الأفلام والأغاني أثرت عليّ

منذ 1 سنة 221

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمن المقرر في الشريعة الإسلامية المباركة أن من الأغاني ما هو مُحرَّم، ومنها ما هو مُباح.

فالغناءُ المحرم هو ما كان من امرأة لرجال، أو ما اشتمِل على آلةِ عزفٍ موسيقيَّة - ويُستثنَى من ذلك الدُّف - وقد نقل غير واحد من أئمة الإسلام الإجْماع على حرمة الغناء المصحوب بالموسيقا، منهم شيخ الإسلام ابْنُ القيِّم، والإمام القُرطبيُّ، وابْنُ الصَّلاح، وابْنُ رجبٍ الحنبَلِي، وابنُ حَجَر الهيتَمي.

جاء في الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 337): "وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: "أمَّا المزامير والأوتارُ والكوبة (الطبل) فلا يُختَلَف في تَحريم استماعِها، ولَم أسمع عن أحدٍ مِمَّن يُعتَبَر قولُه من السَّلف وأئمَّة الخلَف من يُبِيحُ ذلِك، وكيف لا يُحرم وهو شِعارُ أهْلِ الخُمور والفِسق ومهيِّج الشَّهوات والفساد والمُجون! وما كان كذلِك لم يُشَكَّ في تَحريمه، ولا تفسيقِ فاعلِه وتأثيمِه" انتهى.

وقال ابنُ الصلاح في الفتاوى: "وأمَّا إباحةُ هذا السَّماع وتَحليله، فلْيعلَمْ أنَّ الدُّفَّ والشبابة والغِناء إذا اجتمعتْ، فاستِماعُ ذلِك حرامٌ عندَ أئمَّة المَذاهب وغيرِهم من عُلماء المُسلمين، ولَم يَثبتْ عن أحدٍ مِمَّن يُعْتَدُّ بقوْلِه في الإجْماع والاختلاف أنَّه أباح هذا السَّماع، إلى أن قال: فإذًا هذا السماع غيرُ مُباحٍ بإجْماعِ أهْلِ الحلِّ والعقد من المسلمين" اهـ.

قال شيخُ الإسلام ابْنُ تيميَّة - رحِمه الله - ردًّا على ابْنِ مطهرٍ الشِّيعيّ في نِسبَتِه إلى أهْلِ السُّنَّة إباحة الملاهي: "هذا من الكذِب على الأئمَّة الأربعة، فإنَّهم متَّفِقون على تَحريم المعازِف الَّتِي هي آلاتُ اللَّهو، كالعُود ونحوه، ولو أتْلفَها مُتْلِفٌ عِنْدَهم لم يضْمَن صورةَ التَّالف، بل يَحرم عندَهم اتِّخاذُها" اهـ.

هذا؛ وقد جاءتِ النُّصوصُ الصريحةً بِحرمة الغِناء المشتمِل على آلات اللَّهو والطَّرب؛ قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [لقمان: 6]، قال الواحدي: أكثر المفسِّرين على أنَّ المُرادَ (بلَهْوِ الحديث): الغناء.

وعنْ أبي مالكٍ الأشْعري - رضِي الله عنْهُ - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ليكونَنَّ من أُمَّتِي أقوامٌ يَستَحِلُّون الخَمر، والحِرَ، والحريرَ، والمعازف))؛ أخْرجه البُخاريُّ تعليقًا بصيغة الجزم.

كما دلت السنة على تسمية الغناء بـ مزامير الشيطان؛ كما في "الصحيحين" عن عائشة - رضي الله عنها – قالتْ: دخل أبو بكرٍ وعندي جاريتانِ من جواري الأنصار تُغَنِّيان بِما تقاوَلَت الأنصارُ يوم بُعاث – قالت: وليسَتَا بِمُغنِّيتيْنِ - فقال أبو بكر: أمزاميرُ الشَّيطانِ في بيْتِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -؟ وذلك في يوم عيدٍ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا أبا بَكرٍ، إنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وهذا عيدُنا)).

