كان على كيت وينسلت مقاومة غريزة الأمومة التي تمتلكها لأقصى الحدود أثناء تصوير عملها الدرامي الأخير "أنا روث" I Am Ruth. تقوم وينسلت وابنتها في الحياة الواقعية ميا ثريبلتون ببطولة هذا الفيلم التلفزيوني الطويل الذي سيعرض على قناة "تشانل 4"، حيث تجسدان شخصيتي أم وابنتها تجدان نفسيهما بين براثن البرود والوحدة الناجمين عن أزمة صحة عقلية.
أخبرت وينسلت الصحافيين على هامش العرض الأول للعمل الأسبوع الماضي، محاولة كبح دموعها وهي تتذكر ابنتها البالغة من العمر 22 سنة وهي تؤدي مشهد نوبة هلع: "مرت لحظات كنت أنظر فيها إلى ميا وأقول ’يا إلهي، إنها تعيش التجربة، إنها تقوم بذلك حقاً’، رغبت بمعانقتها وإيقاف ما يجري ... شعرت غريزياً بأن علي الاستجابة مباشرة بالقول ’أنا أساندك’، وكان عليّ مقاومة هذا الشعور في كل مرة تتكرر فيها التجربة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يعد العمل الدرامي، الذي سيهز مشاعر أي والد أو أي شخص يتذكر مرحلة مراهقته، الجزء الأحدث في السلسلة المتصلة المنفصلة ’أنا ...’ I Am ذات البطولات النسائية من تأليف وإخراج دومينيك سافاج، والتي شهدت تعاونه في السابق مع عدد من الممثلات، أمثال فيكي ماكلور وليتيتا رايت وليزلي مانفيل. تتمثل استراتيجية سافاج في البحث مع بطلاته عن موضوع يكون قريباً من قلوبهن، حيث اختارت ماكلور السيطرة القسرية، أما سورين جونز ففضلت القلق. في الجزء الأخير اختير موضوع صحة المراهقين العقلية وتعسف وسائل التواصل الاجتماعي. كانت ثمرة التعاون بين سافاج ووينسلت ساعتين من المطاردة المؤلمة الحابسة للأنفاس، حيث تغرق فريا (تجسدها ثريبلتون) أكثر فأكثر في اكتئابها الحاد، فيما تسعى روث (وينسلت) جاهدة لإنقاذها من هذا التيار الجارف.
بعد عرض سافاج المشروع على وينسلت، واستعراضهما قائمة طويلة من الممثلات الشابات للعب دور فريا، استقر اختيار الثنائي في نهاية المطاف على ثريبلتون التي خضعت لتجربة أداء رسمية. حينما تواصل سافاج مع وينسلت للمرة الأولى، أجابت على الفور، "نعم، مهما يكن الأمر، فلنفعله". تمسكت وينسلت بالمشروع لأنها تعرف الطريقة التي يعمل بها سافاج. قالت: "علمت أنه كان يبني القصة بالاشتراك مع البطلة الرئيسة، وأن كل شيء كان مرتجلاً... كانت فكرة هذا العمل رائعة ومرعبة في الوقت ذاته، ولم تكن أي كلمة من الحوار مكتوبة ضمن السيناريو، كل ما قمنا به كان ارتجالاً ولم يكن أي جزء منه مكتوباً على الورق".
عمل سافاج مع الممثلتين على بناء نص فضفاض، لكن عند بدء التصوير الفعلي، بالكاد التزموا بما هو مكتوب. وأوضحت وينسلت: "لم نراجع أبداً محتوى المشاهد المخطط لها... لأن الأمر تجريبي للغاية، وقابل للتغيير طوال الوقت. أحياناً قد تكون اللقطات طويلة جداً – استمرت إحدى اللقطات 59 دقيقة، حيث كانت مصوِّرة تلاحقنا داخل المنزل حاملة الكاميرا على كتفها".
دخلت وينسلت إلى الصالة التي كان يعرض فيها "أنا روث" بحضور الصحافيين وهي تلوح بهاتفها المحمول، حيث ظهرت على شاشته صورة ثريبلتون الخجولة وهي تحيي الحضور سريعاً عبر اتصال مصور (لم تتمكن من المجيء شخصياً لأنها كانت تعمل في إدنبرة)، وقالت عن العلاقة بين روث وفريا إنه بالتأكيد كان هناك "تداخل شخصي... فهي قصة أم وابنتها، لا مفر من ذلك... ونحن نعرف كيف تستفز إحدانا الأخرى... كنت أماً لأبناء مراهقين، وكنت محاطة بأصدقاء يربون مراهقين مروا بالتأكيد بأمور فظيعة. الكثير مما تشاهدونه في الفيلم مقتبس بشكل مباشر من قصص أخبرني بها أصدقائي. في أحد المشاهد تجلس روث على السرير وتقول ’لا أدرك من أنا، أنا أكابد حقاً، لا أحب نفسي، ولا أتطلع إلى أي شيء’. وهذا حرفياً حوار أجريته مع صديقة مقربة قبل نحو عامين".
حتى إن وينسلت اختارت أحد الأشخاص الذين درّسوا ثريبلتون الدراما في السابق للعب دور مدرس قلق بشأنها في العمل.
أرادت وينسلت من خلال هذا الفيلم إخبار قصة "عن زماننا" و"إيجاد مساحة للحوار"، وقالت: "أردت أن أقول للناس ’حسناً أنا أيضاً لم أعرف ماذا أفعل... هناك لحظات معينة نمر بها كوالدين، حيث ننظر إلى بعضنا البعض ونقول ’ما هذا بحق الجحيم، ماذا علي أن أفعل؟ كيف السبيل للتعامل مع هذا؟’ وقد واجهنا الكثير من هذه المواقف خلال حياتنا. عندما تكون شخصية عامة، يضفي عليك الإعلام هالة من الكمال والقدسية اللعينين، لطالما كرهت ذلك، وبكل الأحوال لم أنجح في تقمص الشخصية المشهورة. لذا أردت فقط سرد قصة شعرت أنها عميقة وحقيقية وتأتي في الوقت المناسب، على رغم احتوائها أجزاء مؤلمة للغاية".
صور الفيلم في ضاحية لا تمتلك طابعاً مميزاً، وكانت إحدى أولويات صناعته أن يكون مألوفاً وقادراً على الوصول إلى الناس من مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية. قالت وينسلت: "أردت أن أكون قريبة جداً من الأهالي تحديداً، وأردت بالتأكيد تسليط الضوء على الأشياء التي غالباً ما تكون مغلفة بشعور من العار بالنسبة للوالدين. أسئلة من قبيل ’هل فشلت؟ هل كنت مشغولة جداً؟ هل لم أصغ كفاية لأبنائي؟’. أعتقد أحياناً أن هناك افتراضاً في عالمنا بأننا يجب أن نكون أقوياء ونمتلك الحلول، لكن حالياً، وأكثر من أي وقت مضى، يحتار الناس فعلاً ما الذي ينبغي عليهم فعله... أردنا رواية قصة يتردد صداها لدى المشاهدين... وفتح نافذة حوار للأشخاص الذين لا يعرفون كيفية القيام بذلك".
سيبث فيلم "أنا روث" التلفزيوني على "تشانل 4" في التاسعة مساء من يوم الخميس 8 ديسمبر (كانون الأول).