في عدد من المشاهد في فيلم "يوميات بريدجيت جونز" Bridget Jones's Diary الصادر سنة 2001، تقوم البطلة - وهي امرأة عازبة في الثلاثين من عمرها أدتها رينيه زيلويغر - بإقحام الجزء الأسفل من جذعها في مشد للجسم مصنوع من الليكرا في محاولة لجعل جسدها يبدو أنحف. عندما يستقر نظر دانييل كليفر (يؤديه هيو غرانت) على سروالها الداخلي ذي الخصر العالي واللون اللحمي في مشهد لا ينسى، تحمر بريدجيت من الخجل، فيقرقر دانييل: "حسناً، أهلاً بجسد الأم".
عندما أطلق الفيلم، كانت مشدات الجسم والملابس الداخلية التي تشد البطن وتجعل مرتديتها تبدو أكثر رشاقة تسوق في الغالب لأشخاص مثل بريدجيت، امرأة قال لها المجتمع إنها "سمينة" أو غير مرغوب فيها ما لم يكن بطنها مسطحاً. على كل حال، تصنف مشدات الجسم اليوم بطريقة مختلفة، وتسوف للشابات على أنها إضافة جذابة للأزياء ولا بد من اقتنائها. لا يتم الترويج لمنتجات مشدات الجسم فقط كأدوات تحل مشكلة البطن، ولكن لأي شخص يريد خصراً نحيلاً أو بنية جسد تشبه الساعة الرملية على غرار نساء آل كارداشيان. تبيع شركة "سكيمز"، العلامة التجارية لمشدات الجسم التي تمتلكها كيم كارداشيان وأسستها في عام 2019، أعداداً هائلة من مشدات تبدأ أسعارها من 70 جنيهاً استرلينياً تزعم أنها تجعل الجسد يبدو منحوتاً تهدف إلى بلوغ هذا الشكل من الأجسام تحديداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منذ إطلاق "سكيمز"، وكما هو الحال مع أي شيء يرتديه أو يصنعه أحد من آل كاردشيان، تضخم سوق الأزياء السريعة المقلدة. متجر "بريتي ليتل ثينغ" الإلكتروني، الذي يمتلك سجلاً حافلاً من المساهمة في دورة استهلاك الأزياء السريعة الضارة، يبيع نسخاً مقلدة من مشد الجسد الكامل واسع الانتشار الذي تنتجه "سكيمز" مقابل نحو 20 جنيهاً استرلينياً، كما أنه يبيع مشدات نحت الخصر – وهو مشد على هيئة كورسيه يرتدى تحت الملابس ليدرب الخصر بالقوة على أن يكون أضيق - مقابل 12 جنيهاً استرلينياً فقط. يرد في وصف المنتج: "حولي خصرك إلى خصر دمية فوراً مع مشد الخصر هذا". يحتوي المنتج على أسياخ داعمة تجعله ذا قوام صلب ومقيداً للحركة. انطلقوا في بحث على "تيك توك" وستجدون فساتين تنتشر بكثافة مرفقة بمشدات على نمط ما تنتجه شركة "سبانكس" مدمجة في الأزياء نفسها، مصممة لتقليل عرض خصر مرتديتها وإبراز مؤخرتها.
في حين أن "سكيمز" ليست مسؤولة لوحدها عن هذه الطفرة الأخيرة في المشدات، لكنها أسهمت في تغيير الطريقة التي نراها بها - أصبح "سروال الجدات الداخلي" الذي ارتدته بريدجيت الآن شيئاً ساحراً وتطمح إليه المرأة. لصالح أحدث تشكيلة تنتجها العلامة التجارية، تم على سبيل المثال تجنيد المغنيتين وكاتبتي الأغاني البريطانيتين المثيرتين راي وبينك بانثريس للترويج لها، إلى جانب مغنية الراب واسعة الانتشار آيس سبايس التي انطلقت من حي ذا برونكس في نيويورك. لن تبدو الحملة الناتجة في غير محلها على صفحات مجلة "فوغ"، ما يقوله لنا هذا التسويق هو أن الموضة لا تتعلق فقط بالملابس التي ترتديها، ولكن بشكل الجسد القابل للتطويع على ما يبدو الذي ترتدي تلك الملابس فوقه.
ظهرت مشدات الجسم الأولى في القرن السادس عشر، ليس كموضة أو أداة لنحت الجسد، ولكن لتوفير دعم عملي. أخبرتني كارولينا لاسكوفسكا، مصممة ملابس داخلية ومديرة أرشيف الملابس الداخلية في متحف الملابس الداخلية الإلكتروني، أن الغرض الأساسي من المشدات في ذلك الوقت كان دعم الجسم بطريقة تشبه إلى حد كبير ما تفعله حمالات الصدر المعاصرة للأثداء في يومنا هذا. تشرح: "كان يمكن أن توفر حمالة مزدوجة [صدرية على شكل كورسيه] دعماً للصدر والظهر للنساء العاملات... كانت هذه الأنماط وظيفية وداعمة أكثر من كونها مدفوعة باتجاهات الموضة".
