يمثل مقتل يحيى السنوار، أحد أبرز قادة حماس، لحظة مفصلية في االحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام على قطاع غزة، مع تأثير أوسع على المنطقة، إذ كان للسنوار دور أساسي في تنظيم هجمات حماس، بما في ذلك الهجوم الذي وقع يوم 7 أكتوبر 2023 وأسفر عن مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي، وسمته حماس: "طوفان الأقصى".
وأدّت هذه التطورات إلى وضع العديد من المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال، في خطر بسبب مزاعم إسرائيل بأن حماس تنشط في المناطق السكنية المكتظة.
ورغم أهمية موت السنوار لدى أعدائه، فليس ثمة إجماع على أن وفاته تعني النهاية. فهل يعني مقتل السنوار نهاية حماس؟
ما فتئت إسرائيل تؤكد أن هدفها هو القضاء التام على حماس لضمان أمن الإسرائيليين. وقد صرحت حكومة نتنياهو بأن الحملة العسكرية الأخيرة أدت إلى تدمير قدرات حماس بشكل كبير، مع الإشارة إلى مقتل أكثر من 17,000 من مقاتلي حماس الذين يقدر عددهم بما بين 25,000 و35,000. وقد تم تكثيف جهود إسرائيل في استهداف قادة حماس في محاولة لإضعافها.
ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحا حول ما إذا كان مقتل السنوار سيؤدي إلى نهاية حماس؟
تظهر الدراسات المتعلقة باستراتيجيات "قطع الرأس"، التي تستهدف القضاء على الجماعات المسلحة بقتل قيادتها، أنها لا تكون فعّالة دائمًا مع جماعة توصف بدقة التنظيم والتمرس والرسوخ، مثل حماس. وفوفقًا لدراسات حول تاريخ التنظيمات الإرهابية على مدى 100 عام، فإن المجموعات الصغيرة التي تعتمد على قائد واحد تميل إلى الانهيار عند قتل قائدها، بينما تتمتع المجموعات الأكبر سنًا والأكثر تنظيمًا، مثل حماس، بقدرة على إعادة تنظيم صفوفها والاستمرار.
استمرارية حماس
ولو كانت حماس تتأثر باستراتيجية "قطع الرأس"، لكانت قد انهارت منذ فترة طويلة. فعلى مدار عقود، ظل قادة حماس هدفا لإسرائيل، بدءًا بيحيى عياش الذي اغتيل عام 1996، مرورًا بأحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي في 2004، ووصولًا إلى قادة آخرين قضوا نحبهم هذا العام. فرغم هذه الاغتيالات، استمرت حماس في العمل، وأظهر كل قائد جديد قدرة على استكمال مهام سلفه.
ومن المتوقع أن يؤدي مقتل السنوار إلى تعزيز مكانة شقيقه الأصغر، محمد السنوار، الذي شاع في اللحظات الأولى أنه مرشح لتولي القيادة خلفا لأخيه، قبل أن تعلن الحركة أنها بصدد تشكيل لجنة أو مجلس أعلى للقيادة، بدلا من اختيار شخص واحد لخلافة رئيس المكتب السياسي الذي قضى نحبه دون أن يعرف الجنود الإسرائيليون أنه يقاتلهم في الصفوف الأمامية في مخيم جباليا.
ويرى المراقبون أن أن موت يحيى السنوار سوف يسهم في تعزيز صورة القيادة الجديدة التي قد تستفيد من إرث القائد السابق.
مستقبل المنطقة بعد وفاة السنوار
ويبقى التساؤل حول ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية تمتلك خطة سياسية واضحة للتعامل مع حماس بعد وفاة السنوار. فقبل الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، قضى السنوار 23 عامًا في السجون الإسرائيلية، وهو ما يُعتبر عاملاً مؤثرًا في موقفه المتشدد. وهذا يثير التساؤلات حول الشباب الفلسطينيين الذين قد يكونون اليوم في أوضاع مشابهة.
كما يمثل مقتل السنوار فرصة لمراجعة الديناميكيات السياسية في المنطقة. فقد تكون هذه اللحظة ملائمة لإعادة التفكير في الحلول السياسية الممكنة للصراع بين إسرائيل وحماس. ويتطلب هذا الأمر جهودًا متضافرة من المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة وقطر ومصر، للوصول إلى حلول تشمل إعادة الرهائن الإسرائيليين، وتقديم مساعدات إنسانية لسكان غزة.
ومع ذلك، يبقى التحدي قائما أمام العثور على قيادة جديدة لحماس يمكن التفاوض معها بشأن وقف إطلاق النار، وهو ما قد يجعل استمرار النزاع أمرًا لا مفر منه.