الأكل العاطفي.. ما هو وكيف نتعامل معه ومتى يصبح مشكلة؟

منذ 1 أسبوع 29

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إنّ تناول بسكويت رقائق الشوكولاتة الشبيه بطعم البسكويت الذي اعتدت تناوله في طفولتك، ليس بالضرورة قرارًا خاطئًا بحسب جينيفر رولين، مؤسسة مركز اضطرابات الأكل بروكفيل في ولاية ماريلاند.

وأضافت أن تناول الطعام بدافع عاطفي، أو ما يعرف بالأكل العاطفي، غالبًا ما يُصوَّر على أنه مخيف، وغير صحي، وخارج عن السيطرة، لكن الحقيقة أنه أمر طبيعي جدًا ويمكن أن يكون جزءًا من علاقة صحية مع الطعام.

ورأت ديزي ميلر، أخصائية التغذية لاضطرابات الأكل التي تشمل الوزن في فورت واشنطن، بنسلفانيا، أن ثمة خط رفيع يفصل بين العلاقة الصحية وتلك غير الصحية مع الطعام، لكن من المهم أن يتبنى الناس الفروق الدقيقة عندما يتعلق الأمر بطرق تناول الطعام، عوض تطبيق قواعد صارمة واستراتيجيات قائمة على الخزي. 

وقال الخبراء إنه قد حان الوقت لوضع الأكل العاطفي في المنظور الصحيح وتعلم كيفية التعامل معه، عوض مواجهته، من أجل بناء علاقة صحية أكثر مع الطعام.

ما هو الأكل العاطفي؟

قالت رولين إن الطعام عاطفيٌّ بطبيعته.

وأضافت أنه يُحتمل أن تفكر في أطعمة معينة تتناولها كجزء من تقليد ثقافي، عندما تتواصل اجتماعيًا، أو حين تحتفل بإنجاز.

وأوضحت ميلر أنه "إذا فكرت بالأمر، فإنّ حياتنا تتمحور حول الطعام. يمكن أن يكون الطعام مريحًا حقًا، وكثر منا بنوا تقاليد ثقافاتهم حول الطعام الذي يثير الحنين والعاطفة".

وأشارت رولين إلى أنّ أجسام البشر مصمّمة أيضًا للاستمتاع بالطعام، لذلك من المنطقي عندما تنتابك مشاعر قوية اللجوء إلى تناول طعام مذاقه جيد أو يشعرك بالرضا. وهذا الأمر لا يفترض أن يخجلك من نفسك لأنه أحد أدوات مجموعة التكيّف الخاصة بك.

وأضافت: "نحن لا نخجل من أنفسنا لاستخدام أدوات التأقلم الأخرى. فتناول الطعام ببساطة، أحيانًا لأسباب عاطفية، ليس مشكلة، وليس أمرًا يحكم عليك من خلاله، أو تلوم نفسك بسببه". 

ولفتت ميلر إلى أنّ السياق مهم، مثل معظم أدوات التكيف. هل تأكل للاستمتاع بمذاق لذيذ بعد يوم شاق أو احتفالًا بإنجاز؟ أم أنك تتجنب معالجة قضية أكبر؟

وأضافت: "لا يمكننا أبدًا القول إن هذا جيد أو سيئ جدًا من دون معرفة الصورة الكبيرة لما يحدث في حياة شخص ما". 

المشكلة مع الطعام كوقود

هل علينا تجريد الطعام من مشاعرنا والتفكير به كوقود فقط للإبقاء على أداء أجسادنا؟

أوضحت رولين أن هذا الأمر لا ينجح دومًا أيضًا. فهي لديها قناعة بأن "الطعام وقود، ويوفر الطاقة لأدمغتنا وأجسادنا، لكن دوره يفوق ذلك بكثير". 

وشرحت ما مفاده أنه "عندما يكتفي الناس بتناول الأطعمة الأكثر كثافة من حيث العناصر الغذائية، يفوّتون الكثير من لحظات المتعة، والعلاقات الاجتماعية، والتواصل خلال تناول الطعام".

وتابعت: "إذا اختصرنا نظرتنا للطعام لكونه مجرد وقود، فيبدو أنّ الخروج لتناول الحلوى مع صديق عندما لا أشعر بالجوع خيار غير صحي ربما. لكننا نعلم أن العلاقات الاجتماعية هي في الواقع إحدى أكبر مؤشرات الصحة وطول العمر". 

من جهتها رأت ناتالي موكاري، أخصائية التغذية المسجلة في شارلوت بولاية نورث كارولينا، إن هناك مصدر قلق آخر يتمثل بأن القيود المفرطة يمكن أن تؤدي غالبًا إلى تناول الطعام بشراهة.

متى تقلق بشأن الإفراط في تناول الطعام؟

وأشارت ميلر إلى أنّ هناك حد يجب ألا يتخطاه الأكل العاطفي كي لا يشكل مشكلة، وهذا يحدث غالبًا عندما يكون الأكل هو الأداة الأساسية التي يعتمدها الشخص للتعامل مع ضغوط الحياة

ولفتت إلى أنه من المهم أن تكون على دراية بعدد المرات التي تأكل فيها للتعامل مع المشاعر الصعبة، وما إذا كان لديك استراتيجيات أخرى لمعالجة هذه المشاعر أيضًا.

وعددت رولين بعض العلامات التحذيرية التي تشير إلى اعتمادك الكبير على الطعام للتعامل مع مشاعرك السلبية، منها: 

  • تناول كميات أكبر مما قد يتناوله معظم الناس في وقت قصير، 
  • والشعور بفقدان السيطرة، 
  • والشعور بالذنب والخجل، 
  • وتناول الطعام سرًّا، 
  • وغالبًا ما تأكل بعد نقطة الامتلاء.

وأضافت: "إذا كنت تأكل أكثر من الشعور بالراحة، ثم تقوم بالتقييد، أو التطهير، أو ممارسة تمارين قهرية، فهذه علامة أخرى على أنّ علاقتك بالطعام تعاني من مشاكل".

كيف نعيد ضبط أنفسنا؟

رأت موكاري أن العلاقة الصحية مع الطعام تدور حول المرونة والتوازن. وسألت: هل يمكنك السماح لنفسك بتناول جميع أنواع الأطعمة من دون أن يخرج الأمر عن سيطرتك؟

بالنسبة لرولين، تتمثّل الخطوة الأولى نحو علاقة أكثر صحة مع الأكل العاطفي، باليقظة الذهنية. فعوض تقييد الطعام أو الوصول إليه من دون تفكير، كن على دراية بالغرض الذي يخدمه الطعام وما يحتاج إلى تلبيته.