أهل زوجي يشعرونني بالنقص

منذ 2 أشهر 79

أهل زوجي يشعرونني بالنقص


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/8/2024 ميلادي - 19/2/1446 هجري

الزيارات: 30


السؤال:

الملخص:

امرأة متزوجة ولديها طفلان، أمُّ زوجها تريد بنتًا؛ لأنها لم تنجب إلا ذكورًا، المشكلة أن زوجة أخي زوجها تتحين الفرص لإثارة غيرتها وإظهار نفسها أفضل منها، وقد أصبحت حاملًا في بنت، وهذا الأمر جعل أهل زوجها يُشعرونها بالنقص؛ لأنها لم تنجب بنتًا، وتسأل: كيف تتعامل مع هذا الموقف؟

التفاصيل:

السلام عليكم

أنا امرأة متزوجة منذ خمس سنوات، في الثامنة والعشرين من عمري، لديَّ من الأولاد طفلان، أعيش حياة مستقرة وسعيدة مع زوجي وأطفالي والحمد لله، جمالي متواضع، وعلى قدر من العلم والثقافة، ومهتمة بنفسي وبيتي كثيرًا، وأحتفظ بعلاقة محترمة مع أهل زوجي ومن حولي.

لزوجي أربعة إخوة، علاقتي بزوجة أحدهما غير جيدة، مع محاولاتي المتكررة لإصلاحها، لكن بلا جدوى، دائمًا تتعمد مضايقتي واستفزازي وإثارة غَيرتي بشكل مباشر وغير مباشر، وتتحيَّن كلَّ فرصة أو موقف لتُظهِر أنها أفضل مني، علاقتي بها الآن سطحية، لأني أنوي تجاهل كل ما هو سلبي، أهل زوجي منذ زواجي يتمنَّون أن يرزقهم الله بحفيدة؛ لأن والدة زوجي أنجبت ذكورًا فقط، لكني أنجبت ولدين والحمد لله، والآن يقولون: إن سلفتي ستُنجب البنت، وبدأت أشعر من الآن أنه يتم الشماتة بي ومضايقتي، ويُشعرونني بالنقص؛ لأني لم أنجب بنتًا، وعند ولادتها ستكون هناك مظاهر البهجة والفرح، وأجواء الاستقبال والدَّلال والاهتمام، وستكون نظرتهم لي مثل المسكينة، وأنا لا أحب أن ينظر لي أحدٌ نظرةَ شماتة لأني لا أملك شيئًا معينًا، ولا أستطيع أن أتعامل مع هذه المشاعر، أنا لا أستفز أحدًا، ولا أُشعر غيري أن لديه شيئًا ناقصًا، ولا أتباهى بما رزقني الله به، ولا أعترض على قسمة الله عز وجل، لكني لا أحب أن يُنظَرَ لي بهذا الشكل، وأنا دومًا أقول: إني راضية بما قسمه الله لي، وسعيدة؛ فقد أعطاني أجمل أطفال، ومكتفية بهذا القدر، وحقًّا أرى أطفالي العالمَ كله، ولا أفكر في الإنجاب مرة ثالثة؛ بسبب الولادات القيصرية الصعبة التي أجريتها، أريد نصيحتكم، كيف أتعامل في مثل هذه المواقف؟ هل أبتعد وأتعمَّد عدم الحضور والمواجهة أم ماذا أفعل؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

نرحب بكِ أختنا الكريمة، ونشكر لكِ ثقتكِ في موقع شبكة الألوكة، ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن في تقديم ما يسرُّكِ، ويفيدكِ، وأن تجدي بُغيتكِ.

ذكرتِ في رسالتكِ أنكِ تعيشين حياةً مستقرة وسعيدة خلال حياتكِ الزوجية، نسأل الله لكِ دوام السعادة والاستقرار، وذكرتِ كذلك أنكِ مهتمة بنفسكِ وببيتكِ كثيرًا، وعلى علاقة طيبة مع من حولكِ بمن فيهم أهل زوجكِ، وهذا خُلُق طيب تشكرين عليه، ومن الصفات التي أوصى بها الدين الإسلامي الحنيف.

