كتب بيتر غريست أستاذ الصحافة في جامعة ماكواري الأسترالية والمدير التنفيذي لتحالف حرية الصحفيين عن لقائه في السجن، بأبرز سجين سياسي في مصر علاء عبد الفتاح. كما تحدث في صحيفة الغارديان البريطانية عن فكر علاء، وشخصيته، وقدراته العالية. وقال إنه سيخوض إضرابا عن الطعام تضامنا معه، تماما كما تفعل والدته.
بعد أن وضع جهاز المخابرات المصري بيتر في السجن بالقاهرة، التقى بعلاء أول مرة قبل 11 عاما، وكان يعتبر مصدر طمأنينة له.
قال له علاء بصوت منخفض وقتها: "مرحباً بك في الجناح (أ)، الجناح السياسي، في سجن طرة". وقال أيضا: "هنا، يحيط بك أشخاص يقاتلون من أجل العدالة والديمقراطية. نحن مجموعة من الناشطين والنقابيين والقضاة والكتاب والآن أنت، صحفي. هذا مكان مرموق وأنت مع أصدقاء".
كان بيتر المواطن الذي يحمل الجنسية الأسترالية واللاتفية، يواجه حكمًا غير محدد المدة في الحبس الانفرادي، إثر اعتقاله بتسبب تهم إرهاب زائفة بسبب عمله كصحفي، كما قال.
أكثر من صديق
قال بيتر في تقريره إن علاء كان ملمّا بكل شيء يتعلق بالسجون بما في ذلك الضعوط النفسية التي يتعرض لها النزلاء، وذلك بفضل الوقت الطويل الذي قضاه في السجون. وصف حضوره بالمهيب، وأضاف أنه "كان ولا يزال أبرز معتقل سياسي"، وهو الأمر الذي يجعل الحكومة تخشاه حسب رأيه.
بعد انتهاء فترة حبسه الانفرادي، كان بيتر وعلاء يقضيان وقتهما المتاح لهما على قلته في ممارسة الرياضية والتجول ذهاباً وإياباً في ساحة يعلوها الغبارومحاطة بالأسوار، لمناقشة التاريخ والمجتمع المصري، والنظرية السياسية، وأفكار علاء عن المقاومة والإصلاح.
وجد بيتر صديقا جيدا، وشخصا ساعده على فهم الأسباب الحقيقية وراء اعتقاله. ليس ذلك فقط، بل كان علاء مفكراً سياسياً وإنسانياً ذكياً بشكل غير عادي، يسعى لتحويل بلاده أن تكون بلاده ديمقراطية، وقد ألهمت كتاباته القوية من السجن الملايين من الناس.
حتى أنه عندما توفى والد علاء بينما كان في السجن، قال في حفل تأبيني، إن المطلوب هو النضال من أجل الحق، دون ضرورة الانتصار أو الاستعداد أو التخطيط، بل عدم التوقف عن النضال من أجل الحق.
قال بيتر إن النشاط يجري في دم علاء. وإنه كان من الشباب الذين أدركوا قوة وسائل التواصل الاجتماعي، عندما اندلعت ثورة يناير/ كانون الثاني في عام 2011.
إضراب عن الطعام
في آذار/ مارس 2019، تم إطلاق سراح علاء من السجن ولكن بشرط قضاء 12 ساعة كل ليلة في زنزانة الشرطة، ثم تم اعتقاله مرة أخرى بعد ستة أشهر، بتهمة نشر "أنباء كاذبة لتقويض الأمن"، وحُكم عليه بعدها بالسجن لخمس سنوات.
كان من المفترض أن يغادر المعتقل في 29 أيلول/سبتمبر من العام الماضي، بما في ذلك الوقت الذي قضاه في الحبس الاحتياطي. ولكن، قررت السلطات احتساب المدة التي قضاها خلف القضبان من اليوم الذي صدر فيه الحكم عليه فقط، منتهكة بذلك قوانينها الخاصة، ما يضيف عامين آخرين إلى مدة عقوبته، حسبما ورد في تقريره.
واحتجاجاً على ذلك، بدأت والدته ليلى سويف (68 عاماً) إضراباً عن الطعام في اليوم الذي كان من المفترض أن يخرج فيه من السجن. وتعهدت بعدم تناول الطعام حتى يخرج من السجن مرة أخرى، ومضى على ذلك 108 أيام.
انضم إليها بيتر، قائلا: "أنا مدين له بحياتي، ولهذا السبب أساعد في تكثيف الحملة لإطلاق سراحه".
وفي إشارة إلى التدخل الدبلوماسي الذي يمكن أن تقوم به لندن للإفراج عن علاء، الذي يحمل الجنسية البريطانية كما تفعل والدته، قال بيتر: "إن كان هناك من يمثل القيم البريطانية المتعلقة بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون والإجراءات القانونية الواجبة، فهو علاء عبد الفتاح."
وأضاف أن هذا هو السبب الذي يدفعه للإضراب عن الطعام لـ21 يوما، تضامنا مع ليلى التي تعيش في لندن، رغم أن هذه الخطوة لا تضمن خروج علاء من السجن.
علاء وبيتر
قال بيتر إن الناشط المصري كان معروفًا بالفعل في مصر كمطوّر برامج وناشر على الإنترنت وكاتب غزير الإنتاج. وكان والده الراحل محاميًا في مجال حقوق الإنسان، ووالدته أستاذة رياضيات وناشطة مؤيدة للديمقراطية. وعمته روائية وناشطة سياسية.
وساعدت إحدى شقيقاته في إنشاء مجموعة تناضل ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين، وأخرى محررة أفلام شاركت في تأسيس صحيفة.
قبل ثورة 2011، تعلم علاء البرمجة وبنى موقعه الخاص للنشر على المدونات، وحاز على جوائز، حيث كتب عن السياسة الوطنية والعدالة الاجتماعية.
سجن علاء بتهمة التظاهر والتحريض على العنف ومقاومة السلطات وانتهاك قانون منع الاحتجاج غداة تولي الجيش المصري الحكم مؤقتا إثر الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين المنتخبة، واعتقلت الشرطة المتظاهرين حينها.
أما بيتر غريست، فقد ألقي القبض عليه في كانون الأول/ ديسمبر 2013، بتهمة الإرهاب أثناء عمله في قناة الجزيرة، وحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات قبل أن يتم الإفراج عنه بعد 400 يوم، إثر ضغط دولي مكثف على مصر.