على رغم التشديدات وفرض الغرامات على المتاجرة بالألعاب النارية داخل السعودية، إلا أنها تجد طريقها إلى الأسواق الشعبية التي تنشط في المواسم والأعياد، وتترافق معها الإصابات لاسيما التي تطاول الأطفال.
وتمنع الأنظمة السعودية تـداول الألعاب النارية، إذ إن هناك أنواعاً مصنعة بطرق تجارية رديئة وشديدة الخطورة، كما تتفاوت أسعارها في الأسواق غير النظامية بحسب الجودة والطلب، وذلك في ظل وجود نوع آخر يباع وفق تصاريح محددة.
تواصلت "اندبندنت عربية" مع عدد من بائعي التجزئة للسؤال عن كيفية توفير تلك الكميات من الألعاب النارية في ظل منعها في البلاد، وأجاب عدد منهم أنهم يحصلون عليها عن طريق المستوردين الذين يمتلكون تصريحاً نظامياً لاستيراد "المفرقعات"، بغرض إقامة الفعاليات سواء الوطنية أو السياحية أو الرياضية.
وتصدر التصاريح تحت شروط محددة من وزارة الداخلية تتضمن تحديد موقع العرض وتوفير وسائل الأمن والسلامة وغيرها.
وبحسب ما أفاد البائعون بأنه بعد تلك الفعاليات يقوم بعض الأشخاص بالمتاجرة بالفائض من الألعاب النارية وبيعها في السوق السوداء للتجار الصغار الذين يتحملون مسؤولية العواقب ومواجهة الجهات الأمنية في الأسواق التجارية.
أما بالنسبة إلى طرق البيع والترويج لها كونها مخالفة، التي يلجأ لها البائع غير النظامي، فتكون عن طريق عرضها في مواقع الإنترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو ممارسة البيع المتجول في الأسواق الشعبية، بحسب وصفهم.
أنظمة وعقوبات
وتحظر الأنظمة السعودية بيع الألعاب النارية في الأسواق للاستخدام الشخصي، وتصدر تصاريح للتجار منظمي المناسبات والفعاليات، وذلك بحسب ما جاء في نظام المتفجرات والمفرقعات الصادر عن النيابة العامة في الـ15 من مايو (أيار) 2007 الذي نص على معاقبة المخالف لاشتراطات التصريح بغرامة مالية لا تتجاوز 40 ألف ريال سعودي (10.6 ألف دولار).
وبالنسبة إلى مهربي المفرقعات داخل السعودية سواء صنعها أو التجارة فيها، فعقوبتهم السجن مدة لا تتجاوز ستة أشهر، وغرامة لا تزيد على 100 ألف ريال (27 ألف دولار).
آراء متفاوتة
وتتفاوت الآراء بين مؤيد ومعارض حول الأنظمة الصارمة ومنع بيع الألعاب النارية داخل السعودية، وبين الحين والآخر يطرح السعوديون آراءهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، فيقول عبدالله السديري "الألعاب النارية تباع في متاجر مرخصة في معظم دول العالم بشكل نظامي وفق ضوابط الأمن والسلامة، وبعض الدول تسمح ببيعها في أوقات محددة من العام وتمنع استخدامها في غير تلك المناسبات".
وأضاف السديري "أعتقد أن وجود تنظيم وضوابط لهذه السلع وتحديد السماح بالمنتجات الآمنة ذات الجودة أفضل من المنع الكامل".
ومن المؤيدين للمنع الكامل لتجارتها وبيعها وتداولها سحاب عبدالله، إذ تعبر عن ذلك قائلة "أضرارها أكثر من منافعها"، مضيفة "لا تقلبوا فرحة العيد إلى الحزن".
إصابات الأعياد
وتنير سماء المدن السعودية بالألعاب النارية في المناسبات والمهرجانات، وغالباً ما تكون منظمة من جهات مرخصة وفق ضوابط الأمن والسلامة وأشخاص مختصين، إلا أن استخدام الأفراد سواء الصغار أو الكبار لها يكثر في الأعياد الدينية كونها أحد مظاهر الاحتفال عند السعوديين.
