يهدف باريس سان جرمان الفرنسي من خلال تعيين الإسباني "العنيد" لويس إنريكي مدرباً حتى 2025 الأربعاء خلفاً لكريستوف غالتييه المقال من منصبه، إلى طوي صفحة موسم متعثّر رغم امتلاكه ترسانة من النجوم العالميين، وإعادته إلى نادي المنافسين على لقب دوري أبطال أوروبا في كرة القدم.
بعد إقالته من تدريب منتخب إسبانيا إثر الاخفاق في مونديال قطر بالخسارة أمام المغرب في ثمن النهائي، برز اسم لويس إنريكي غارسيا مارتينيس غارسيا "لوتشو" في سوق انتقالات المدربين.
وأعلن القطري ناصر الخليفي رئيس النادي عن التعاقد مع إنريكي خلال مؤتمر صحافي، بعد ساعات من تأكيد النادي بشكل رسمي انفصاله عن غالتييه بعد موسم واحد مع الفريق وقبل عام على نهاية عقده.
قال الخليفي: "إنها مرحلة جديدة، طريقة جديدة في اللعب، إنه أحد أفضل المدربين في العالم، ليس بفضل ما فاز به ولكن لأسلوبه الهجومي في كرة القدم".
سيرة زاخرة كلاعب ومدرب
ستكون مهمة ابن الثالثة والخمسين صعبة، بعد إقالة غالتييه الذي تعرّض لانتقادات لاذعة بسبب غياب الجاذبية والابداع عن أسلوب فريق العاصمة، خصوصاً في النصف الثاني من الموسم المنصرم.
نجحت شركة قطر للاستثمارات الرياضية، المالكة لسان جرمان منذ 2011، بجذب اسم لامع في الكرة العالمية يملك سيرة زاخرة كلاعب ومدرب.
بعد تردّد أسماء أخرى مثل مدرب بايرن المقال يوليان ناغلسمان، أصبح إنريكي المدرب الثامن في الحقبة القطرية اللاهثة وراء أول لقب في تاريخ النادي في دوري أبطال أوروبا.
يرى مسؤولو النادي القطريون ان إنريكي قادرٌ على فك عقدة البطولة القارية الكبرى التي بلغ سان جرمان مباراتها النهائية مرة واحدة، خسرها أمام بايرن ميونيخ الألماني 0-1 في 2020، عندما كان يشرف عليه الألماني توماس توخل.
قد يملك إنريكي الوصفة السحرية، خصوصاً وانه قاد فريقه السابق برشلونة إلى اللقب في 2015، مع أمثال الأرجنتيني ليونيل ميسي، البرازيلي نيمار والأوروغوياني لويس سواريس، بعد التفوّق على يوفنتوس الإيطالي 3-1.
خلال مسيرته كلاعب، أحرز إنريكي لقب الدوري الإسباني مع ريال مدريد (1995) ثم برشلونة (1998، 1999)، ثم قاد برشلونة كمدرب إلى لقب الدوري مرتين ودوري الأبطال مرة.
كما حمل لقب مسابقة كأس الكؤوس الأوروبية البائدة عام 1997 كلاعب مع برشلونة، على حساب باريس سان جرمان في النهائي!
ريمونتادا
وجّه صاحب 62 مباراة دولية مع منتخب إسبانيا شارك خلالها في كأس العالم ثلاث مرات، صفعة مؤلمة جداً لسان جرمان في 2017، عندما كان مدرباً لبرشلونة في الـ"ريمونتادا" الشهيرة ضمن ثمن نهائي دوري الأبطال، في مشهد مُرّ يصعب نسيانه في تاريخ النادي الباريسي.
بقناعاته الراسخة وخطابه الحاسم، يتعيّن على إنريكي نقل أسلوبه إلى ناد معروف بنجومه المتجاهلين غالباً مؤسسة النادي.
يقوم بتشكيل فريقه كما يشاء، يرفض الانصياع للمطالب الجماهيرية وزجّ اللاعبين الذين لا يعتقد أنهم سيتناسبون مع خططه، بغض النظر عن الانتقادات التي يتلقاها.
