إرث الكرم يمد "موائد العيد" في شوارع حائل السعودية

منذ 1 سنة 167

تتنوع مظاهر عيد الفطر المبارك بين مختلف المناطق السعودية، وتتسم جميع طقوسها بالفرح والسعادة والبهجة، وخلال أيام العيد يوحد المسلمون في جميع أنحاء العالم الطقوس والتقاليد والشعائر الدينية والتقاليد الاجتماعية المتوارثة، إلا أن مائدة الطعام دائماً ما تعد عنصراً أساسياً في الاحتفال بهذه المناسبة.

التعايش والتراحم

وللأعياد عادات وتقاليد في السعودية كسائر الدول العربية متوارثة جيلاً بعد جيل كثير منها ما زال موجوداً، كإحياء صباح العيد بالموائد المتنوعة بالأكلات الشعبية في الطرقات العامة بمنطقة حائل الواقعة شمال غربي السعودية، وتعد من العادات والتقاليد التي لا يزال أفراد المجتمع في حائل محافظين عليها وتبدأ بعد انتهاء صلاة العيد، إذ تقوم الأسر بإخراج وجبة "مائدة العيد" إلى حيث مقر تجمع أهالي الحي ويتناولون إفطار العيد ويشاركهم فيه جميع العابرين في طرقات الحي من المواطنين والمقيمين، بحيث يتناول جميع الموجودين من كل أصناف المائدة الممتدة في الطرق العامة بطريقة تعتمد على التنقل في سفرة المائدة، لإتاحة فرصة تذوق جميع أطعمة بيوت أهالي الحي في مشهد تسوده مظاهر البهجة والترابط والتعايش، وتتجلى من خلاله ابتسامات الحضور وتبادل التهاني والتبريكات.

سفرة عيد متكاملة

وأوضح الباحث في التراث الشعبي خالد المطرود بأن "منطقة حائل تتميز عن بقية المناطق في عيد الفطر إذ تبدأ الاستعدادات من ليلة العيد، وفيها يتم إعداد ’الخشرة‘ وهي نوع من المكسرات والحلويات والأكلات الشعبية الخفيفة في أحد منازل الأقارب ويجتمع الأطفال والنساء فرحة بإعلان العيد ويتجهزون بالملابس الخاصة باستقبال ليلة العيد، وبعد ذلك يقمن السيدات في الساعات الأخيرة قبيل صباح العيد بتجهيز موائد العيد بطريقة شعبية، وهي إعداد وجبة الكبسة المكونة من الرز مع اللحم والقرصان والفقع والخضراوات في أوان نحاسية الصنع ذات طابع تراثي وتتباهى البيوت بتزيين وتقديم أطباق الموائد الشهية".

وبحسب المطرود فإن تقسيم موائد الطعام في الحي الواحد يشمل أكثر من 20 موقعاً، وتحوي أكثر من 15 طبقاً شعبياً يجتمع الأهالي حوله، ثم ينصرفون لمعايدة العائلات في المنازل والمجالس، ويؤكد الباحث أن هذا التقليد السنوي جزء من المشاهد الأصيلة في الأحياء القديمة التي ما زالت تتوارث في الأحياء الحديثة بكل ألفة وترابط بين أهالي المنطقة.

ويحرص الأهالي في منطقة حائل على تنمية هذا التقليد باعتباره عادة توارثتها الأجيال، إذ تمثل فرصة سخية للتواصل الاجتماعي بين أهالي الحي ومناسبة للقاء من لم يلتقوا به منذ زمن، كما تشكل انعكاساً حضارياً لقيم وتراث وثقافة مجتمع المنطقة، وتختتم فعاليات نهار اليوم الأول من العيد بمشاركة الأهالي في صفوف العرضة التي تعد من الفلكلور الشعبي، وتؤدى في أوقات الاحتفالات الرسمية والأعياد، وتؤكد تماسك النسيج الاجتماعي في منطقة حائل.