فيما يخص علاقتكِ بهذه المرأة، فقد أديتِ ما عليكِ في إصلاح العلاقة بينكما، وحاولتِ مرارًا وتكرارًا، وهذا من طِيبِ معدِنك، ربما يكون هناك غَيرة من قِبَلِ هذه المرأة، فيجب أن تكوني على قدر من الفهم العميق لِما يدور حولك، ولا تستفزكِ بعض الأمور، فلديكِ اثنان من الأبناء ذكرتِ أنكِ سعيدة بهما، ومكتفية بهذا العطاء، وراضية بما قدره الله لكِ من الأبناء الذكور، وتَرَين أنهم حياتكِ كلها، واخترتِ لحل هذه المشكلة تجاهل كل ما هو سلبي مما يصدر منها، وهذا توجُّه سليم قلَّ من يسلكه؛ بحيث لا يفقد الثقة في نفسه، ومع ذلك لا بد أن تكوني قوية بحيث تستمر الثقة داخلك، ولا تتأثري في يوم من الأيام بما يدور حولكِ، فللإنسان قدرةُ تحمُّلٍ، ولا بد أن تجددي نشاطكِ وحيويتكِ من حين لآخر، حتى لا تتأثري بما يقول من حولكِ.

هذه الأسرة تفتقد البنات؛ حيث إن أبناءها جميعًا من الذكور، وهذا قدر الله سبحانه لكِ، ولهم، وليس معنى أنكِ لم تنجبي إلا ذكورًا أن لديكِ قصورًا في ذلك، ولو فكرتِ في الإنجاب فربما يكون ولد ثالث، فالأقدار بيد الله، وإذا كان هناك اتفاق بينكِ وبين زوجكِ في الإنجاب فلا بأس، وقد لا تمنع العمليات القيصرية من الإنجاب، فيمكنكِ استشارة الطبيب في ذلك، فإن لم يكن عليكِ ضرر، فربما يرزقكِ الله بما تتمناه هذه الأسرة من مولودة تملأ عليكم البيت فرحة وسعادة.

وما يدور حولكِ هذه الأيام من سعادة وفرحة غامرة بمناسبة قرب المولودة الجديدة، فلا يقتل فرحتكِ بما لديكِ من أبناء، وهدوء، وتفاهم مع زوجكِ، وحياتكِ السعيدة، فكوني معهم، وافرحي معهم؛ لأنهم قد يظنون الظن السيئ بكِ، وأنكِ لا تريدين هذه المولودة، وربما يعتقدون أنكِ حاسدة، فتكبر المشكلة أكثر وأكثر، وتنجح هذه المرأة في تسويق بعض الحجج عنكِ، فكوني حذرة ألَّا يُستغَلَّ هذا الموقف تجاهكِ.

من المهم أن تتأقلمي مع هذا الوضع، وأن تحسني إلى والدة الزوج، وتهنِّئيها بقرب قدوم هذه المولودة؛ لأن رضا الأم له تأثير على الزوج، فالأم هي الطريق إلى قلبه، فإذا أكرمتِ والدته، فإنه سيكرمكِ وسيبالغ في إكرامكِ؛ لأنكِ تكرمين والدته، وتصبرين عليها، وتحسنين إليها.

كوني طبيعية، ولا تنسحبي؛ فالانسحاب قد يُفسَّر بعدم الرضا، أو قد يُفسَّر بالغَيرة، واحضري كل المناسبات من أجل استمرار العلاقة مع هذه الأسرة، ومع هذا الزوج الذي اختاركِ من دون النساء، ورَضِيَكِ زوجةً له، نسأل الله أن يقوي هذه العلاقة بينكما؛ بقدوم مولودة تملأ البيت فرحًا، فاجعلي هذا الجانب أقوى من الجانب السلبي، وحاولي أن تتكيفي مع هذا الوضع، ولا تتخيلي الأمور السلبية رغم أنه سيكون هناك بعض المنغِّصات، فكوني على قدر من الصبر، فالله يحب الصابرين.

