أمي تكره زوجي الحنون

منذ 1 سنة 234

أمي تكره زوجي الحنون


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/4/2023 ميلادي - 14/9/1444 هجري

الزيارات: 21



السؤال:

الملخص:

امرأة متزوجة من رجلٍ ذي خلقٍ كريم، حنونٍ عليها وعلى ابنهما، وأهله طيبون، يحترمونها، لكنَّ أمَّها لا تحب زوجها؛ لأنها انفصلت عن قريب أمها بعد الملكة، ثم تقدم إليها زوجها الحالي، فرفضته أمها وكرهته، وهذا الأمر أثَّر على حياتها بالنكد والضغوطات، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

أنا في الثلاثين من عمري، أمٌّ لطفل ذي ثلاث سنوات، زوجي رجل كريم، وحنون، وصبور لأبعد الحدود؛ فهو يصبر على طباعي السيئة، وتقلبات مزاجي، عطوف عليَّ وعلى طفلي، يحترم أهلي جدًّا، أهله أناس طيبون ويحترمونني، مشكلتي تكمُن في كره أمي وأهلها لزوجي؛ حيث تقدم زوجي إليَّ بعد أن انفصلت (بعد الملكة) عن قريب أمي، فما كان من أمي إلا أن رفضته؛ لأنه ليس من أقاربها، ولأنني طُلقت من قريبها صاحب النسب والصيت على حدِّ قولها؛ لذا فهي لا تزورني في بيتي، ولا تذكر زوجي وأهله بخيرٍ قط، لما ولدت طفلي الأول، لم تَزِدْ بعد أن رأتْه على أن قالت: "يشبه أباه وأهل أبيه"، وبسبب بغض أمي وأهلها لزوجي، أصبحت متناقضة عديمة الشخصية، يوم أحب زوجي، وعشرة لا أحبه، لا أستطيع ضبط انفعالاتي، أحلتُ حياة زوجي وابني جحيمًا ونكدًا بسبب أفعالي المتناقضة، وأشعر بضغوطات وتراكمات، وكرهٍ لواقعي بسبب كلام من حولي، أحاول امتداح زوجي أمام أمي، لكنها لا تريد حتى سماع اسمه، سؤالي: كيف أستطيع أن أكون شخصية لا تهتم لكلام مَن حولها؟ كيف أقوِّي شخصيتي وأتجاهل كلَّ من يذُمُّ زوجي أمامي؟ كيف أتحكم في انفعالاتي وقت غضبي؟ وكيف أهنأ مع زوجي؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

١- كره أمكِ لزوجكِ؛ بسبب انفصالكِ عن قريب أمكِ، ثم زواجكِ من هذا الرجل الذي كانت أمكِ كارهةً لزواجكِ منه؛ لأنه ليس من أقاربها، ولأنكِ طلبتِ الطلاق من قريبها صاحب الحسب والنسب.

٢- وبسبب مضايقات أمكِ لكِ، أصبحتِ متناقضة، مرة مع زوجكِ، ومرات مع أمكِ، وأصبحتِ عصبية على زوجكِ وطفلكِ.

٣- زوجكِ طيب جدًّا، وحسن العشرة، وكريم جدًّا، وأهله كذلك.

٤- وتسألين: كيف تعيشين عيشة هنيئة مع هذا الزوج الطيب جدًّا؟

٥- وتسألين: كيف تقوين شخصيتكِ، وتتجاهلين أيَّ إنسان يذم زوجكِ؟

وكيف تتحكمين في انفعالاتكِ وغضبكِ على زوجكِ وطفلكِ؟

٦- وتقولين: إنكِ كرهت واقعكِ المتذبذب، وكلام الناس من حولكِ؟

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: لا تحقدي على والدتكِ حفظها الله، وطهري قلبكِ من كل ما فيه عليها، وادعي لها كثيرًا، واستمري في برِّها، ولو أساءت إليكِ، فالبر ليس مقايضة على معروف، بل هو واجب، حتى ولو أساء الوالدان، أو أحدهما، بل وحتى ولو كانا كافرَين، ويأمران الأبناء بالكفر؛ لقوله سبحانه: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15].

