♦ الملخص:
فتاة لم تكن تصلي، وكانت تمارس الزنا قبل خطبتها، وهي لا تدري كيف تكفر عن تلك المعصية، وكيف تقضي صلاتها التي فاتتها، وتسأل: ما الرأي؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ الثالثة والعشرين من العمر، مخطوبة، قبل خطوبتي كنت أمارس العادة السرية، ولا أصلي، وقد ارتكبت معصية الزنا أكثر من مرة، ولست أفخر بذلك، وقد تبت إلى الله تعالى، وأنا نادمة جدًّا على ما اقترفته يداي، وعدت لألتزم بالصلاة، شاكرة ربي بستره وعفوه، وأنه بعث إليَّ شابًّا على خُلُقٍ، سؤالي هو: لم يطَّلِع أحد على ما فعلت، وأنا لم أكن أمارس الزنا بجهل حتى أكتفي بصلاة التوبة، فكيف أكفِّر عن معصيتي؟ هل أخبر الجهات المختصة لتنفيذ حكم الله بالجلد؟ أما ما يخص الصلاة، فهل يجب عليَّ قضاء الصلوات التي فاتتني منذ بلوغي حتى الآن؟ أرشدوني، بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة على رسول الله؛ أما بعد:
فقد سألتِ عن ثلاث مسائل؛ هي:
الأولى: هل يقبل الله توبتكِ من الزنا أم لا بد من تقديم نفسكِ للمحكمة؛ لإقامة حد الزنا عليكِ؟
الثانية: هل يجب عليكِ إعادة الصلوات التي تركتِها سابقًا؟
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: لا شك أن الزنا قبيح جدًّا، وكبيرة من كبائر الذنوب، ومتوعد صاحبه بالعذاب الأليم، لكن مع ذلك ما دمتِ تبتِ منه توبة صادقة، وندمتِ وأقلعتِ عنه، فقد استكملتِ شروط التوبة المقبولة عند الله سبحانه؛ وهي:
الندم.
والإقلاع.
والعزم.
لأن الله سبحانه قال: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].
وقال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
وقال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].
فانظري لسَعة رحمة الله سبحانه بعباده المذنبين التائبين بصدق، يقبل توبتهم، وأعظم من ذلك يبدل سيئاتهم السابقة إلى حسنات، فافرحي بفضل الله، واثبتي وسَلِي الله دائمًا الثبات والإعاذة من الفتن.
ثانيًا: لا يلزمكِ تقديم نفسكِ لإقامة حد الزنا، التوبة الصادقة كافية بمشيئة الله سبحانه.
ثالثًا: أنصحكِ أن تستري على نفسكِ، وألا تذكري معصيتكِ لأي إنسان، مهما كانت قرابته لكِ، ومهما كانت ثقتكِ به، واجعليها سرًّا دفينًا يدفن معكِ في قبركِ؛ فإن الغالب أن أي إنسان سيعلم بفعلتكِ سيُسيء الظن بكِ، وقد ينشر سركِ ولو بطريق الخطأ.
رابعًا: بالنسبة لترككِ الصلاة منذ البلوغ إلى توبتكِ، هو عند بعض العلماء كفر أكبر؛ ولذا يقولون: لا يلزم التائب من تركِ الصلاة بإعادة الصلوات السابقة، ويكتفي بحسن التوبة وبالإكثار من الأعمال الصالحة؛ لأن الله سبحانه قال: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114].
خامسًا: من تمام توبتكِ أن تقطعي كل صلة لكِ بمن زنوا بكِ، وأن تغيري رقم جوالكِ؛ لأن مثل هؤلاء يتمنون أن تستمر فريستهم معهم في الرذيلة، وأن تعود إليها.
سادسًا: أكثري من الدعاء بالثبات؛ لأن النفس ضعيفة، والشيطان لها بالمرصاد، وكذلك شياطين الإنس، فاستعيذي كثيرًا من شرهم جميعًا.
حفظكِ الله، وتقبل توبتكِ، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.