إسرائيل وسياسة هدم المنازل في القدس الشرقية

منذ 1 سنة 200

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 09/02/2023 - 10:00

فتيات من عائلة مطر يجلسن بالقرب من أنقاض منزلهن الذي كان يؤوي 11 شخصًا قبل أن تهدمه السلطات الإسرائيلية في حي جبل المكبر في القدس الشرقية

فتيات من عائلة مطر يجلسن بالقرب من أنقاض منزلهن الذي كان يؤوي 11 شخصًا قبل أن تهدمه السلطات الإسرائيلية في حي جبل المكبر في القدس الشرقية   -  حقوق النشر  AP Photo/Mahmoud Illean

بعد أيام من قيام مسلّح فلسطيني بقتل سبعة أشخاص في القدس الشرقية وهو الهجوم الأكثر دموية في المدينة المقدسة منذ عام 2008، سرّعت إسرائيل من وتيرة عمليات الهدم الفوري، كخطوة عقابية، لعشرات المنازل الفلسطينية التي بنيت دون تصاريح في القدس الشرقية.

وبعد ساعات فقط من تصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، توغلت الجرافات الأولى في بعض أحياء جبل المكبّر. ويرى العديد من الفلسطينيين أن الوتيرة المتزايدة لهدم المنازل هي جزء من معركة الحكومة القومية المتطرفة الأوسع نطاقا للسيطرة على القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 ويُطالب بها الفلسطينيون كعاصمة لدولتهم الموعودة.

وتدور المعركة حول "تراخيص البناء" و"أوامر الهدم"، وهي معركة يشعر الفلسطينيون أنهم لا يستطيعون الفوز بها. وتقول الدولة العبرية إنها ببساطة تطبق أنظمة البناء.

الشهر الماضي، قامت إسرائيل بهدم 39 منزلا، إضافة إلى منشآت ومحلات تجارية فلسطينية في القدس الشرقية، ما أدى إلى تشريد أكثر من 50 شخصا، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة. وغرّد بن غفير على تويتر بُعيْد نشره لصورة الجرافات وهي تهدم المنازل: "سنحارب الإرهاب بكل الوسائل المتاحة لنا"، رغم أن بعض المنازل لا علاقة لها بهجمات القدس الشرقية.

تصاريح مستحيلة وتمدد استطياني

تم بناء معظم المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية من دون تصاريح والتي يصعب الحصول عليها. وصفت دراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2017 أنه "من المستحيل عمليا" تأمين تلك المنازل. وذكرت الدراسة أن بلدية إسرائيل تخصص أراض شحيحة للتنمية الفلسطينية، مع تسهيل توسيع المستوطنات الإسرائيلية. تم تسجيل القليل من الممتلكات الفلسطينية قبل أن تضم إسرائيل القدس الشرقية في العام 1967، وهي خطوة غير معترف بها دوليا.

وأوضح راتب مطر الذي تعرض منزله للهدم قائلا إنه رغم أنه لا علاقة لعائلته بالهجوم أن سلطات البلدية رفضت طلب تصريح البناء مرتين لأن منطقته غير مخصصة للتطوير السكني، وقد حاول الحصول على تصريح للمرة الثالثة.

غالبًا ما يكون "الهدم" عقوبة البناء دون تصريح، فإذا لم تهدم العائلات منازلها بننفسها، فإن الحكومة تُقاضيهم حيث يتخوف مطر من "فاتورته"، فجيرانه دفعوا أكثر من 20 ألف دولار لهدم منازلهم. 

أصبح راتب وعائلته الآن بلا مأوى حيث يقيمون مع أقاربهم، وقد تعهد بالبناء مرة أخرى على أرض ورثها من أجداده، بالرغم من عدم ثقته بالنظام القانوني الإسرائيلي. وقال: "إنهم لا يريدون فلسطينيًا واحدًا في كل القدس". رفرفت الأعلام الإسرائيلية، في قلب الحي الذي يسكن فيه، من عشرات الشقق التي تم بناؤها مؤخرًا لليهود المتدينين.

منذ عام 1967، بنت الحكومة 58 ألف منزل للإسرائيليين في الجزء الشرقي من المدينة وأقل من 600 للفلسطينيين حسب دانييل سيدمان، المحامي الإسرائيلي المختص في الجغرافيا السياسية للقدس، نقلاً عن مكتب الإحصاء الحكومي وتحليله الخاص. في ذلك الوقت، ارتفع عدد السكان الفلسطينيين بالمدينة بنسبة 400 في المائة. وقد أكد سيدمان: "نظام التخطيط تمليه حسابات النضال الوطني".

تُظهر مخططات المدن الإسرائيلية حدائق الدولة التي تطوّق البلدة القديمة مع تخصيص حوالي 60 في المائة من جبل المكبر كمساحات خضراء، محظورة على التنمية الفلسطينية. يقول مراقبون إنه من المقرر الآن هدم ما لا يقل عن 20 ألف منزل فلسطيني في القدس الشرقية.

يواجه راتب مطر وجيرانه خيارًا مؤلمًا: البناء بشكل غير قانوني والعيش تحت التهديد المستمر بالهدم، أو مغادرة مسقط رأسهم إلى الضفة الغربية المحتلة، والتضحية بحقوق الإقامة في القدس التي تسمح لهم بالعمل والسفر بحرية نسبية في جميع أنحاء إسرائيل.

رغم عدم وجود أرقام رسمية للموافقات على التصاريح، فقد خصصت السلطات الإسرائيلية ما يزيد عن 7 في المائة من خططها السكنية البالغ عددها 21000 لمنازل الفلسطينيين في عام 2019، حسب منظمة "عير عميم" المناهضة للاستيطان. ويشكل الفلسطينيون حوالي 40 في المائة من سكان المدينة البالغ عددهم حوالي مليون نسمة. وأكد أفيف تاتارسكي، الباحث في "عير عميم": "هذا هو الغرض من هذه السياسة.. يضطر الفلسطينيون إلى مغادرة القدس".

أقر أرييه كينغ، نائب رئيس بلدية القدس وزعيم المستوطنين، بأن عمليات الهدم تساعد إسرائيل على ترسيخ سيطرتها على القدس الشرقية، أهم المواقع الدينية في المدينة. وقال كينغ "هذا جزء من فرض السيادة. أنا سعيد لأن لدينا أخيرا وزير يفهم"، في إشارة إلى بن غفير.

يضغط بن غفير الآن من أجل تدمير برج سكني يأوي 100 شخص. في محاولة لتهدئة التوترات، وقد أرجأ رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الإخلاء الذي كان مخططا يوم الثلاثاء، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية. وأوضح كينغ أنه من الممكن للفلسطينيين الحصول على تصاريح واتهمهم بالبناء دون إذن لتجنب بيروقراطية باهظة الثمن. 

وتصاعد التوتر في الأراضي الفلسطينية مؤخرا بعيد مقتل 9 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الـ 26 يناير-كانون الثاني بمخيم جنين شمالي الضفة، ومقتل 7 إسرائيليين في اليوم التالي برصاص شاب فلسطيني بالقدس، وهو جعل مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، يُحذر من التوترات في الأراضي الفلسطينية وقد شبهها بتلك التي سادت قبل الانتفاضة الثانية في العام 2000.