بعد إخفاق أسلوب غالتييه وموسم للنسيان، رغم التتويج بلقب الدوري المحلي للمرة الحادية عشرة، لا يزال سان جرمان مرتبطاً بسمعة الأندية "الثرية" التي يتصرّف لاعبوها مثل ممثلي هوليوود.
وإذا كان مشواره الناجح مع سلتا فيغو (2013-2014) مهّد انتقاله إلى برشلونة، إلا ان حقبته مع روما الإيطالي (2011-2012) شهدت مطبات مع استبعاده "الأسطورة" فرانتشيسكو توتي.
حتى مع برشلونة (2014-2017)، وهنت سلطته في كانون الثاني/يناير 2015، عندما ترك النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي على مقاعد البدلاء في مباراة خسرها أمام ريال سوسييداد (0-1)، ما تسبّب بأزمة داخلية.
بالإضافة إلى إدارة العلاقة مع الملاك القطريين، تنتظر إنريكي مهمة التناغم مع النجم كيليان مبابي الذي عبّر عن رغبته بالرحيل كلاعب حرّ مع نهاية عقده في 2024، بحال بقائه في النادي الباريسي.
فلسفة هجومية
يُعرف عن إنريكي قدرته على فرض فلسفة هجومية مفضلاً الاستحواذ، وهو ما افتقده سان جرمان في المواسم الماضية.
قال الاسباني بعد تعيينه الأربعاء "يمكنني أن أضمن لكم أننا سنعمل كفريق"، مؤكدًا أنهم سيسعون "خلف الألقاب" وهو "الهدف المشترك" بين اللاعبين.
ستكون مهمته الثانية خارج إسبانيا، بعد روما، علماً ان نابولي الإيطالي حاول ضمّه خلفاً للوتشانو سباليتي الذي فضّل الرحيل بعد قيادة الفريق الجنوبي إلى لقب الدوري المحلي.
أشرف على المنتخب الإسباني للمرة الأولى في 2018، بيد انه تخلى عن منصبه في حزيران/يونيو 2019 بسبب مرض ابنته التي توفيت لاحقاً عن تسعة أعوام لإصابتها بسرطان العظام.
عاد إلى منصبه في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، بدلاً من مساعده السابق روبرت مورينو، وقاد "لا روخا" إلى نصف نهائي كأس أوروبا ونهائي دوري الأمم الأوروبية 2021.
هل يغادر مبابي؟
ولدى إنريكي مهمة قيادة سان جرمان الى لقب أول في دوري أبطال أوروبا لا يزال يبحث عنه، وهو قاد برشلونة الى هذا الانجاز عندما حقق الثلاثية عام 2015.
وكان إنريكي خلف إحدى أسوأ ليالي سان جرمان في دوري الابطال، عندما حقق "ريمونتادا" خيالية مع برشلونة وهزم الفريق الفرنسي 6-1 في اياب الدور ثمن النهائي عام 2017 بعد أن دخل سان جرمان المباراة متقدمًا 4-0 ذهابًا.
ويلتقي في العاصمة الفرنسية مجددًا مع البرازيلي نيمار الذي أشرف عليه بين 2014 و2017 في النادي الكاتالوني، كما سيرتقب مصير المهاجم الآخر مبابي الذي يشكل الحديث الأبرز في الميركاتو الصيفي.
وفجّر الخليفي قنبلة الاربعاء عندما قال إنه يتعيّن على قائد منتخب فرنسا "توقيع عقد جديد إذا أراد البقاء" مع سان جرمان الموسم المقبل.
ويرتبط الهداف البالغ 24 عامًا بعقد حتى 2024 وعبّر الشهر الماضي عن عدم رغبته بتمديده، وسط تربص ريال مدريد الإسباني.
أضاف الخليفي قوله: " لا يمكننا السماح برحيل أحد أفضل اللاعبين في العالم بشكل حرّ. قال (مبابي) بنفسه لن أرحل مجانًا. إذا غيّر أحدهم رأيه فليست غلطتي".
لذا يصل إنريكي الى العاصمة الفرنسية مع إمكانية خسارة عنصر جديد من ثلاثي الهجوم في آخر موسمين مبابي-نيمار-ليونيل ميسي، بعد رحيل الأرجنتيني الى إنتر ميامي الاميركي هذا الصيف.