إخوتي معترضون على زواجي

منذ 1 سنة 246

إخوتي معترضون على زواجي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/5/2023 ميلادي - 29/10/1444 هجري

الزيارات: 15



السؤال:

الملخص:

سائلة في منتصف الأربعينيات، لم تتزوج بعدُ، تقدم إليها رجلٌ مطلِّق، لكن إخوتها يرفضونها، وقد تأخرت بها سنُّ الزواج، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

أنا آنسة أبلغ الخامسة والأربعين من العمر، تقدم لخِطبتي زميلٌ سابق في العمل في نفس عمري، والداه متوفيان منذ زمن، وأخته الوحيدة متزوجة، وقد كان متزوجًا في السابق لمدة سبعة عشر عامًا، وقد خلعته زوجتُه منذ عامين، ولديه من الأبناء ابنان وبنت، أكبرهم يبلغ ستة عشر عامًا، يعيشون مع والدتهم في سكن منفصل، وقد أخبرني أنه منذ عامين يعيش وحيدًا، وعلاقته بأبنائه تقتصر على مصاريفهم، وهو يريد الزواج والاستقرار، وسيكون زواجي به في شقة والده التي يعيش بها حاليًّا، أحسست أن ظروفه مناسبة لي، خاصة وأنَّ تقدُّمي في السن لم يسمح لي إلا بتقدم من هم مثله للزواج بي، ولأن والديَّ متوفيان، فقد أخبرت إخوتي برغبته في مقابلتهم ليخطبني، ولكني وجدت منهم رفضًا قاطعًا له ولظروفه؛ حيث إنهم لا يرغبون لي بأي تضييق محتمل بعد الزواج من قِبل زوجته السابقة وأبنائه، أنا محتارة جدًّا في الأمر؛ لأني دعوت الله منذ مدة أن يرزقني الزوج المناسب في أقرب وقت، وخلال محادثة عابرة بالهاتف للتحية – لكوننا زملاءَ عمل سابقٍ - وجدته يعرض عليَّ الزواج بجدية غريبة، أنا لا أعرف إن كان هذا هو الشخص الذي أرسله الله لي بدعائي وتضرعي له، وأشعر أن رفضي له خطأ، وفي نفس الوقت اعتراض إخوتي يرهقني نفسيًّا، وقد استخرت أكثر من مرة، ولم أجد أي إشارة، في الوقت الذي تخبرني فيه أختي الصغرى عن رؤيتها أحلامًا سيئة عنه، وأنه ليس شخصًا جيدًا، وقد أرسلتْ إليه رسالة على الواتس دون علمي تخبره بالرفض القاطع لمن هم في مثل ظروفه، وأن عليه البحث عن أخرى تكون مطلقة مثله، أو أرملة، وليست آنسة، استغفرت الله كثيرًا؛ لأن ثقتي للحظة اهتزت بالله؛ لأني كنت أدعوه وأنا موقنة وحسنة الظن بأنه سيرزقني الأفضل، فما الذي يحدث لي الآن؟ أخبروني بالله عليكم ماذا أفعل؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

١- بلغتِ من العمر45 عامًا ولم تتزوجي بعدُ.

٢- تقدم لخطبتكِ رجل كان زميلَ عمل سابقًا.

٣- هذا الرجل خالعته زوجته بعد 17 عامًا.

٤- إخوانكِ رفضوا هذا الزواج رفضًا قاطعًا بما لديهم من تخوُّفٍ شديد عليكِ من هذا الرجل، ومن مكايدَ محتملة تقوم بها لكِ زوجته السابقة.

٥- أختكِ الصغرى زعمت أنها رأت فيه رؤًى سيئة، ثم أرسلت له رسالة تخبره فيها برفضهم التام لهذا الزواج.

٦- تقولين والعياذ بالله: إن ثقتكِ بالله اهتزت بسبب أنكِ تسألين الله بثقة أن يرزقكِ الزوج الأفضل.

٧- وتقولين: إنكِ استغفرتِ الله كثيرًا من سوء ظنكِ بالله سبحانه، الذي تعالى وتقدَّس عن ظنون العباد الممقوتة، وعما يصفه به الشانئون.

