منذ هجمات حركة «حماس» على إسرائيل، فجر 7 أكتوبر (تشرين الأول)، سعت أوكرانيا إلى تقديم نفسها باعتبارها صديقة لإسرائيل، في حين تؤكد أن موسكو ستحاول استخدام الصراع لدق إسفين بين كييف والدول الداعمة لها، ومن جانبها، قالت روسيا إن حرب إسرائيل في قطاع غزة تظهر فشل الغرب، وبخاصة السياسة الأميركية في المنطقة.
ويوضح تبادل الاتهامات بين البلدين كيف تسعى كل منهما، بعد قرابة عامين من الحرب الروسية - الأوكرانية، إلى تعزيز تحالفاتهما الدبلوماسية والتأثير على الرأي العام لتعزيز قضاياهما العسكرية.
وقد جاء أحدث مثال على ذلك عندما اتهم رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، موسكو بإرسال أسلحة إلى «حماس» كانت القوات الروسية قد استولت عليها في ساحة المعركة في كييف، قائلاً إن هذه كانت محاولة واضحة من جانب الكرملين لتشويه سُمعة حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجعل إسرائيل تعتقد أن كييف تدعم «حماس».
وتابع بودانوف في مقابلة أجراها مع صحيفة «برافدا» الأوكرانية، نُشرت أمس الخميس: «نعلم على وجه اليقين أن الروس نقلوا أسلحة حصلوا عليها كغنائم حرب من أوكرانيا إلى حركة (حماس)».
ولكن لم يكن من الممكن التحقق من هذا الادعاء بشكل مستقل، كما لم يقدم بودانوف دليلاً على ذلك، إلا أن تصريحاته تتماشى مع الحملة الأوكرانية التي تهدف إلى تصوير روسيا على أنها تتصرف بشكل خبيث فيما يتعلق بالصراع الدائر بين إسرائيل و«حماس»، وأنها تستخدمه لإثارة الفوضى وزرع الأحقاد، ففي الأيام الستة الماضية، أعلن زيلينسكي مراراً وتكراراً عن دعمه لإسرائيل وإدانته لـ«حماس».
وكان مكتب زيلينسكي، قد قام بتقديم طلب رسمي لزيارة الرئيس الأوكراني إسرائيل لإظهار التضامن، وفقاً لموقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، بينما رفض المكتب الصحافي للرئيس التعليق للصحيفة على خطط سفر زيلينسكي.
ووسط هذه الاتهامات، احتدم القتال على الجبهتين الشرقية والجنوبية لأوكرانيا، كما أسفر قصف القوات الروسية عن مقتل أربعة أشخاص كانوا يحتمون ليلاً في صالة للألعاب الرياضية في مدينة «نيكوبول» على الضفة الغربية لنهر «دنيبر»، وفقاً لمنشور لوزير الداخلية الأوكراني إيهور كليمنكو عبر تطبيق الرسائل «تلغرام».
وكان الهجوم الذين شنته «حماس» على إسرائيل قد أتاح فرصة للحكومة الأوكرانية للفت الانتباه إلى الروابط بين «حماس» وإيران، الخصم اللدود لإسرائيل؛ إذ زودت طهران روسيا بآلاف الطائرات من دون طيار المتفجرة خلال العام الماضي، والتي استخدمتها في ضربات مميتة على أهداف عسكرية ومدنية في أوكرانيا.
ومن خلال انتقاده لإيران، يسعى زيلينسكي إلى تحسين علاقات حكومته مع القادة في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن الحرب بين إسرائيل و«حماس» جاءت في لحظة صعبة بالنسبة إلى كييف؛ إذ إنها أدت إلى تحويل الانتباه بعيداً عن صراعها في وقت حقق فيه هجومها المضاد تقدماً محدوداً، ولكن هناك مؤشرات على أن الدعم من بعض حلفائها قد يتراجع.
وقد كانت هناك تحركات ضئيلة نسبياً على طول الخطوط الأمامية التي تمتد لمئات الأميال العام الجاري، وعلى الرغم من الهجوم الأوكراني الذي بدأ في يونيو (حزيران) الماضي، بدعم بلغ مليارات الدولارات على هيئة مساعدات عسكرية من حلفاء البلاد، فإن القتال كان شرساً وتسبب في وقوع خسائر كبيرة لدى الجانبين، وظهرت أدلة على استمرار الحرب.
وحسب بيان صدر عن سلاح الجو الأوكراني، أطلقت روسيا 33 طائرة من دون طيار متفجرة على أوكرانيا، مضيفاً أن الدفاعات الجوية للبلاد نجحت في إسقاط 28 منها، كما أرسلت القوات الروسية وابلاً من الطائرات من دون طيار ليلاً في الأسابيع الأخيرة، والتي غالباً ما يتم إطلاقها من منطقة القرم التي ضمتها في عام 2014، كما ضربت هذه المسيّرات البنية التحتية للمواني والمنازل الخاصة بالقرب من مدينة «أوديسا»، حسبما ذكرت قيادة العمليات الجنوبية الأوكرانية في منشور على تطبيق التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
والجدير بالذكر أن القوات الروسية كثفت هجماتها في أجزاء من شرق أوكرانيا مؤخراً، ووقع قتال عنيف على أفدييفكا، وهي بلدة في منطقة دونيتسك المُتنازع عليها منذ عام 2014، وتحاول موسكو الاستيلاء عليها منذ بدء الحرب.
وقال أولكسندر شتوبون، وهو المتحدث باسم الجيش الأوكراني للتلفزيون الوطني: «لقد شن الخصم هجوماً بالأمس بدعم من الدبابات وعديد من المركبات المدرعة، ولكن القوات المسلحة الأوكرانية صدت جميع هجمات الخصم، ولم نخسر أي أراضٍ أو مواقع».
ولم يكن من الممكن للصحيفة التحقق من ادعاء المسؤول الأوكراني بشكل مستقل، لكنها قالت إنه يتماشى مع كثير من تفاصيل القتال الذي دار في الأيام الأخيرة، والذي سعى فيه الجانبان إلى الحصول على ميزة تكتيكية، ولكن لم تتغير السيطرة على الكثير من الأراضي.
وكتب الجنرال سيرهي ناييف، قائد القوات المشتركة للقوات المسلحة الأوكرانية، عبر تطبيق «تلغرام» أن «القوات الأوكرانية استخدمت قذائف الهاون ونيران المدفعية في منطقة (سومي) الواقعة في شمال البلاد، وذلك لإحباط محاولة توغل من قبل الروس الذين كانوا يعتزمون ضرب البنية التحتية المدنية».
* خدمة «نيويورك تايمز»