أمراض نفسية متراكمة

منذ 1 سنة 222

أمراض نفسية متراكمة


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/6/2023 ميلادي - 30/11/1444 هجري

الزيارات: 18



السؤال:

الملخص:

شاب مراهق مصاب بثلاثة أمراض نفسية؛ هي اكتئاب ثنائي القطب، والوسواس القهري، ومتلازمة إرضاء الآخرين، يعيش في بيئة أسرية قاسية؛ فأبوه وأخوه الأكبر يضطهدانه، ويسيطران على حياته جملة وتفصيلًا، ويسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا في السادسة عشرة من عمري، لم أعرف للسعادة طعمًا؛ حيث أعاني من اكتئاب ثنائي القطب؛ لذا تأتيني هلاوس أحيانًا، أيضًا أعاني من الوسواس القهري، الذي صُدمت عندما اكتشفت أني مصاب به، ومتلازمة إرضاء الناس، أبي - وهو أكثر مَن أبغضه - متسلِّط، ويتدخل في كل ما يخصني؛ صغيرًا كان أم كبيرًا؛ لباسي، غذائي، كلامي، حركتي، وقتي، مالي، أصدقائي، ذهابي، رجوعي، حتى مستقبلي، كان يضربني بشدة في صغري، أتذكر أنه ضربني ضربًا مُبرحًا أمام مدرستي الابتدائية، وأمام كل زملائي وأساتذتي، كل الناس الذين يسكنون في الحي يعرفونني بسبب أبي، أكبر صدمة تلقيتها منه، لما وعدني بشراء لوحة إلكترونية بشرط أن أكون الأول في صفي الدراسي، ولما ظهرت النتائج، كذب عليَّ، وأخبرني أنه لا يملك المال، وفي نفس العام اشترى منزلًا في مدينة أخرى، تحطم قلبي آنذاك؛ فأنا ولد حسَّاس، وقد صدقته، لكنه كذب عليَّ، أما أخي الأكبر، فهو وسيلة التعذيب الأساسية؛ فقد كان يضربني إلى أن يسيل دمي، وحرقني مرتين بالسكين في ذراعي، وينتقدني، ويستغلني، ويهددني، ويبتزني، ويتدخل في كل شؤوني، أتذكر لما نجحت في شهادة التعليم المتوسط، وكنت متجهًا إلى المدرسة كي ألتقي بأساتذتي وأصدقائي، أرغمني أخي على الخروج بقميص مرسوم عليه زهرة، ومنعني من تغييره، وإلى الآن لا أفهم السبب، لكني لم أُطِعْهُ فيما أمرني به، فضربني ضربًا مبرحًا لما عدت إلى المنزل، ثم اكتشفت أني مريض بالوسواس القهري في الخامسة عشرة من عمري؛ فقد كنت أتخيل أشياء غير أخلاقية عن الله، كادت تصيبني بالجنون، ثم بعد عام اكتشفت إصابتي بمتلازمة إرضاء الآخرين؛ فأنا أُرضي الناس دائمًا، وأصطنع الأقنعة مع الناس، فإذا التقيتُ شخصين في آن واحد، فلا أستطيع أن أصطنع وجهين في نفس الوقت؛ ما يجعلني أشعر بالغثيان، لا يهمني إلا آراء الناس حولي، يستغلني الناس عادة، فيرغمونني على مساعدتهم في الغش، حاولت المواجهة وعدم السكوت عن حقي، وانتهى بي المطاف بالبكاء في قسمي؛ فقلبي الضعيف كاد ينفجر من المواجهة، حتى إن زملائي استغربوا، كرهت حياتي، وأصبحت أحب العزلة، لا أستطيع الذهب إلى أخصائي نفسي، أو مصارحة أبي؛ فهو لا يعرف الحوار والمناقشة، بمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛ سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فنشكرك على ثقتك بنا، وأسأل الله عز وجل أن تجد الإجابة التي تبحث عنها في هذه الأسطر.

إذا حللنا رسالتك، نجدها تتلخص في المحاور الآتية:

1- أنت شاب يافع في مرحلة المراهقة.

2- عانيت من طفولة صعبة؛ بسبب تعامل والدك وأخيك الأكبر معك.

3- عانيت من الاكتئاب ثنائي القطب، والوسواس القهري، على افتراض أنه تم تشخيصك من طرف مختصين نفسانيين.

فأما عن فترة المراهقة، فمن المعروف ما يمر به الفرد من تغيرات مزاجية ونفسية عديدة؛ جراء النمو الجسمي والفسيولوجي المتسارع، وهذا قد يجعل من المراهق أكثر حساسية للأمور ومع الأشخاص؛ لذا من المهم فَهْمُ أن هناك بعض المشاعر والأمور التي ستزول مع مرور الزمن، والنضج العقلي والانفعالي في مرحلة الرشد، في حين هناك من الأمور التي تبقى محفورة في الذاكرة تسبب الألم، كلما تذكرها صاحبها، وهي متعلقة بالماضي الأليم وذكرياته، وهذه الذكريات لا يمكن أن ينساها الفرد، مهما حاول، إنما يحتاج إلى الاعتراف بها وتقبُّلها؛ فقد حدثت حقيقة ولن ينفع إنكارها، ثم تأتي مرحلة التصالح والتسامح مع هذه الذكريات، فمسامحة الشخص المسبب للألم يشعرك أنت بالارتياح، ولا تحتاج إلى الذهاب إلى الشخص وتخبره أنك قد سامحته، إنما يكفي أن يكون ذلك بينك وبين نفسك، ومما يساعدنا على ذلك تذكر اللحظات الطيبة التي جمعتنا بذلك الشخص، وأفعاله الحسنة، والذكريات الطيبة معه، ولو كانت نادرة، كما أطلب منك الدعاء له في صلاتك.

أما الاضطرابات النفسية التي ذكرتها، فلا بد من زيارة مختص نفسي؛ ليشخِّص لك الحالة بشكل دقيق، ويساعدك على اكتساب مهارات توكيد الذات التي تعينك على تقوية شخصيتك، ومنها مواجهة العالم، والتعامل معه بشكل أفضل؛ لأن هذه الاستشارات الكتابية لن تغنيَ أبدًا عن التشخيص والتدخل العلاجي المباشر.

وفقكم الله لِما يحب ويرضى.