أثار إعلان على صدر الصفحة الأولى لصحيفة الأهرام المصرية المملوكة للدولة حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
فريق من المتابعين رأى في الإعلان "رسائل مبطنة"، بينما قال آخرون إنه يحمل "إشارات سرية"، فيما تحدث فريق ثالث عن شخصنة الإعلانات في إحدى أبرز المؤسسات الصحافية المصرية.
ترجع تلك الضجة إلى كلفة الإعلان ذاته والمنتج المعلن عنه والمتمثل في عرض لبيع إحدى السيارات المستعملة من فئة "جيب رانغلر ميلتري ستايل" يعود تاريخ تصنيعها إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي.
وعلى رغم صدور الإعلان في عدد الأهرام السبت 1 أبريل (نيسان) 2023، فإن انتشاره وتداوله بكثافة جاء خلال الساعات الأخيرة، مما استدعى رداً رسمياً من رئيس تحرير المؤسسة لتوضيح الأمر، مشيراً إلى أنه "دهش من الخيال الواسع في التعليقات وردود الفعل على مجرد إعلان خاص بإحدى السيارات".
فحوى الإعلان
وفق ما جاء في فحوى الإعلان المنشور بالصفحة الأولى من عدد الأهرام اليومي الصادر 1 أبريل، فقد تضمن إعلان بيع لإحدى السيارات المستعملة من فئة "جيب رانغلر ميلتري ستايل"، مشيراً إلى أنها "تحمل مواصفات خليجية موديل التسعينيات معدلة"، وأنه "تم تعديل مركز الثقل لمنع الانقلاب على سرعات عالية".
وبحسب ما تم ذكره في الإعلان، فإن الإطار الاحتياطي أو "الإستبن" باللهجة المصرية "لم ولن يلمس الأرض"، سارداً بعض المواصفات الأخرى، قبل أن يختتم بجملتين هما "تأمين شامل لجميع الحوادث المرورية و(حوادث القضاء والقدر) نوفمبر 2024"، و"إنذار صوت عالي".
ولم يذكر المعلن رقم هاتف للتواصل، أو بيانات أخرى تعبر عن هويته، واكتفى بترك بريد إلكتروني مجهول، مما زاد من حالة الجدل.
تفسيرات مختلفة
على مدى أمس وقبل أن يرد رئيس تحرير صحيفة الأهرام علاء ثابت على الواقعة، تباينت التعليقات في شأن الإعلان، مع تأكيد "غرابة وندرة الواقعة"، لا سيما أن المقابل المالي للإعلان على الصفحات الأولى في الصحف الحكومية دائماً ما يكون مرتفعاً مقارنة بالصفحات الداخلية، أو حتى الصحف الخاصة والمستقلة، وهو الأمر الذي لا يتناسب وسعر السيارة ذاتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما كتب أحد المغردين على مواقع التواصل "الصفحة الأولى في الأهرام بينزل فيها دائماً إعلانات حكومية أو شركات كبرى أو أراضي غالية زي أرض على النيل أو فندق يباع بـ400 أو 500 مليون جنيه، لكن واحد يبيع عربية وكمان عربية عادية سعرها!!!".
كما كتب آخر يقول "الصورة عبارة عن إعلان في الصفحة الأولى لجريدة الأهرام المصرية بتاريخ 1 أبريل 2023، وزي ما إحنا عارفين فإعلانات الأهرام غالية جداً، لكن غرابة الإعلان ده إنه عن عربية مستعملة تباع بـ300 ألف (أقل من 10 آلاف دولار أميركي)، على الصفحة الأولى من غير أي وسيلة تواصل أو رقم تليفون، وصياغة الإعلان نفسه غريبة حبتين، تحس إنها رسالة مشفرة مش إعلان خالص".
واستدرك قائلاً "إحنا قدام 3 خيارات، الأول إنه إعلان فعلاً وإحنا خيالنا واسع، والتاني إنه تجربة إعلانية استقصائية لقياس المبيعات مثلاً، والثالث إنه رسالة مشفرة لغرض ما".
وكذلك كانت نظرية المؤامرة حاضرة في تفسير فحوى الإعلان، وتحدث آخرون عن "إشارات وشفرات سياسية واقتصادية" تخص تطورات الأوضاع في مصر.
وقال البعض إن استخدام كلمة universe25 (الكون 25) في البريد الإلكتروني المرفق بالإعلان يوحي بتجربة اجتماعية لعالم السلوك جون بي كالهون في الستينيات، عن الاكتظاظ السكاني وعلاقته بالانهيار المجتمعي، أجريت على فئران في زحام كبير، والنتيجة أن الفئران ظهرت عليها أعراض الضغط النفسي والعزلة والعدائية، ثم ظهرت الانحرافات الجنسية والفشل الأبوي والعنف المتزايد حتى الفوضى العارمة.
"الأهرام" توضح
وعلى وقع حالة الجدل التي أثارها الإعلان على مواقع التواصل، نفى رئيس تحرير صحيفة الأهرام علاء ثابت صحة جميع التفسيرات الجدلية التي صاحبت الإعلان.
وقال ثابت إن السيارة مملوكة لمواطن مصري، وإن الصحيفة لم ولن تتورط في نشر إعلان "مجهول النسب"، نافياً وجود "أي شيفرات أو رسائل مبطنة".
وأشار إلى أنه "تابع باندهاش يغلفه بعض الاستغراب وكثير من التفهم تلك الحالة التي أثارها الإعلان المنشور في الصفحة الأولى"، بحسب ما كتبه على صفحته الشخصية على "فيسبوك".
ولفت إلى أن أحداً ممن تناولوا الإعلان بالتعليق لم يتوقف عند حقيقة أن السيارة مملوكة لمواطن مصري، وأن "الأهرام" أبداً لم ولن تتورط في نشر إعلان "مجهول النسب"، وأن البيانات الشخصية لصاحب الإعلان ورخصتي السيارة والقيادة التي تؤكد ملكيته لها موجودة لدى "الأهرام"، ومن هنا تنتفي مسألة الشيفرات، فمن يرسل رسالة مشفرة يتعامل بشكل آخر ليس من بينه الإعلان عن هويته.
وأوضح ثابت أن جميع الإعلانات تخضع للتدقيق من جانب إدارة الشؤون القانونية بالأهرام، للوقوف على مدى قانونية نشرها من عدمها. واعتبر أن نشر تلك التفسيرات جاء من باب "الخيال الواسع"، مشيراً إلى أن "الأهرام ــ كما أي صحيفة ــ لا تتدخل في حرية المعلن في كتابة ما يريد طالما لم تخرج عن القواعد التي تحددها المؤسسة ومن قبلها القانون المتعلق بنشر الإعلانات".
كذلك نقلت تقارير محلية عن أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة المعنية بإدارة الإعلانات، أن ما نشره هو إعلان عادي لشخص مصري، جاء لإدارة الإعلانات وطلب الإعلان وحصلنا منه على صورة البطاقة الشخصية وصورة عن رخصة القيادة والسيارة وسدد ثمن الإعلان.
وحول عدم وضع رقم للتواصل مع المالك، قال "هذا يسأل فيه صاحب الإعلان، هناك من يضع رقماً للتواصل ومن يضع الموقع الخاص به".