وتتزايد الإصابات الناتجة منها تزامناً مع تلك المناسبة، ولذلك تنشط وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة بنشر الحملات التوعوية مثل المستشفيات والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس والجودة، وهي جهة حكومية مهمتها الحفاظ على صحة وسلامة المستهلك.
وفي آخر إحصاء نشره مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون عام 2019 في ما يخص إصابات العين الناتجة من الألعاب النارية في عيد الفطر كانت نسبة إصابة من أشعلوها 61 في المئة، فيما كانت إصابات المشاهدين 39 في المئة، وترتفع حالات المصابين الذكور بعدد 127 مقارنة بالإناث، إذ يبلغ 23 بمتوسط أعمار ما بين خمسة إلى 10 سنوات.
وأشارت رئيس قسم الطوارئ بمستشفى الملك خالد التخصصي هدى عبدالله الغدير إلى أن الألعاب النارية عادة ما تتسبب في حدوث إصابات للعين سواء للمستخدمين أو المشاهدين، لافتة إلى أن أغلب إصابات الجسم الناتجة من الألعاب النارية تكون في العين يليها اليدين والأصابع.
أهم الإصابات
وأوضحت الغدير أن إصابات العين الناتجة من الألعاب النارية غالباً ما تكون حادة، ويمكن أن تتسبب في حدوث نقص دائم في حدة الإبصار أو فقدان نعمة البصر، كما سلطت الضوء على أنواع هذه الإصابات ومنها حروق أو تمزق الجفن والملتحمة وكرة العين، مؤكدة أن الجروح في القرنية تعتبر الأخطر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونوهت طبيبة العيون بأخطار الألعاب النارية، موضحة أن المستخدم والمشاهد مهددان بدخول أجسام غريبة في العين، أو التسبب في حدوث تجمع دموي في الغرفة الأمامية للعين.
واستطردت الغدير القول إن هذه الإصابات قد تتضاعف مع الوقت لتسبب عتامة القرنية أو الساد والجلوكوما، وكذلك خلع العدسة الطبيعية من مكانها وإصابات قاع العين، إضافة إلى انفصال الشبكية أو فقدان البصر أو العين كلياً.
لوازم الحماية
وعن الاحتياطات التي يجب اتخاذها أكدت الغدير على جملة من الاحتياطات التي يجب أن تأخذ في الاعتبار أثناء التعامل مع الألعاب النارية، مشددة على ضرورة أن يتولى الكبار إشعالها خارج المنازل وفي مكان مناسب، الذي يجب أن يكون فسيحاً وخالياً من أي عوائق أو مواد قابلة للاشتعال.
وطالبت طبيبة العيون بارتداء النظارات الوقائية لحماية العين من أية إصابة، محذرة من عدم فرك العين في حال حدوث أية إصابة، أو غسلها بالماء لمحاولة إزالة الشوائب أو الأجسام التي قد تكون عالقة بها.
وفي حادثة سابقة إبان عيد الفطر 2015، فقد جندي تابع للدفاع المدني بمحافظة جدة إحدى عينيه، وأصيب بكسور في الوجه أثناء محاولته منع أطفال من اللهو بالألعاب النارية على سطح منزل مجاور له.
ولا تنحصر الإصابات في وقت الأعياد فقط، ففي 2019 أصدرت الهيئة العامة للترفيه السعودية بياناً توضيحياً بخصوص انفجار ألعاب نارية بعد سقوطها على الأرض في احتفالات بمناسبة اليوم الوطني بالرياض، وذلك بعد تداول مقاطع فيديو للحادثة التي نتج منها إصابة طفيفة لطفلة، وتمت معالجتها من فرق الهلال الأحمر الموجودة بالموقع.