قال أبو العباس القُرطبيُّ في "المفهم" (2/ 534-535): "وقولُها: وليستا بِمغنيتين، أي: ليستَا مِمَّن يَعْرف الغناءَ كما تَعْرِفه المغنِّيات المعروفات بذلك، وهذا منها تَحرُّز من الغِناء المُعتاد عند المشتَهرين به، الذي يُحرِّك النفوس، ويبعثُها على الهوى والغزَل والمُجون، الذي يحرِّك الساكنَ ويبعَثُ الكامن، وهذا النَّوع إذا كان في شعرٍ يشبَّبُ فيه بِذِكْر النِّساء، ووَصْفِ مَحاسنهنَّ، وذِكْرِ الخُمور والمحرَّمات لا يُختَلَفُ في تَحريمه؛ لأنَّه اللَّهو واللَّعب المذموم بالاتِّفاق، فأمَّا ما يسلم من تلك المحرَّمات، فيجوز القليلُ منه في أوقات الفرح؛ كالعُرس والعيد، وعند التنشيط... فأمَّا ما ابتدعتْه الصوفيَّة اليوم من الإدمان على سَماع المغاني بالآلات المطربة؛ فمِنْ قبيل ما لا يُختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية والأغراض الشيطانيَّة قد غلبتْ على كثيرٍ مِمَّن نُسِب إلى الخير وشُهر بذِكْره، حتى عَمُوا عن تَحريم ذلك وعن فُحشه؛ حتَّى قد ظهرت من كثير منهم عَوارات المُجَّان والمجانين، والصبيان، فيرْقُصون ويزْقنون بِحركات متطابقة، وتقطيعاتٍ مُتلاحقة؛ كما يفعل أهل السَّفَه والمُجون". اهـ.

 وقال أيضًا (3/ 645): "والغناء بالألحان، والرقص بالأكمام، وضرب الأقدام، كما يفعله الفسقة المجان، ومجموع ذلك يعلم فساده، وكونه معصية من ضرورة الأديان، فلا يحتاج في إبطاله إلى إقامة دليل ولا برهان". اهـ.

أما الغِناءُ المباح فهو ما كان منِ امرأةٍ إلى النساء، أو إلى زوجها أو محارمها، ويجوز للنساء السماع من الرجلٍ إن أمنت الفتنة، على أنْ تكون الكلمات مباحة، وتدعُو إلى الفضيلةِ وحسن الخلق، ونحوها من الحِكَمٍ والمواعظَ والنَصائِح.

 قال القاضي أبو بَكْرِ بنُ العربي في "أحكام القرآن"(3/ 527) :وَأَمَّا سَمَاعُ الْقَيْنَاتِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْمَعَ غِنَاءَ جَارِيَتِهِ؛ إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَيْهِ حَرَامًا، لَا مِنْ ظَاهِرِهَا وَلَا مِنْ بَاطِنِهَا، فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْ التَّلَذُّذِ بِصَوْتِهَا".

تفسير القرطبي (14/ 56): "أما إنه لا يجوز انكشاف النساء للرجال، ولا هتك الأستار، ولا سماع الرفث، فإذا خرج ذلك إلى ما لا يحل ولا يجوز، منع من أوله واجتث من أصله.

وقال أبو الطيب الطبري: أما سماع الغناء من المرأة التي ليست بمحرم، فإن أصحاب الشافعي قالوا لا يجوز، سواء كانت حرة أو مملوكة، قال: وقال الشافعي: وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته، ثم غلظ القول فيه فقال: فهي دياثة". اهـ.

ولمزيد تفصيل يراجع الفتويين: الغناء، الرد على شبهة إباحة الغناء، : (حكم صوت المرأة فيما يسمَّى بالنشيد الإسلامي).

إذا تقرر هذا؛ فلا يجوز لكِ سماع الغناء المشتمل على الموسيقا، وإنما يجوز سماع النشيد الإسلامي ونحوه مما يشتمل على الشروط السابقة.

كما ننصحك بالإقلاع عن مشاهدة كل ما يؤثر على قلبك من الأفلام الأجنبية والإنيمي، ولتستبدليها بأشياء هادفة،، والله أعلم.