اشتباكات السودان: الجيش يعلق مشاركته في مفاوضات جدة احتجاجاً على "خرق" القوات للهدنة

منذ 1 سنة 131

علّق الجيش السوداني مشاركته في مباحثاته مع قوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية. احتجاجاً على عدم انسحاب الدعم السريع من المرافق العامة والخاصة، كما نص على ذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الطرفان مؤخراً.

علّق الجيش السوداني مشاركته الأربعاء، في محادثات برعاية الولايات المتحدة والسعودية لوقف إطلاق النار، متهماً قوات الدعم السريع بالفشل في الإيفاء بالتزاماتها.

وأقر الوسطاء في المحادثات الجارية في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر، انتهاك الطرفين الهدنة مراراً، لكنهم تجنبوا حتى الآن فرض أي عقوبات على أمل إبقاء طرفي النزاع على طاولة المفاوضات.

وأفاد مسؤول في الحكومة السودانية طلب عدم الكشف عن هويته أن الجيش اتّخذ القرار "بسبب عدم تنفيذ المتمردين البند الخاص بانسحابهم من المستشفيات ومنازل المواطنين وخرقهم المستمر للهدنة".

وفي العاصمة، أفاد سكان لوكالة فرانس برس بأن "المدفعية الثقيلة من معسكرات للجيش في شمال أم درمان تنفذ قصفاً في اتجاه الخرطوم بحري". وأكد آخرون تعرض "معسكر قوات الدعم السريع الكبير في الصالحة جنوب الخرطوم" إلى قصف مدفعي.

وكان الوسطاء الأمريكيون والسعوديون قد أفادوا في وقت متأخر الإثنين، أن طرفي النزاع وافقا على تمديد هدنة إنسانية خرقاها مراراً خلال الأسبوع الماضي، خمسة أيام.

وأعلن الوسطاء "تمديد وقف إطلاق النار الحالي ليمنح ممثلي العمل الإنساني مزيداً من الوقت للقيام بعملهم الحيوي" وذلك "رغم عدم الالتزام به بشكل تام".

ورغم تعهّدات الجانبين، اندلع القتال مرة أخرى الثلاثاء في الخرطوم الكبرى ومنطقة دارفور المضطربة في غرب البلاد.

وأعلن قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان خلال زيارة للقوات في العاصمة الثلاثاء أن "الجيش جاهز للقتال حتى النصر".

وقال الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، إن القوات "ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها". واتهم الجيش بانتهاك الهدنة.

مخاوف من انهيار المحادثات

وقال الباحث المتخصص بالشأن السوداني في جامعة غوتنبرغ السويدية ألي فيرجي إن الوسطاء يسعون لتجنّب انهيار كامل للمحادثات، خشية تصعيد ميداني كبير. وأفاد: "يعرف الوسطاء بأن الوضع سيء لكنهم لا يريدون الإعلان بأن وقف إطلاق النار انتهى خشية تدهور الوضع أكثر".

وتابع "الأمل هو أنه عبر إبقاء الطرفين على طاولة المحادثات، ستتحسن في نهاية المطاف آفاق وضع ترتيبات يمكن احترامها بشكل أفضل".

ومنذ اندلعت المعارك بين القوتين الأمنيتين الخصمتين في 15 نيسان/أبريل، قتل أكثر من 1800 شخص، بحسب مشروع موقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث.

وتفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 1,2 مليون شخص نزحوا داخلياً، فيما فرّ أكثر من 425 ألفاً إلى الخارج، أكثر من 170 ألفاً منهم إلى مصر.

وتؤكد الأمم المتحدة أن أكثر من نصف السكان (25 مليون شخص) باتوا بحاجة للمساعدة والحماية.

وانقطعت المياه عن أحياء كاملة في الخرطوم فيما لم تعد الكهرباء متوافرة لأكثر من بضع ساعات في الأسبوع بينما خرج ربع المستشفيات في مناطق القتال من الخدمة.

ولاية الجزيرة محطة استقبال النازحين

وتواصل الكثير من العائلات الاختباء في منازلها وتقنين المياه والكهرباء، بينما تحاول جاهدة تجنّب الرصاص الطائش في المدينة التي تعد أكثر من خمسة ملايين نسمة، فر نحو 700 ألف منهم، بحسب الأمم المتحدة.

وأفادت وزارة الصحة السودانية في بيان الأربعاء بأن ولاية الجزيرة التي تعد محطة استقبال رئيسية للنازحين من الخرطوم، شهدت خروج "تسع مؤسسات صحية من الخدمة رغم الهدنة المعلنة وذلك بسبب ميليشيا الدعم السريع التي تتحرك في تلك المناطق وتهدد حركة الكوادر الطبية والإمداد".

في دارفور الواقعة عند حدود السودان الغربية مع تشاد، "يتجاهل (القتال المتواصل) بشكل صارخ التزامات وقف إطلاق النار"، بحسب طوبي هارورد من المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين.

وعرقل القتال المتواصل إيصال المساعدات والحماية التي يحتاجها عدد قياسي من الأشخاص (25 مليون نسمة)، أي أكثر من نصف السكان، بحسب الأمم المتحدة.

ورغم الاحتياجات المتزايدة، تفيد الأمم المتحدة أنها لم تحصل إلا على 13 في المئة من مبلغ 2,6 مليار دولار تحتاجه.

حذّرت الأمم المتحدة على مدى أسابيع من أن مقاتلين متمرّدين سابقين وعناصر ميليشيات تم تجنيدهم على أساس عرقي خلال النزاع المدمر الذي شهدته المنطقة في منتصف الألفية يشاركون في المعارك في كبرى مدن دارفور.

وحضّ زعيم المتمردين السابق ميني ميناوي وهو أيضا حاكم منطقة دارفور الموالي للجيش، المواطنين على "حمل السلاح" للدفاع عن ممتلكاتهم.

وحذّر تحالف قوى الحرية والتغيير، الكتلة المدنية التي أطاحها الجنرالان اللذان كانا حليفين ونفذا معاً انقلاب العام 2021 قبل أن تبدأ الخلافات بينهما، من "حرب أهلية شاملة".