یطبق الاقتصاد الأزرق على القطاعات الساحلیة، والحیاة والأنشطة البحریة، فهو ذلك الاقتصاد الذي یعزز التنمیة المستدامة، مع تقلیل المخاطر البیئیة والندرة الإیكولوجیة بدرجة كبیرة، وبجانب الاهتمام بالطاقة المتجددة، وإدارة النفایات، والاستهلاك والإنتاج المستدام، یركز على النماذج الجدیدة والناشئة مثل الاقتصاد الدائري، والاقتصاد التعاوني، والاقتصاد الوظیفي، هذا بالإضافة إلى خلق سوق أكثر شمولا یدمج التكلفة البیئیة والاجتماعیة الحقیقیة للمنتجات والخدمات.
وكشفت دراسة لمركز فاروس للدراسات والمتخصص في الشئون الأفريقية امكانات وفرص التحول إلى الاقتصاد الأزرق في افريقيا من خلال التعرف على مفهوم الاقتصاد الأزرق، وعرض إمكانات وفرص الاقتصاد الأزرق لإفريقيا في إقليم البحر الأحمر واقليم البحر المتوسط، وتوضيح تحديات توجه قطاعات الاقتصاد الأزرق في افريقيا، واخيرا تحدد الورقة سبل تحقيق السلامة البحرية وأمن أنشطة الاقتصاد الأزرق.
مفهوم الاقتصاد الأزرق
يترسخ مفهوم “الاقتصاد الأزرق” يوماً بعد، وقد فرضته المتغيرات المتسارعة في مجالات الحياة العديدة، من الاقتصاد والتنمية والبيئة والاستدامة، لا سيما عقب مؤتمر “ريو +20” عام 2012، وهو يؤكد على حماية الإدارة المستدامة للموارد المائية والمحافظة على النظم الإيكولوجية السليمة، خصوصا في المحيطات، وضمن هذا التوجه أطلقت “منظمة الأغذية والزراعة” التابعة للأمم المتحدة (FAO) ما بات يعرف بـ مبادرة النمو الأزرق، وسعت وما تزال من أجل دعم التحول إلى هذا النهج الجديد، ومساعدة الدول والحكومات في وضع وتنفيذ سياسات تعزز مفهوم الاقتصاد الأزرق.
وتتعدد الأنشطة الاقتصادية التي يمكن ممارستها من خلال الاقتصاد الأزرق، فبجانب أنشطة صيد الأسماك وإنشاء المزارع السمكية هناك قطاعات أخرى مثل الشحن البحري والموانئ واللوجيستيات والتعدين والتنقيب البحري ونقل وتوليد الطاقة وصناعة السفن والقوارب وأنشطة السياحة البحرية والترفيه، فضلًا عن قطاع التكنولوجيا والمعلومات والتكنولوجيا الزرقاء الحيوية.
ويتطلع الاقتصاد الازرق إلى مزيد من تسخير إمكانات المحيطات والبحار والسواحل من أجل: إلغاء ممارسات الصيد الضارة والتي تساهم في الصيد الجائر، وعوضاً عن ذلك تحفيز النُهُج التي من شأنها تعزيز النمو، وتحسين صون وبناء مصائد الأسماك المستدامة، وإنهاء الصيد غير المشروع وغير المنظم، وكذلك ضمان تدابير مصممة خصيصا من أجل تعزيز التعاون بين الدول في هذا المجال، فضلا عن تحفيز وتطوير السياسات والاستثمار والابتكار في دعم الأمن الغذائي والحد من الفقر والإدارة المستدامة للموارد المائية. وحددت الـ (FAO) من ضمن تبنيها للاقتصاد الأزرق أهدافا عدة، أبرزها الاهتمام بتربية الأحياء المائية من خلال تعزيز السياسات والممارسات الجيدة لاستزراع السمك والمحار والنباتات البحرية بصورة مسؤولة ومستدامة، ومصائد الأسماك الطبيعية عبر دعم الصيد الرشيد واستعادة الأرصدة السمكية ومكافحة الصيد غير المشروع، وتعزيز الممارسات الجيدة للإنتاج والنمو السمكي بطريقة مستدامة، وأيضا الاهتمام بأنظمة المأكولات البحرية وتعزيز سلاسل القيمة الكفء للمأكولات البحرية وتحسين سبل المعيشة، وتعزيز النظم الرقابية والتنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي. كما يركز هذا الاقتصاد على خلق فرص وظيفية، وبناء رأس مال مجتمعي، وتحقيق تدفقات نقدية متعددة، من خلال تحفيز ريادة الأعمال وابتكار نماذج عملية في هذا المجال، والحفاظ على البيئة وتكريس مفهوم الاستدامة.
فرص الاقتصاد الأزرق لإفريقيا
إن البحر الأحمر بما يحويه من ثروات وموانئ وقدرة على التواصل حيث تزداد أهميته وثقله السياسي في رسم معالم المرحلة المقبلة؛ وصياغة علاقات الدول الاقتصادية والسياسية ومصالحها في الأمد المتوسط والبعيد، تظهر مؤشرات رئيسية تؤكد تنامي أهمية إقليم البحر الأحمر، والتي تتضمن تزايد الأهمية بالنسبة للملاحة الدولية، والارتفاع الكبير في قدرة المنطقة على توفير موارد الطاقة.
وتشكل قطاعات البني التحتية والطاقة والتنمية الريفية والزراعية أولوية لتحقيق التنمية في إقليم البحر الأحمر، مع عدم إهمال بقية القطاعات الأخرى مثل الصناعة والصحة والتعليم والبيئة، وتركيز الدعم على الأنشطة الهادفة إلى التخفيف من حدة الفقر وتأمين الغذاء وتشجيع مشاركة المرأة في التنمية، بالإضافة إلى دعم المشاريع الاجتماعية، وكذلك الاستفادة من الخبرات الخاصة بتبادل المواد الخام والخدمات والتكنولوجيا في تنفيذ المشروعات. هذا بالإضافة إلى دعم إقامة مشروعات تنموية في كافة المجالات المرتبطة بالإنتاج النباتي والحيواني والسمكي والداجني، حيث تعد محافظة البحر الأحمر في مصر من المحافظات الواعدة التي تمتلك فرصًا استثمارية هامة، في عدد كبير من هذه المجالات، بالإضافة إلى تحقيق التنمية المستدامة بها في كافة المجالات المرتبطة بالزراعة والثروة الحيوانية والسمكية