إدمان شبيه بالمخدرات.. هذا ما يفعله السكّر بالدماغ

منذ 1 سنة 160

أثبتت الدراسات أن الدماغ يتغير نتيجة الاستهلاك المنتظم للأطعمة الغنية بالسكر، وتكون النتيجة أن الدماغ يأمرنا بأن نتجه لتفضيل الأطعمة غير الصحية ويصبح من الصعب مقاومة هذه الرغبة.

نحن نعلم أنه من الأفضل تجنب تناول كميات كبيرة من الحلوى والآيس كريم والبسكويت والكعك والمشروبات الغازية، ولكن في بعض الأحيان يكون من الصعب حقاً المقاومة، كما لو أن أدمغتنا مبرمجة لتتوق إلى هذه الأطعمة.

ركزت البحوث الحديثة في علم الأعصاب على النظام الغذائي الذي نتبعه وما إذا كان يسبب السمنة ويغيّر من التركيبة الجينية للدماغ. هل للأطعمة التي نتناولها تأثير مباشر على سلوكنا؟ وإذا كان الأمر كذلك هل نستطيع تجنب الأمر من خلال اتباع نمط حياة معين؟ 

عندما نتناول أطعمة غنية بالسكّر، يتم تنشيط نظام المكافأة في الدماغ، الذي يسمى نظام الدوبامين. والدوبامين مادة كيميائية تطلقها الخلايا العصبية التي تشير إلى أن الحدث إيجابي. وعندما يبدأ نظام المكافآت بالعمل، فإنه يعزز السلوكيات التي من المرجح أن تتكرر بعد ذلك.

ونظام المكافأة هو عبارة عن نظام عبور كيميائي وكهربائي في العديد من المناطق المختلفة من الدماغ، حيث تتفاعل مادة الدوبامين الكيميائية والتي تُسمى بالنواقل العصبية في الدماغ، لتؤثر في الكثير من الأحاسيس والسلوكيات. وعند تناول طعام يحتوي على السكّر، تصل الإشارات إلى مركز المكافأة في الدماغ، ويجعنا ذلك نشعر بالرضى ويحفز الرغبة في المزيد.

إعادة برمجة شبكات الدماغ

 ما نعرفه أن الدماغ يعيد تشكيل روابطه باستمرار من خلال عملية تسمى "المرونة العصبية"، لكن دراسة لمعهد ماكس بلانك للأبحاث الطبية في ألمانيا، أثبتت أن التنشيط المتكرر لمسار المكافأة عن طريق الأدوية أو استهلاك السكر بطريقة متكررة، يؤدي إلى زيادة إشارات الدوبامين لفترات طويلة، أي زيادة الإثارة في مسارات المكافأة. 

ويضطر الدماغ عندها، إلى التكيف مع هذا الأمر، ببناء روابط عصبية جديدة، أي أن تركيبته الجينبة تتغير، ويصبح بحاجة إلى المزيد والمزيد من السكر لتحقيق الحالة ذاتها من "إشباع الرغبة"، وهو ما يسمى الإدمان. 

وتلك التغييرات في شبكات الدماغ تدوم، بمعنى أن الأشخاص سيفضلون في المستقبل دون وعي تناول الأطعمة التي تحتوي على الكثير من الدهون والسكر.

مثل المخدرات، تحفّز السكريات معدل الدوبامين في الدماغ. وأظهرت دراسة أجريت على مجموعة من الفئران في المختبر، والتي حُرمت من الطعام ومُنحت السكريات، لمدى 12 ساعة يومياً لفترة شهر كامل، سلوكيات شبيهة بإدمان المخدرات، إذ سيطر عليها الشعور بشهية كبيرة لتناول السكريات، مقارنة بالأطعمة الأخرى، وعانت من أعراض التوتر والاكتئاب خلال مرحلة الحرمان من تناول الطعام. 

كما بينت الأبحاث أن الفئران التي تتغذى على السكر تجد صعوبة أكبر في التحكم في سلوكها واتخاذ القرارات. وبالتالي، يمكن أن يؤثر نظامنا الغذائي في قدرتنا على مقاومة الإغراءات، إذ لا نستطيع إعادة تعويد الدماغ على التقليل من السكر بسرعة، لأن الأنماط الغذائية التي ترسخت على مدى سنوات عديدة يصعب القضاء عليها بسهولة. ولكن يمكن "إعادة برمجة" الجسم والدماغ من جديد للتعود على الأطعمة الأقل دهنية وسكراً، ويقول أخصائيو التغذية إن الجسم يحتاج إلى حوالي 60 يوماً لإجراء هذا التغيير.

 الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة الغنية بالدهون والسكر بانتظام يقولون إنهم يتوقون إلى المزيد، حتى عندما لا يعانون من الجوع، فبمجرد أن يعتاد الدماغ على الأطعمة الغنية بالدهون والسكر، فإنه لا يطلب المزيد والمزيد منها فحسب، بل يميل كذلك إلى رفض الأطعمة التي تحتوي على نسبة أقل من الدهون أو السكر. يولد كل شخص بشغف فطري بالطعام الحلو المذاق، ولكن عندما يقوّي التعود ذلك الولع، تصبح الأطعمة الصحية في النهاية بلا طعم.