ذكرتِ في نهاية رسالتكِ: إنكِ لا تحبين أن أحدًا ينظر إليكِ بشماتة؛ لأنكِ لا تملكين شيئًا؛ فالأمر بيد الله، وهذه المشاعر تستفزك، لأنكِ بالأصل لا تستفزين أحدًا، ولا تتباهين بما رزقكِ الله به، ولا تعترضين على قسمة الله، ورزقه لكِ، أو لغيركِ، ولا تُحبِّين أن يُنظَر إليكِ بهذا التوجه، فالشماتة خطر عظيم يُفضي بأن يُبتلى الشامت بما وصف به غيره، والمؤمن أخو المؤمن يسره ما يسره، ويُحزنه ما يحزنه، والشماتة هي إظهار العيوب فرحًا بذلك؛ وكما يقول المثل: (لا تُظهِر الشماتة بأخيكِ، فيعافيه الله ويبتليك)، وليس عيبًا إن لم تنجبي بنتًا، فلا يكون هذا الأمر وسيلة لاستفزازك، أو النقص من قدركِ أو إيذائكِ، بل سببًا لشموخك، فلا يُرمى بالحجارة إلا الشجرة المثمرة، فأنتِ قوية، وما زلتِ قوية، فكوني صامدة صمود الجبال التي لا يهزها أي شيء، ولا تهزمها أي قوة مهما كانت.

لا تسمحي لليأس بأن يتسرب إلى نفسكِ، فتسرُّب اليأس إلى النفس أمر متعب، وتأقلمي مع هذه المشكلة، وضَعِيها في إطارها الطبيعي، مع عدم الاستسلام، وفكِّري بحلول ذكية، للوصول إلى حياة سعيدة مبنية على قاعدة صلبة، ومتينة، وتنازلي عن بعض الأشياء التي تَرَين أنها قد تسبب لكِ بعض الألم، واشغلي وقت فراغكِ بما يفيدكِ، ويبعد عنكِ التفكير فيما أهمَّكِ.

ختامًا:

يجب أن نصلح ما بيننا وبين الله سبحانه، ونعود إليه ونلجأ إليه، وهذا حلٌّ لِما نعيشه من هموم الدنيا، ويجب الابتعاد عما يغضب الله عز وجل؛ لأن من يبحث عن الراحة والسعادة في حياته، فلن يجدها إلا بالعودة إلى طاعة الله، ورضوانه؛ يقول سبحانه: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3]، ويقول سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وعليكِ بالصلاة، والمحافظة عليها في أوقاتها، فلها أهمية كبيرة في الراحة النفسية؛ فقد كان صلى الله وسلم يقول: ((يا بلالُ، أقِمِ الصلاة، أرِحْنا بها))؛ [صحيح أبي داود: (4985)]، وكان صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَهُ أمرٌ، فزِع إلى الصلاة؛ فالصلاة أمرها عظيم، ولها تأثير على من يؤديها بخشوع، وخضوع، وأكْثِري من ذكر الله؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، فعندما تذكرين الله سبحانه كثيرًا، فإن قلبكِ يطمئن، وترتاحين من كثير من المشاكل، وعليكِ الالتجاء إلى الله بالدعاء، والتضرع له؛ يقول سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]؛ ففي دعاء الله سبحانه وتعالى تفريج للهموم.

نسأل الله أن يبعد عنكِ كل ما أهمَّكِ، وأن يسعدكِ في حياتكِ، وأن تعيشي حياتكِ باطمئنان، وراحة بال، والله الهادي إلى سواء السبيل.