شوهدت بدايات الملابس الداخلية التي نراها اليوم لأول مرة في الستينيات، عندما سمح اختراع الليكرا، وهي نسيج صناعي مرن بإنتاج أقمشة قابلة لتمدد أكثر، ما تطلق عليه لاسكوفسا وصف جد الملابس الداخلية الحديثة كان باسم "ليتل إكس غريدل" من إنتاج علامة أزياء بريطانية هي "سيلويت". تقول: "كان نقطة تحول في الانتقال من المشدات التقليدية ذات الدعامات إلى المشدات المرنة". كان المشد عبارة عن كورسيه بلا درز يرتدى من الأسفل يغطي المنطقة ما بين الفخذين والخصر – حصل على ترخيص للبيع في نهاية المطاف في أكثر من 32 دولة مع زيادة مبيعاته بشكل استثنائي، ثم شهدنا تطور مشدات مريحة أكثر، كتلك التي تنتجها علامة "سبانكس" الأميركية التي تأسست عام 2000.
على العكس من ذلك، يتم تصميم المشدات الحديثة بهدف نحت الجسم ليظهر بشكل مختلف تحت الملابس. والآن، تتدخل الموضة السريعة أيضاً، لكن قلق مصممي الملابس الداخلية مثل لاسكوفسا يزداد حيال "إيذاء" المستهلكين أجسادهم بملابس داخلية سيئة الصنع. تقول: "لقد رأينا الموضة السريعة تتبنى اتجاهات الكورسيه والمشدات، لكنها ليست مصنوعة لتناسب التشريح الجسدي للإنسان، نظراً إلى تصميمها لتكون رخيصة قدر الإمكان". وتضيف أن الناس يمكن أن يعرضوا أجسادهم "للأذى" إذا ارتدوا مشدات بمقاس أصغر بكثير، مما يعني احتمال تقييد دورتهم الدموية.
تعمل فيكتوريا كلينزمان، خبيرة تقدير الذات ومدربة حب الجسد، مع نساء تتراوح أعمارهن بين 13 و60 سنة، وتقول إنها شاهدت كيف تشعر عميلاتها الأصغر سناً بالضغط لارتداء المشدات من أجل الاندماج في ثقافة النحافة. بعض العميلات اشترين جوارب طويلة مع حشوات مدمجة تجعل المؤخرة تبدو أكبر حجماً ومرفوعة أكثر. يرتدي البعض الآخر طبقات من المشدات لنحت الجسم، وبخاصة الخصر والبطن، ليبدو أنحف أو أرشق. بالنسبة إلى كلينزمان، فإن ارتداء المشدات المعاصرة يسمح للناس باستخدام "فلتر إنستغرام" على أجسادهم. يومياً تتحدث عبر تطبيق "زوم" إلى نساء "يبكين" لأنهن قلقات حيال مظهر أجسادهن. وتضيف: "وصلنا إلى مرحلة ترتدي [النساء] مشدات مرنة وجوارب ضيقة حتى عندما يكون الجو شديد الحرارة. إنهن غير مرتاحات على الإطلاق، لكنهن خائفات جداً من الصورة التي يكونها الآخرون عنهن بسبب أحجام أجسامهن".
وجدت الخبيرة نفسها تعمل في هذا المجال بعد أن عانت شخصياً اضطراباً في الأكل – كما أنها كانت ترتدي مشد خصر لما كانت تتعامل مع مشكلات صورة الجسد. تقول: "كنت أذهب إلى صالة الألعاب الرياضية مرتدية [المشد] لأنه يجعلك (تتعرقين أكثر) على ما يبدو بالتالي تفقدين (السوائل المخزنة)، هذا هراء تام! إنه مؤلم لجسمك المادي وأكثر إيلاماً لسلامتك العاطفية والعقلية".
تعتقد كلينزمان أن لا علاقة لهذا النوع من المشدات المرنة بالموضة ولا ينبغي تسويقه على أنه كذلك. قالت لي: "هذا أمر خطر حقاً... تمنحك المشدات (ثقة) مزيفة، ولكن تحت كل ذلك، من أنت إذاً عندما تخلعينها؟".
من غير المحتمل أن تنخفض شعبية "سكيمز" ونسخها المقلدة في أي وقت قريب، لكن كلينزمان تأمل في أن يتفكر مزيد من النساء قريباً في إعادة إحياء المشدات. تقول متنهدة: "رهاب السمنة وصدمة صورة الجسد لا تزال هي المعيار القياسي... لم يسبق أن كان هناك وقت [مناسب] أكثر بالنسبة لنا للاعتزاز بأجسادنا الطبيعية".