نفذت إيلين وورنوس، المعروفة كأول قاتلة متسلسلة في تاريخ أميركا، سلسلة من جرائم القتل الوحشية الشهيرة على طول الطرق السريعة المظلمة في فلوريدا في أواخر عامي 1989 و1990.
وبدأت وورنوس التي كانت ضحية سوء المعاملة في طفولتها بارتكاب جرائم بسيطة في مرحلة البلوغ، إذ عملت في مجال الدعارة.
خلال ممارستها هذه المهنة أطلقت وورنوس النار وقتلت ستة - ربما سبعة - رجال، وعادةً ما كانت تلقي جثثهم في مناطق حرجية نائية وتسرق ممتلكاتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزعمت وورنوس أنها قتلت ضحاياها دفاعاً عن النفس بعدما أصبحوا عنيفين تجاهها.
اعتقلت عام 1991 ودينت بالقتل في العام التالي، وصدرت بحقها ستة أحكام بالإعدام.
أُعدمت وورنوس بحقنة قاتلة في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) 2002، بعد أن أمضت عقداً من الزمن في انتظار تنفيذ حكم الإعدام.
من هي إيلين وورنوس؟
ولدت وورنوس، المعروفة آنذاك باسم إيلين كارول بيتمان، في الـ 29 من شباط (فبراير) 1956 لأبوين مراهقين في مدينة روتشستر في ولاية ميتشيغان. وكانت والدتها ديان تبلغ من العمر 16 سنة فقط عندما أنجبت وورنوس – طفلتها الثانية.
بعدما سُجن ليو والد وورنوس بتهمة اغتصاب قاصر (انتحر ليو لاحقاً في زنزانته بالسجن)، تخلت والدتها عن أطفالها، وتركتهم في رعاية والديها المدمنين على الكحول.
أثناء ترعرعها، تعرضت وورنوس للاعتداء الجنسي من قبل جدها، ومارست زنا المحارم مع شقيقها كيث، وتعرضت للاغتصاب الذي أدى إلى الحمل من قبل صديق للعائلة.
وبعد أن أجبرت على التخلي عن طفلها للتبني عندما كانت تبلغ من العمر 15 سنة فقط، طردت من منزل جديها وأجبرت على العيش في المناطق الحرجية، فلجأت إلى العمل بالدعارة من أجل كسب المال لشراء الطعام.
ثم شقت طريقها إلى الجنوب، حيث التقت وتزوجت رئيس نادي اليخوت في فلوريدا لويس غراتز فيل الذي كان يبلغ 69 سنة، عام 1976. وبدا الارتباط بينهما بمثابة بحث وورنوس عن الأمن بعد نشأتها المضطربة، لكنه لم يدُم طويلاً.
بعد تسعة أسابيع فقط من حفل الزفاف، ألغي الزواج وعادت وورنوس إلى حياة التجوال المليئة بالمشاجرات في الحانات والجرائم الصغيرة ومحاولات الانتحار المتكررة، وعاشت لفترة من الوقت على مبلغ 10 آلاف دولار الذي تلقته من بوليصة التأمين على حياة شقيقها كيث بعد وفاته بسرطان المريء.
طوال عقد الثمانينيات، كانت وورنوس تواجه مشكلات قانونية باستمرار، فدخلت في عمليات سطو مسلح وسرقة السيارات وسلوك غير منضبط، تاركة وراءها سلسلة من الفوضى. عام 1986، التقت تيريا مور، عاملة تنظيف في فندق في دايتونا بيتش تبلغ من العمر 24 سنة، في حانة للمثليين.
لقد وقعا في الحب وحاولت وورنوس دعم مور مادياً من خلال مكاسبها من العمل في مجال الدعارة.
ماذا ارتكبت إيلين وورنوس؟
يُعتقد بأن وورنوس التي كانت تعمل على طول الطرق السريعة في فلوريدا في أواخر الثمانينيات، قتلت ما يصل إلى سبعة رجال بين عامي 1989 و1990. وكان جميع الضحايا من سائقي السيارات الذين التقوها كزبائن في مجال الدعارة.
الضحية الأولى كان ريتشارد مالوري، صاحب متجر إلكترونيات يبلغ من العمر 51 سنة، قُتل بإطلاق نار في الـ30 من تشرين الثاني (نوفمبر) 1989. عُثر على جثته بعد أسبوعين في منطقة حرجية، وقد اخترقها الرصاص.
زعمت وورنوس أن مالوري ضربها واغتصبها بعدما التقاها.
وتبين لاحقاً أن مالوري كان مداناً في وقت سابق بمحاولة اغتصاب في ولاية ماريلاند، مما أضاف مصداقية إلى رواية وورنوس.