٨- وتقولين: أخبروني: ماذا يحدث لي الآن؟

٩- وأخيرًا تسألين: ماذا تفعلين؟

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: من الواضح جدًّا أنكِ تعانين من ضعف في إيمانكِ بالله سبحانه، وبقدرته على كل شيء، وتعانين من ضعف في عباداتكِ وإخلاصكِ لله سبحانه؛ ومن هذا الضعف الشديد نشأت الشكوك لديكِ؛ فأنصحكِ بالعناية الشديدة أولًا بما هو أهم من الزواج؛ وهو إنقاذ نفسكِ من الهَلَكَةِ بالعمل على تقوية إيمانكِ؛ بالمحافظة على الفرائض، وإتباعها بالنوافل؛ من صلاة، وصدقة، وصيام، والدعاء، وتلاوة القرآن، ومجالسة الصالحات، وطلب العلم النافع، وقيام الليل.

ثانيًا: تأخركِ في الزواج قضاء وقدرٌ كتبه الله سبحانه عليكِ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ لِحِكَمٍ يعلمها الله سبحانه؛ لقوله عز وجل: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].

ثالثًا: لا بد من معرفة السبب الحقيقي لمخالعة زوجة خطيبكِ له بعد سبعة عشر عامًا من العشرة الزوجية؛ هل هو لسوء عشرته، أو لبخله، أو لسوء محافظته على الواجبات الشرعية، أو...؟ ولا يمكن معرفتها منه أبدًا؛ لأنه سيُخفي حقائق مرةً، ويبدي لكِ وجهًا حسنًا، وحملًا وديعًا، ورجلًا مظلومًا.

رابعًا: تخوفات إخوانكِ قد تكون في محلها فخُذِيها على محمل الجدِّ.

خامسًا: زعمُ أختكِ أنها رأت فيه رؤى سيئة قد لا يكون صحيحًا، ولكن أحسني الظن بها؛ لعلها فعلت ذلك شفقة عليكِ، ورغبة في صرفكِ عما قد يضركِ، وأود بهذه المناسبة التنبيه لأمر مهم جدًّا؛ وهو أن الرؤى لا يُعتمد عليها مطلقًا، وكذلك ينبغي التنبيه على عدم جواز الكذب بادعاء الرؤى؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولْيَحْذَرْ مَن يدَّعِي الرؤى الحديثَ الآتي؛ روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من تحلَّم بحُلْمٍ لم يرَهُ، كُلف أن يَعْقِدَ بين شَعِيرتَين، ولن يفعل)).

وروى البخاري عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أعظم الفِرَى أن يدعيَ الرجل إلى غير أبيه، أو يُرِيَ عينه ما لم تَرَ، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل))؛ لأن الربط بين طرفي الشعيرتين غير ممكن، والحديثان يدلان على عدم جواز هذه الادعاءات، وعلى العذاب على من يدعيها.

سادسًا: أما اهتزاز ثقتكِ بالله سبحانه، فكما قلت سابقًا هي منكر عظيم يدل على ضعف إيمانكِ؛ فأكثري مما يكون سببًا لتقوية إيمانكِ مما سبق ذكره لكِ، وأكْثِري من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة؛ لعل الله أن يغفر لكِ؛ كما قال عز وجل: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 114، 115].

وكما قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].

سابعًا: أما سؤالكِ: ماذا تفعلين؟ فأقول: إن ثبت لكِ صلاح الرجل كزوج مناسب لكِ، وخَلَتْ سيرته من الآفات، فلعلكِ توسطين عقلاء من العائلة لإقناع إخوانكِ، فإن أصروا على رأيهم، فانصرفي عنه، وأيقني أن الخير ما اختاره لكِ ربكِ سبحانه الحكيم العليم بأحوال عباده؛ حيث اختار لكِ عدم الزواج منه، ولكن عن طريق رفض إخوانكِ، ولا تشغلي نفسكِ بالمهاترات مع إخوانكِ، أو بالحقد عليهم؛ فالله سبحانه هو المدبر وحده بحكمته وعلمه السابق، واسترجعي، واسألي الله التعويض بخير منه.

حفِظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا تقر به عينكِ، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.