في أول يوم وطني يغيب فيه الأمير بدر بن عبدالمحسن، الشاعر الذي أبدع في توظيف الحب والحرف للتعبير عن هوية السعودية عبر تاريخها وحاضرها ومستقبلها، تبقى هالته وكلماته خالدة، تشهد على ولائه لوطنه. في ختام مسيرته الأدبية، أبدع قصيدته الأخيرة «من يصدق»، التي لحنها وأدّاها الفنان الكبير محمد عبده، كتحية وداع ووفاء للوطن.
تعد هذه الأغنية بمثابة الوداع من شاعر لطالما ارتبطت قصائده بوجدان كل سعودي، وهي تتويج لعلاقة فنية استثنائية بين بدر وعبده، إذ أسفرت ثنائيتهما عن روائع وطنية تشكل جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية للسعوديين وتعكس مشاعر الفخر والانتماء.
تفاعل الجمهور مع «من يصدق» كان استثنائياً، فقد امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات تعبر عن الحزن والفخر، إذ اعتبر الكثيرون أن هذه الأغنية هي الهدية الأخيرة التي سيحملونها معهم في قلوبهم، وعبّروا عن مشاعرهم بعبارات مؤثرة، وكأنهم يودعون شاعراً عزيزاً، ويشكرون له كل الكلمات التي رسمت معالم حبهم لوطنهم.
لم يكن الأمير بدر شاعراً للرومانسية فحسب، بل كانت قصائده الوطنية تعكس تجربة عاطفية متكاملة، تجسّد إحساساً عميقاً بالوطن. من أبرز أعماله «سيوف العز» و«فوق هام السحب» و«حدثينا يا روابي نجد»، التي أصبحت رموزاً للهوية الوطنية، وتجسّد روح الوحدة والترابط بين أبناء الوطن.
تظل «من يصدق» آخر تحية من الأمير بدر، الذي جعل من كلماته جسراً يربط بين الشعب وأرضه. ورغم غيابه، يبقى الوطن هو الباقي، وكلمات الشعراء تجسّد الحب المتجدد لهذا الوطن.