أملاكي في يد زوجتي

منذ 2 أشهر 64

أملاكي في يد زوجتي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/9/2024 ميلادي - 18/3/1446 هجري

الزيارات: 23


السؤال:

الملخص:

رجل شرَطت عليه زوجته أن يكتُب أملاكه باسمها؛ حماية لنفسها من الطلاق أو زواجه بأخرى، ففعل، لكنه اكتشف أنه لا يستطيع التأقلم مع هذا الوضع، وبدأ يشعر بكرهه لزوجته، ويفكر في الطلاق وخسارة الأملاك؛ ليريح نفسه، ويسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

كتبت أملاكي جميعًا باسم زوجتي؛ حماية لنفسها من الطلاق أو الزواج بامرأة أخرى، وقد وجدت نفسي لا أطيق العيش وأملاكي بيدها، مع أنني ليس لديَّ أي نية سوء تجاهها، وعندما أخبرتها أنه لا بد أن أسترد أملاكي، ردت بأن هذا الأمر يُطمئنها، زوجتي متمسكة بي، وتعاملني معاملة حسنة، لكني لا أستطيع التكيف مع هذا الوضع، حتى إنني فكرت في الطلاق وخسارة الأولاد والأملاك؛ حتى تستريح نفسي، وبدأت أشعر بكرهي لها بسبب هذا الوضع، فماذا أفعل؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى، وجعلهما آيةً للعالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على أفضل قدوة وأسوة للأزواج أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم؛ أما بعد أخي السائل:

أنت متزوج، وعمرك حاليًّا 46 سنة، ولديك 3 أبناء، والاستشارة تنص على أنك كتبت أملاكك لزوجتك؛ لخوفها من أن تطلقها أو تتزوج بامرأة أخرى.

أخي في الله، هل حقًّا كتابة الأملاك لزوجتك تقيها من الطلاق أو من الزواج بأخرى؟

وهذا ما قلته أنت في استشارتك من تفكيرك بالطلاق مع خسران الأولاد لكي أستريح نفسيًّا، كما أنك بدأت تشعر بكرهك لها بسبب هذا الوضع.

هذا يعني أنك قد تصل إلى الطلاق، وخسارتك الأملاك والزوجة والأولاد.

وهنا حتى لو لجأت إلى القانون، فإن القانون لا يحمي من غفل عن حقوقه، ولن تستطيع استرداد أي شيء.

إذًا الأملاك ليست صِمامَ الأمان للزوجة.

نعود أيضًا للبداية: هل كنتَ على عِلْمٍ بحقوق كل من الزوج والزوجة، وواجباتهما؛ من أجل أن يُبنى البيت على أساس متين من المودة والرحمة والسَّكينة؟

أما الخوف من الطلاق، أو الزواج بأخرى، فهو حال معظم النساء - إلا من رحم ربي - في وقتنا الحاضر.

فقبل كل شيء لا بد هنا من توضيح مشكلتين أساسيتين في الزواج: الطلاق، وتعدد الزوجات.

فالزواج شَرَعَه الله، وجعل له حدودًا تنظم علاقته، وتحدد قواعده للرجل والمرأة، إذا طبق كل منهما هذه القواعد؛ قال تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228].

والزواج ميثاق غليظ لا يجوز التلاعب به أو إهماله؛ قال تعالى: ﴿ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21].

وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((... فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فُرُوجهن بكلمة الله)).

إذًا المرأة أمانة في عنق الرجل بشهادة الله على ذلك، وباستحلال تلك العلاقة بكلمة من الله تعالى، فهل لديكما هذه المفاهيم؟ هل بنيتما هذه الأسرة على معرفة الواجبات والحقوق لكل منكما؟ فبناء البيت على أسس الود والرحمة، والتفاهم، ومعرفة الحقوق والواجبات، فقد باتت هذه المفاهيم تهُزُّ كِيان الأسرة؛ لكي تلجأ المرأة لهذه الخيارات.

