هذا المقال نشر باللغة الإنجليزية
انتقدت منصة تأجير السكن "إير بي إن بي" Airbnb القواعد الجديدة التي فرضتها الحكومة الإسبانية على الإيجارات قصيرة الأجل، محذرة من تداعياتها السلبية على الاقتصاد وفرص العمل. وأشارت المنصة إلى أن هذه الإجراءات قد تعرض نحو 400,000 وظيفة للخطر وتؤثر على دخل يبلغ حوالي 30 مليار يورو سنوياً.
وتأتي هذه التصريحات بعد دخول القواعد الجديدة حيز التنفيذ في 2 كانون الثاني/يناير 2024، والتي تلزم ملاك العقارات بالتسجيل في قاعدة بيانات وطنية والحصول على تصاريح للإيجار، مع فرض ضرائب تصل إلى 10% تُعادل ما تدفعه الفنادق.
ترى الحكومة الإسبانية في هذه القواعد حلاً للأزمة السكنية التي تُتهم منصات مثل "إير بي إن بي" بالمساهمة فيها. وأكد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أن الهدف هو إعطاء الأولوية للإسكان على السياحة، مشيراً إلى شراء 27,000 منزل من قبل غير المقيمين في عام 2023 بغرض تحقيق أرباح من الإيجارات بدلاً من استخدامها للسكن.
وأضاف أن هذه القيود تهدف أيضاً إلى تقليل آثار السياحة المفرطة التي أثارت احتجاجات واسعة النطاق خلال العام الماضي.
ارتباك بين الملاك وانتقادات من المنصات
في الوقت الذي تحاول الحكومة ضبط سوق الإيجارات، أبدى العديد من ملاك العقارات والمنصات الرقمية ارتباكهم من تطبيق هذه القواعد، التي تختلف بين المناطق الإسبانية.
في الأندلس، تختلف القواعد حسب مدة الإيجار، بينما تمنع مدريد أي إيجارات جديدة قصيرة الأجل في وسط المدينة. هذه الفروقات دفعت صامويل توريبيو، مسؤول في منصة التأجير Homelike، إلى وصف الوضع بأنه "فوضوي ومثير للقلق".
وتُظهر البيانات أن هذه القيود قد تؤثر بشكل خاص على المناطق الريفية. وفقاً لتقرير صادر عن أكسفورد إيكونوميكس، تم قضاء 141 مليون ليلة في الإيجارات قصيرة الأجل في إسبانيا عام 2023، ما ساهم بـ 29.6 مليار يورو في الاقتصاد المحلي.
وتحذر "إير بي إن بي" من أن الإجراءات الجديدة ستضر بالسياحة الريفية والشركات الصغيرة التي تعتمد على الزوار، في وقت تشهد فيه المناطق الريفية طلباً متزايداً مع 33.6% من الليالي التي قضاها السائحون في عام 2023.
وتشير المنصة إلى أن هذه القيود قد تعيد الزوار إلى المناطق الحضرية المكتظة، مما يساهم في زيادة أسعار الإقامة دون فوائد واضحة للعائلات المحلية. منصة HomeToGo أكدت أن 87% من عمليات البحث عن الإقامات في إسبانيا عام 2024 كانت لوجهات ريفية، مما يبرز أهمية الإيجارات قصيرة الأجل لدعم السياحة في هذه المناطق.
هل تحل القيود مشكلة "السياحة المفرطة"؟
تشير الدراسات إلى أن فرض القيود ليس الحل الأمثل لأزمة السياحة المفرطة. في أمستردام، رغم تطبيق لوائح مشابهة عام 2022، ارتفع عدد ليالي النزلاء بنسبة 12%. وفي حين تضرر أصحاب الإيجارات قصيرة الأجل بخسائر وصلت إلى 269 مليون يورو، شهدت الفنادق ارتفاعاً في أرباحها، مما دفع السوق إلى التوجه نحو الإيجار غير الرسمي.
"إير بي إن بي" أكدت أنها مستعدة للتعاون مع الحكومات لوضع تنظيمات أكثر عدلاً ومتوازنة، مشيرة إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في نقص المنازل الجديدة. وتشير بيانات وزارة الإسكان الإسبانية إلى أن عدد المنازل المبنية حديثاً لا يواكب الطلب، حيث يفوق عدد الأسر الجديدة المنازل الجديدة بمعدل ثلاثة إلى واحد.
وتختتم "إير بي إن بي" بالتحذير من أن القيود الصارمة قد تؤدي إلى تقليل تنوع الخيارات أمام الزوار، مما يضر بقطاع السياحة الإسباني الذي يعتمد على التوازن بين الوجهات الريفية والمناطق الحضرية.