أكدت المحكمة الإدارية العليا، أنه ولئن كان للسلطات التأديبية - ومن بينها المحاكم التأديبية ومجالس التأديب - سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري الذي يرتكبه الموظف أو العامل، وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك، إلا أن مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أي سلطة تقديرية، فيجب ألا يشوب استعمالها غلو في توقيع العقاب.
وأضافت المحكمة، ومن صور الغلو في العقاب ، عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين العقاب ومقداره، ففي هذه الصورة تتعارض نتائج عدم الملائمة الظاهرة مع الهدف الذي ابتغاه القانون من التأديب، وهو بوجه عام تأمين انتظام سير المرافق العامة.
ولا يتأتى هذا التأمين للمرافق العامة إذا انطوى الجزاء على مفارقة صارخة، ففي القسوة في توقيع الجزاء أو العقاب على العامل، يؤدي إلي إحجام عمال المرافق العامة عن حمل المسئولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة في الشدة، والإفراط في الشفقة يؤدي أيضًا إلى إستهانتهم بأداء واجباتهم طمعا في هذه الشفقة المفرطة في اللين، فكل من طرفي النقيض لا يؤمن انتظام سير المرافق العامة وبالتالي يتعارض مع الهدف الذي رمى إليه القانون من التأديب.
جاء ذلك في حكم قضائي أصدرته المحكمة الآدارية العليا، في التخفيف عن موظف قد صدر ضده حكم مغالي لا يتناسب مع طبيعة الجرم المرتكب، ولخذا خففت عنه المحكمة العقاب المِوقع عليه، حمل الطعن رقم 68638 لسنة 68 قضائية عليا.