المشكلة مبتورة، فهي من جهتك أنت فقط كما رويت، أما من جهة الزوجة فلا نعلم سوى هذه المعلومات منك.

لذا لا بد من سؤالك قبل إجابتك: لمَ وصلت الحال بكما إلى ما أنتما عليه مع وجود أطفال ثلاثة؟

فحسب ما استشعرت به من استشارتك أنكما أنتما الاثنان ليس لديكما مفهوم الزواج الحق، وأيضًا لم تبنيا بيتكما منذ البداية على أسس متينة من قواعد الشرع الحنيف.

والأهم شعرت أنكما لا تعرفان الحقوق والواجبات.

ومما أراه اليوم أن الإعلام هو الحاكم الأول للأسرة؛ حيث تُبَثُّ من خلال شاشات التلفاز، أو عبر جميع أنواع التواصل الاجتماعي أنواع السموم الهدَّامة لأساسات الأسرة، لدرجة أنهم ينخِرون أدمغة النساء بمسألتي (التعدد، والطلاق).

فهل تعرفت أنت وهي على أحكام الطلاق، وأحكام التعدد؟

فالتعدد ليس كما تبثه شاشات التلفاز من أنه سد شهوة الرجل بالحلال، بل هناك أسباب يلجأ إليها الرجل.

كما أن التعدد إنما هو للرجال، وليس للذكور، الذين ميَّزهم الله في كتابه الكريم؛ حيث قال: ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴾ [النجم: 45].

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ﴾ [الحجرات: 13].

كما وصف الله عز وجل الرجال في القرآن الكريم، وهذه الصفات يجب أن يتصف بها لكي يحوز على لقب رجل؛ قال تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ﴾ [الأحزاب: 23].

وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 32].

وقال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34].

وقال تعالى: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ﴾ [النور: 37].

فالرجل هو الذي يثبت جدارته في تولي الأمور إذا أُسندت إليه، هذه بعض صفات الرجولة، وليست الرجولة بالزواج من الثانية والثالثة والرابعة؛ لذا كان لا بد لك من المحافظة على أسرتك بدون نقل ملكية ما تملك لزوجتك لتكون لها صمام الأمان.

السؤال الآن: هل يجوز شرعًا أن تكتب أملاكك بيعًا وشراءً لزوجتك في حياتك، أم أنه تم نقل الملكية بصفة هبة، أو عطية، أو أنه معتبر من المهر المنصوص عليه في عقد الزواج في ذمتك، ولم تؤدِّه لها؟

فإن كان ما كتبته مهرًا لها، كان يكفي أن تكتب البيت باسمها كمهر، وأن تحتفظ ببقية أملاكك.

وإن كان عطية أو هِبَةً فمن الجائز أن يسجل البيت في الدوائر العقارية باسمها، والغلط الأكبر الكتابة بصفة البيع.

أما أنك تريد حاليًّا استرداد أملاكك أو بعضها، نعود ونقول لك: القانون في حالتكما بجانب الزوجة، وجهلك بهذه الأحكام لا يسمى طيبة زائدة؛ حيث إن القانون لا يحمي من غفل عن حقوقه.

وفي الختام:

أود تقديم نصيحة من خلالك لكل المقبلين على الزواج: ضرورة معرفة هذه الأحكام الشرعية جميعها من الألف إلى الياء، منذ الشروع بالزواج، وليس بعد الوقوع بالمشاكل.

ففي مثل هذه الحالة إذا اشتد الشِّقاق بين الزوجين، يمكن للزوجة أن تُخرِج الرجل من البيت بالاستعانة بما لديها من أملاك، لإخراجك من البيت شرعًا وقانونًا، والخسران لك فقط؛ من الرزق والأولاد والزوجة.

لذلك الأفضل لك مراجعة جميع المشكلات بينكما بكل هدوء وحكمة، وبنية بقاء البيت محافظًا على أساساته بالمودة والرحمة والتفاهم، مع وضع القواعد الصحيحة بينكما، ومعرفة الحقوق والواجبات لكل منكما.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.