وعثر على جثث خمسة رجال آخرين مفقودين في الفترة ما بين الأول من حزيران (يونيو) والـ19 من تشرين الثاني 1990، وجميعها أوصلت [المحققين] إلى وورنوس.
والضحايا هم: عامل البناء ديفيد أندرو سبيرز، 47 سنة والمتسابق تشارلز إدموند كارسكادون، 40 سنة وموظف المبيعات تروي يوغين بورّس، 50 سنة والرائد المتقاعد في القوات الجوية الأميركية ورئيس الشرطة تشارلز ريتشارد همفريز، 56 سنة وسائق الشاحنة وحارس الأمن والتر جينو أنطونيو، 62 سنة.
ويعتقد بأن وورنوس قتلت وسرقت رجلاً سابعاً خلال الفترة نفسها، وهو البحار والتاجر المتقاعد بيتر أبراهام سيمز، 67 سنة الذي أُبلغ عن اختفائه ولكن لم يُعثر على جثته قط.
كيف اعتقلت؟
في النهاية، جرى تحديد هوية وورنوس بعد العثور على سيارة سيمز محطمة على جانب الطريق واكتشاف بصمة كفها على مقبض الباب الداخلي.
واعتقلت من حانة راكبي الدرجات النارية "الملاذ الأخير" The Last Resort في بورت أورانج، مقاطعة فولوسيا، في التاسع من كانون الثاني (يناير) 1991. وفي اليوم التالي أوقفت السيدة مور في بيتستون، بنسلفانيا.
وجرى إقناع السيدة مور بالانقلاب على عشيقتها والمساعدة في انتزاع اعتراف منها [من وورنوس].
وهذا ما حصل، إذ اعترفت وورنوس للسيدة مور بأنها نفذت جرائم القتل تلك خلال مكالمة هاتفية مسجلة في الـ16 من كانون الثاني ودينت بقتل مالوري في الـ 27 من كانون الثاني 1992.
أثناء محاكمتها، جادل الأطباء النفسيون الذي استعان بهم فريق الدفاع بأنها كانت غير مستقرة عقلياً وأشاروا إلى أنها ربما تعاني اضطراب الشخصية. وعلى رغم ذلك، حكم عليها بالإعدام بتهمة القتل.
في الـ31 من آذار (مارس) 1992، لم تعترض على اتهامها بقتل سبيرز وبورّس وهمفريز، وصدرت ضدها ثلاثة أحكام أخرى بالإعدام. واعترفت لاحقاً بالذنب في جرائم قتل كارسكادون وأنطونيو وحُكم عليها مرة أخرى بالإعدام.
أما الحادثة الوحيدة التي لم تكن مجبرة على تحمل المسؤولية عنها، فهي جريمة قتل سيمز بسبب عدم وجود جثة.
كيف ماتت إيلين وورنوس؟
قضت وورنوس العقد التالي في انتظار تنفيذ حكم الإعدام في مؤسسة بروارد الإصلاحية التابعة لإدارة السجون في فلوريدا.
وعام 2001، راسلت وورنوس المحكمة العليا في الولاية للتبليغ عن تخليها عن جميع الطعون المتبقية ومعلنة: "لقد قتلت هؤلاء الرجال، وسرقتهم ببرودة أعصاب. وسأفعل ذلك مرة أخرى [لو عاد بي الزمن]".
ونقلت وورنوس إلى سجن ولاية فلوريدا قبل إعدامها في أكتوبر 2002.
واكتفت بطلب فنجان من القهوة فقط كوجبة أخيرة.
وكانت كلماتها الأخيرة بحسب التسجيل: "أود فقط أن أقول إنني أبحر مع الصخرة، وسأعود، مثل [كما في فيلم] ’عيد الاستقلال‘ Independence Day، مع يسوع في السادس من حزيران (يونيو)، مثل الفيلم. مثل السفينة الأم، وكل شيء، سأعود، سأعود".
لقد جرى تجسيد قصة وورنوس مرات عدة على شاشة السينما.
وأجرى المخرج البريطاني نيك برومفيلد مقابلة معها خلال فترة انتظارها لتنفيذ حكم الإعدام من أجل فيلمه "إيلين وورنوس: الترويج لقاتلة متسلسلة" Aileen Wuornos: The Selling of a Serial Killer (1993). قام برومفيلد لاحقاً بعمل فيلم وثائقي ثانٍ عن وورنوس بعنوان "إيلين: حياة وموت قاتلة متسلسلة" Aileen: Life and Death of a Serial Killer (2003) - الذي عكس صورة عن حياتها الصعبة.
ورويت قصة وورنوس أيضاً في فيلم "الوحش" Monster (2003) الحائز جائزة الأوسكار من إخراج باتي جينكينز وبطولة تشارليز ثيرون.