الأمم المتحدة تحذّر من بلوغ الوضع الإنساني في السودان «نقطة اللاعودة»

منذ 1 سنة 431

أفاقت الخرطوم مجدداً اليوم (الاثنين) على هدير الطيران الحربي والانفجارات رغم موافقة طرفي النزاع على تمديد إضافي للهدنة، في وقت حذّرت الأمم المتحدة من بلوغ الوضع الإنساني «نقطة اللاعودة»، وأعلنت إرسال مبعوث إلى المنطقة لمحاولة الوقوف على ظروف ملايين الأشخاص العالقين وسط القتال.

وأفاد شهود عيان في الخرطوم أن سكانها استيقظوا (الاثنين) على هدير «الطائرات المقاتلة»، في حين تحدث آخرون عن سماع أصوات انفجارات وإطلاق رصاص في مناطق مختلفة من العاصمة التي يناهز تعدادها خمسة ملايين نسمة.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن «الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين»، مبدياً «قلقه الكبير». وأضاف أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرر أن يرسل «فوراً إلى المنطقة» رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث «في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان». وأكد غريفيث أنه في طريقه إلى المنطقة «لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية»، معتبراً أن «الوضع الإنساني يقترب من نقطة اللاعودة». وحذّر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها «استنزف غالبية مخزوناتنا».

وأتت أصوات الانفجارات بعد ساعات من إعلان الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، موافقتهما على تمديد وقف لإطلاق النار كان من المقرر أن ينتهي منتصف ليل الأحد/ الاثنين بالتوقيت المحلي. إلا أن الهدنة الأخيرة بقيت هشّة كغيرها من محاولات التهدئة التي تمّ التوافق عليها منذ اندلاع النزاع بين الحليفين السابقين في 15 أبريل (نيسان) الماضي، الذي أغرق السودان في فوضى حصدت مئات القتلى ودفعت عشرات الآلاف للمغادرة.

ويرى الخبراء أن اتفاقات وقف النار تهدف خصوصاً إلى ضمان أمن طرق إجلاء الرعايا الأجانب، والسماح بمواصلة بعض الجهود الدبلوماسية التي تقودها أطراف خارجية في ظل رفض القائدين العسكريين التواصل بشكل مباشر. وأدت المعارك إلى مقتل ما لا يقل عن 528 قتيلاً و4599 جريحاً، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية (السبت)، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.

ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، تمكنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (الأحد) من إيصال أول شحنة مساعدات إنسانية عن طريق الجو، وذلك إلى مدينة بورتسودان الواقعة على مسافة 850 كلم إلى الشرق من الخرطوم.

وأوضحت اللجنة أن الشحنة «ضمّت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال»، إلا أنها لن تكفي سوى لمعالجة 1500 جريح.


* نزوح داخلي وخارجي

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفاً على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وجنوب السودان. وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أبدت خشيتها من أن تدفع المعارك لفرار ما يصل إلى 270 ألفاً نحو تشاد وجنوب السودان.

وتطال الاشتباكات 12 من الولايات الـ18 في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة.


* جهود دبلوماسية

ويضطر سكان العاصمة غير القادرين على مغادرتها إلى الاحتماء من إطلاق النار والقصف لكنهم يواجهون ظروفاً تزداد صعوبة في ظل انقطاع الكهرباء وشحّ المواد التموينية والمياه والوقود.

ومنحت السلطات المحلية في الخرطوم موظفي القطاع العام «إجازة حتى إشعار آخر»، بينما تؤكد الشرطة أن عناصرها ينتشرون لمنع أعمال النهب.

وباتت غالبية المستشفيات خارج الخدمة، في حين تواجه تلك التي لا تزال تعمل وضعاً «لا يمكن تحمّله» بسبب نقص التجهيزات، وفق ما قال لوكالة الصحافة الفرنسية، مجذوب سعد إبراهيم، وهو طبيب في مدينة الدامر شمال الخرطوم.

وعلى مدى الأيام الماضية، أجلت العديد من الدول الغربية والعربية رعاياها توازياً مع جهود دبلوماسية سعياً للحل. ومن المقرر أن تعقد الجامعة العربية (الاثنين) اجتماعاً على مستوى السفراء بناء على طلب مصر، للبحث في الأوضاع. كما أعلنت منظمة التعاون الإسلامي عقد اجتماع «طارئ» للجنتها التنفيذية (الأربعاء) في جدة بطلب من السعودية.

وكان (الأحد) شهد اجتماع وزير الخارجية السعودي فيصل بين فرحان مع موفد للبرهان، بينما تواصل الأخير هاتفياً مع نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.

ووفق مركز كارنيغي الشرق الأوسط للأبحاث: «كلما تمكن دقلو من الحفاظ على مواقعه في الخرطوم، أصبح تأثيره أكبر على طاولة المفاوضات».


* وضع «خطير» في دارفور

وبحسب الأمم المتحدة، قتل زهاء 100 شخص منذ (الاثنين) الماضي في غرب دارفور حيث الوضع «خطير» وفق المنظمة الدولية. وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة من أن «القبائل تسعى للتسلح» في المنطقة.

وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت إلى «وقف كل أعمالها تقريباً في غرب دارفور» بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.