يمتلك السودان مقومات زراعية هي الأولى في المنطقة العربية والأفريقية والسادسة عالمياً، بواقع 175 مليون فدان صالحة للزراعة، إلى جانب المعادن وأهمها (الذهب)، ويتمتع السودان بـ102 مليون رأس من الماشية، فضلاً عن معدل أمطار سنوي يزيد على أربعمائة مليار متر مكعب.
بيد أن هذه الثروات لم تُستَغل على مدى 67 عاماً، عقب نيل السودان استقلاله عن الاحتلال الإنجليزي عام 1956، بسبب (فرسان الدبابات الأشاوس)، الذين قادوها بانقلاباتهم العسكرية التي نالت منها البلاد والعباد (الويل والثبور).
هل نترحم على المستعمر الذي مد خطوط الحديد في السودان، لتكون هي مع مصر ثاني دولة بعد بريطانيا تتمتع بهذه الخدمة، وهل تعلمون يا سادتي أن البنية التحتية التي أنشأها الاستعمار تعمل حتى الآن؟! وأن التعليم في ذلك الوقت كان مجاناً، بل إن المضحك أن بعض شوارع الخرطوم كانت تغسل بالماء والصابون؟!
والآن اسمحوا لي أن أروي لكم معلومة صحيحة – ولكنها أشبه ما تكون (بنكتة)، وهي: أن السودان يمتلك ما لا يقل عن (40) مليون رأس من الأبقار، في حين أن هولندا لا تملك إلاّ أقل من (2) مليون رأس فقط منها، وأرجوكم ارجعوا إلى (غوغل) حفظه الله، ليخبركم عن هولندا ومقدار ما تنتجه من الحليب والأجبان المتنوعة، وما تحققه من أرباح أكثر من ميزانية السودان.
أعترف أنني (غثيتكم) بكلامي السابق، ولكن دعوني أنتقل بكم نقلة (دراميّة وكوميديّة)، إلى دولة أفريقية صغيرة يقال لها (رواندا) – كانت في وقت سابق من أفقر وأتعس الدول، وجرت فيها مذابح بشرية، إلى أن فتح الله عليها وتغيرت (180) درجة، وهي اليوم بعد أن رجع لها عقلها تعتبر الأولى في أفريقيا من حيث رغد العيش والأمن والأمان، وغالباً ما تصيب الدهشة زوارها حين يجدون بلداً الأمور تسير فيه على خير ما يرام، ويتمتع بكفاءة عالية، إنه بلد أنيق ومرتب ذو مناظر طبيعية تتسم بالخضرة والنضارة، وشبكة إنترنت لا سلكية (واي فاي) جيدة في العاصمة كيغالي، وعلى فكرة وقبل أن أنسى ففي يوم السبت الأخير من كل شهر، يجتمع كافة السكان في أحيائهم للقيام بتنظيف جماعي، حيث تنظف الطرق وتجمع القمامة، ويطلق على ذلك السبت من كل شهر اسم (أميوغانتا) والذي يعني (العمل المجتمعي).
وقد يسألني سائل: ما دخل السودان برواندا؟! أرد عليه وأقول: (افهم يا فهيم).
الأسبوع القادم سوف اكتب مقالي من (رواندا)، وأنا بين الزهور واضعاً (رجلاً فوق رجل).