أيهما تفضل: النوم الهانئ أم تقاسم السرير مع الشريك؟

منذ 2 سنوات 203

ما الذي يمكن أن يكون أكثر رومانسية من باريس؟ فالمدينة نفسها تشبه بطاقات "هالمارك" [ماركة عالمية لبطاقات الأعياد والمناسبات]، سواء لجهة أضوائها المتلألئة على نهر السين، أو أرصفتها المفروشة بالمقاهي حيث يمكن الاستمتاع بارتشاف فنجان لذيذ من القهوة، أو أجوائها الرومانسية التي تجعلك ترغب بالإمساك بيد شريكك خلال التنزه معاً على امتداد شارع شانزليزيه، أو المناظر التي قد تطالعك، كمشاهدة فنانين يحتشدون في حي مونمارتر. لكن مع ذلك، إذا كانت باريس (أعني بتعبير أوسع فرنسا) تُعد قبلة أو عنواناً للحب، فلماذا يختار المزيد والمزيد من الأزواج فيها، النوم كل واحد على حدة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن هذا ما يحدث فعلاً ولا يثير في الواقع أي مقدار من الدهشة أو التعجب. فقد اكتشف باحثون أن 10 في المئة من الأزواج الفرنسيين الذين يعيشون معاً، ينامون الآن في غرف مختلفة، و6 في المئة آخرون يرغبون في ذلك - لكنهم يخشون العواقب. وتبين من دراسة أجراها "المعهد الفرنسي للرأي العام" Ifop ، [وهو شركة دولية لاستطلاعات الرأي وأبحاث السوق] أن أكثر من 20 في المئة من الأزواج الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة وما فوق ينامون في غرف منفصلة. لكن الأمر لا يقتصر فقط على الكبار في السن، إذ إن التقارير تفيد بأن أزواجاً من فئة الشباب يختارون هم أيضاً على نحو متزايد النوم في أسرّة منفصلة.

إذاً ما الذي يحدث؟ لدي فكرة: يختار الناس إعطاء الأولوية لرفاهيتهم (نعم، سأجاهر بذلك) على الاعتقاد المقدس إلى حد ما، بأنه كي تكونان سعيدين حقاً معاً، يتعين عليكما تشارك الفراش، وهكذا تضحيان بنوم هادئ ليلاً - مع مختلف التداعيات المؤلمة التي ترافق ذلك.

في أي حال، إن الدراسات تظهر أن وقتاً غير كاف من النوم يمكن أن يؤثر في قدرة عقل الفرد على الاحتفاظ بالذاكرة، ويمكن أن يرتبط الأرق بضعف جهاز المناعة لديه.

يبدو أن العلم يدعم فكرة أن قدرتنا على التحكم بعواطفنا تتراجع بعد ليلة نوم سيئة، وبتنا ندرك الآن، استناداً إلى دراسة أجريت في عام 2020، أن الحصول على أقل من 6 ساعات من النوم في الليلة، يمكن أن يتسبب بزيادة مخاطر التعرض للإصابة بسكتة دماغية، أو بنوبة قلبية قاتلة بنسبة 200 في المئة. ويمكن أن تؤدي قلة النوم أيضاً إلى زيادة تركيز مادة "بيتا أميلويد" Beta Amyloid في الدماغ - وهي بروتين سام مرتبط بمرض ألزهايمر - كما يمكن أن تتسبب قلة النوم في زيادة خطر الإصابة بسرطانات الأمعاء أو البروستات أو الثدي، في وقت لاحق من العمر.

في المقابل، يمكن أن يسهم الحصول على قسط جيد من النوم خلال الليل في تنظيم مستوى ضغط الدم - وهذا هو السبب في أن عدم قضاء ليلة مريحة يمكن أن يؤثر سلباً في نظام القلب والأوعية الدموية - إضافة إلى أنه يمنح الفرد شعوراً ببعض السعادة أيضاً.