ثانيًا: لا شكَّ أن الوالدة - وفَّقها الله لكل خير - أخطأت في مضايقتها لكِ في زواجكِ، ولكن مع ذلك التمسي لها العذر في كونها تحب زوجكِ السابق قريبها، ولأنها تحس بالحرج من أقاربها، ولأنها تعتقد جازمة أنكِ أخطأتِ التصرف.

ثالثًا: وما دمت مقتنعة بزوجكِ، وهو صاحب دين وخُلُقٍ، فلا تلتفتي أبدًا لكلام أمكِ عنه، ولا لكلام غيرها، بل طاعتكِ لزوجكِ في هذا الموطِنِ مقدَّمة على طاعتكِ لأمكِ، وكما قال العامة: (ضع في أذنٍ عجينة، وفي الأخرى طينةٍ)؛ أي: لا تهتمي بكلامهم أبدًا.

رابعًا: استمراركِ في الاستماع لكلام من حولكِ، وتذمُّركِ منه، قد يُدمر حياتكِ الزوجية، فتصبحين لا في العير، ولا في النفير؛ يعني: لا زوجَ طيبًا أمسكتِ به، ولا أمَّ أرضيتِها.

خامسًا: احذري من استمراركِ في سوء التعامل مع زوجكِ وطفلكِ، فزيادة على كونه حرامًا عليكِ، وإغضابًا لربكِ - فهو قد يسبب نُفرة زوجكِ منكِ، وعدم تحمله لمساوئكِ، فإن للصبر حدودًا، بعدها ينفجر الغضب، ويُزمجر الأسد، فالرجل قد يصبر ويتصبر، ثم لا يتحمل، ويثأر لكرامته ولرجولته، وقد يجد من يشجعه على ذلك.

سادسًا: مما يُدخل الطمأنينة على قلبكِ المحافظةُ على الآتي:

١- الصلاة في أوقاتها بأركانها وشروطها وواجباتها، وكثرة نوافل الصلاة.

٢- الإكثار من تلاوة القرآن بتدبُّرٍ.

٣- المحافظة على أذكار الصباح والمساء.

سابعًا: يبدو من ثنايا رسالتكِ أنكِ ضعيفة العبادة، وضعيفة في الإيمان بالقدر والصبر، ولذا تأثرتِ بسرعة من كلام الناس، وساء خُلقكِ، وظلمتِ زوجكِ وطفلكِ البريء، ولذا لا بد أن تجتهدي في الإكثار من العبادات، ومن تقوية التوحيد، والإيمان بأسماء الله وصفاته الحسنى، ومعرفة معانيها، والعمل بها، وتقوية الإيمان بالقدر، والصبر على طريق القرآن والأحاديث النبوية والعلم النافع؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].

ثامنًا: وبدلًا من الضَّجَر والسَّخط المُحرم الذي لا يزيدكِ إلا سُقمًا وبلاءً، أكثري من الاسترجاع والدعاء، والصدقة والذِّكْر؛ لتهدأ نفسكِ؛ قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

وقال عز وجل: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].

تاسعًا: اسألي الله سبحانه بإلحاح أن يرزُقكِ الحلم والرفق عمومًا، ومع زوجكِ وطفلكِ، خصوصًا لأن الغضب خلق سيئ، نتائجه وخيمة بالظلم اللفظي والبدني والنفسي، وربما لا يتحملكِ من يتعامل معكِ فيهجركِ.

عاشرًا وأخيرًا: أعود وأكرِّر وأقول: احذري واحذري واحذري من تصديق كلام الناس، ومن تأثيره السيئ على دينكِ وخلقكِ، واحذري أشدَّ الحذر من ظلم زوجكِ، وظلم طفلكِ؛ فالظلم ظلمات يوم القيامة، ودعوة المظلوم مستجابة، ولا يغركِ صبرُ زوجكِ الآن؛ فلِصبرِ الرجل حدودٌ، ثم بعدها قد لا يطيقكِ، وقد يثأر لكرامته ورجولته.

حفِظكم الله، ورزقكِ الحلم والصبر، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.