات الناشئة منها.
من جانب آخر، وفي إطار الابتكار وريادة الأعمال، أطلقت «سدكو القابضة»، الشركة المتخصصة في مجال الاستثمارات المسؤولة والمستدامة، برنامج روّاد نمو، وهو برنامج إدارة مالية مُخصص لروّاد الأعمال في الشركات الناشئة المبتكرة والتقنية التي وصلت إلى مرحلة النمو وتبحث عن طرق اكتساب المعرفة اللازمة حول كيفية تنمية أعمالهم من خلال التمويل الخارجي، وتم إطلاق البرنامج الجديد خلال المشاركة في ملتقى «بيبان 23»، وتوافق مع الإطلاق توقيع ثلاث مذكرات تفاهم لدعم استدامة البرنامج مع كل من منشآت وبرنامج ضمان التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (كفالة) ومركز دلني للأعمال، أحد برامج بنك التنمية الاجتماعية.
وستقوم «سدكو القابضة» بتزويد هذه المنشآت والمبادرات ببرنامج روّاد نمو للإدارة المالية، الذي يتضمن سلسلة من العروض الإلكترونية والأدوات المصممة لروّاد الأعمال والشركات الناشئة، كما ستتعاون «سدكو القابضة» مع الجهات المعنية لتنظيم ورشات عمل توعوية وبرامج تدريبية حول التوعية بالإدارة المالية وعقد الجلسات التثقيفية وتبادل الخبرات ونقل المعرفة في إدارة وتطوير ريادة الأعمال، حيث سيقدم برنامج روّاد نمو خطة شاملة ومتكاملة تسلط الضوء على أساسيات الإدارة المالية، والتمويل، والموارد المالية، والمحاسبة، وحسابات الأرباح والخسائر، والميزانيات العمومية، والتدفقات النقدية، كما سيشمل أدوات ضرورية تمكن أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة من التغلب على المعوقات التي قد تواجههم في الحصول على التمويل اللازم.
وفي الختام، إن برنامج روّاد يعمل على تهيئة الشباب لفهم واقع الابتكار وريادة الأعمال، الذي شهد تحولاً كبيراً لمواكبة مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، إذ تتضمن الرؤية رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج الإجمالي المحلي من 20 إلى 35 في المائة بحلول عام 2030، وسيسهم البرنامج بدوره في تمكين الشباب وفتح مداركهم لتحقيق النجاح المأمول لإدارة المشروعات المملوكة داخل السعودية، وتحقيق النمو والازدهار.