لننظر إلى الأمر بواقعية: إذا كنت تتمتع بمزية القدرة على النوم في أي مكان، تماماً كالموتى، فهنيئاً لك. أنا من جهتي، لا أستطيع ذلك. وهناك طبعاً عدد لا يُحصى من الأشخاص الآخرين الذين لا يمكنهم ذلك أيضاً - خصوصاً عندما يكون هناك شريك (ربما) يسترسل في الشخير، و(في بعض الأحيان) يتحدث خلال نومه، (ومن المحتمل جداً) أنه يتقلب في السرير و(بشكل شبه مؤكد) يقوم بتفحص هاتفه. وإذا ما اخترتم الحصول على 8 ساعات جيدة من النوم في الفراش، بعيداً من الشريك - لتحسين صحتكم وسلامتكم العاطفية - فهذا أمر جيد يتوجب أن نحتفي به.

لستُ الشخص الوحيد الذي يعاني من وضع مماثل. فلدي عشرات الأصدقاء مثلي، في الأربعينيات من عمرهم، لم يعودوا يتشاركون السرير مع أحد - إما لأنهم عازبون (ويستمتعون بقدرتهم على النوم وسط الفراش بساقين متباعدتين وذراعين ممدودتين من دون المخاطرة بتلقي ضربة مرفق على وجههم)، أو لأنهم اتخذوا قراراً واعياً بالتنعم بنوم هانئ بمفردهم.

إحدى صديقاتي اعترفت لي في إحدى محادثاتي معها، بنبرة تنم عن شعورها بشيء من الذنب، بأنها تمنت لشريكها ليلةً هانئة قبل الذهاب إلى غرفتها الخاصة ليلاً لتخلد إلى النوم، وقالت إنها "غرفة نظيفة وهادئة تفوح منها رائحة الخزامى". بدا لي وكأن هناك شعوراً بالعار في الاعتراف بأنك لا تختار النوم كل ليلة إلى جانب شريك حياتك، خصوصاً إذا كنت في سن يافعة. أحسستُ بذلك من الطريقة التي كانت تهمس بها صديقتي لي بمكنوناتها، فقد منعها شعورها بالذنب من التعبير صراحةً عما يجول في خاطرها.

إذاً، ما هي المخاوف التي يمكن أن تساورنا حيال النوم بعيداً من الشريك؟ هل لأن ذلك قد يشير إلى أن العلاقة "انتهت" - أم أنها محكوم عليها بالهلاك؟ هل تشعر بقلق من أن ذلك قد يعني نهاية علاقتك الجسدية؟ هل هذا ما يحدث حقاً: فالناس خائفون جداً من أن يمنعهم ذلك من ممارسة الجنس - أو قد يسلط الضوء على عدم ممارستهما للجنس؟

ضعوا في اعتباركم ما يأتي كبديل: النوم بشكل منفصل لا يعني تلقائياً نهاية علاقة ما - فقد يؤدي على العكس إلى تحسينها. كيف؟ لقد قرأنا جميعاً عن العلاقات طويلة الأمد "التي عفا عنها الزمن"، وعن وجوب التفكير في إضافة عنصر جديد عليها لإصلاحها. ماذا يمكن أن يكون أحدث من إيجاد مكان مختلف في المنزل (أو خارجه) للبقاء معاً بعيدين من الروتين القديم المرهق المتمثل في مشاركة سرير الزوجية؟ لا تأخذوا ما أقوله في الاعتبار. استمعوا للخبراء الذين يقولون إن أسرع وسيلة لإنعاش الحميمية هي في العثور على أي مكان ما عدا غرفة النوم لممارسة الحب.

هناك الكثير من الطرق لإظهار حبك لشخص ما واهتمامك به - والرغبة به في الوقت نفسه - من دون الاضطرار إلى تحمل شخيره في أذنيك طوال الليل، أو التعامل مع تقلباته في السرير، أو ربما التعرض للركل عن طريق الخطأ في الجزء الأسفل من ظهرك.

لكنني أود أن أستطرد للقول إنه ببساطة لا يمكنني أن أرى أنه لأمرٌ جيد أن يعبر الأفراد بصراحة عن حاجاتهم في إطار علاقتهم. وإذا كانت تلك الحاجات تشمل الحصول على ثماني ساعات أساسية من النوم، فربما نستطيع جميعاً التوصل إلى تعلم شيء من ذلك.