♦ الملخص:
فتاة تريد مساعدة صديقتها التي ساءت حالتها النفسية، وتريد الانتحار بسبب أمها؛ حيث إن أمَّها تبرَّأت منها، وترى أنها بلا فائدة، وتدعو عليها ليل نهار، والفتاة تسأل: كيف تساعد صديقتها؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم.
صديقتي متعبة نفسيًّا؛ بسبب أمِّها؛ فأمها تدعو عليها كل يوم أن تصاب بالأمراض، وأن تموت بمرض لا دواء له، وأن تظل في المستشفى طوال حياتها؛ حيث ترى الأم أنها بلا فائدة، وتحبسها في البيت، ولا تُخرجها إلا في القليل النادر، وقد تبرَّأت منها، ليس لصديقتي أحدٌ تلجأ إليه، فوالدها قد توفي منذ عامين، وهي مريضة بالوسواس القهري، وتريد طبيبة نفسانية، ولا يوجد في مدينتنا إلا طبيب واحد؛ هذه المعاناة أصابتها بمشاكل نفسية؛ فهي تريد البكاء، لكنها لا تستطيع، وتعض نفسها كي لا يسمعها أحد، وتراودها أفكار انتحارية، وتدعو الله أن تموت في أسرع وقت، أنا أحب صديقتي، وأريدها في حياتي، وأريد إخراجها من هذه المعاناة، التي جعلتها تكره أي شخص ينصح لها بالصبر، أرجو توجيهكم في مساعدتي لها، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإن من نِعَمِ الله على الإنسان وجودَ صاحب صادقٍ، يشعر بآلامه، ويقف معه، ويسنُدُه في أزَمَاته، ولا شك أن من حق الإنسان على صاحبه النصحَ له، والصدق في ذلك؛ فإن للأصحاب يوم القيامة مع أصحابهم حالًا وصفها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم؛ حيث قال: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67].
ولا شكَّ أن الإنسان تمرُّ عليه بعض الضغوطات في حياته، تُضعِف من تماسكه، وتجعله مشتَّتَ الانتباه، وربما حاصرتْهُ الهموم حتى يضيق صدره.
ولذلك وصيتي لها ألَّا تبالغَ في الحزن، وأن تبتعد عن التفكير بطريقة سلبية، بل تنظر إلى الأمور من جوانبها المشرقة، وأن تهتم بما يتعلق بارتباطها بالله سبحانه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
وعليها كذلك أن تنشغل بما يشغل ذهنها، ويعود عليها بالنفع من أي نشاط نافع، إما بتعلُّم علمٍ ينفع، أو مهارة تفيدها، المهم أن تبتعد عن الفراغ القاتل للسعادة، وأن تتعرف على ما يناسب حالها من أنشطة ومعارفَ، تعينها على تجاوزِ ما تمرُّ به من أزمات.
وبالنسبة لِما ذكرتِ من إصابتها بمرض الوسواس القهري، فلا بد من العلاج، وإن لم تتمكن من زيارة الطبيب، فعليها بذل ما تستطيع من جَهْدٍ في علاج نفسها؛ عبر التواصل عن بُعْدٍ، أو تثقيف نفسها عن هذا الاضطراب النفسي، وكيفية التعامل معه، والحمد لله على نعمة انتشار وسائل العلم والمعرفة، وسهولة الوصول إليها.
وعليها كذلك أن تتقرَّبَ إلى الله سبحانه ببِرِّ والدتها والإحسان إليها، وتفهُّم حرصها واهتمامها بها، والبعد كل البعد عن عصيانها والتمرد عليها، بل من الواجب عليها وهي في هذا العمر أن تقترب من والدتها، وأن تبُثَّ إليها همومها، وتستنير بآرائها، وتنطلق في الحياة من توصياتها؛ فلا أحد أرحم بالإنسان من والديه.
ومن أراد التوفيق، فلْيَحْرِص على امتثال أمر الله القائل في كتابه الكريم: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23].
أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.