طالبت نيكاراغوا من محكمة العدل الدولية اليوم الاثنين، بإلزام ألمانيا بوقف الدعم العسكري لإسرائيل، والعدول عن قرارها وقف تمويل الأونروا، بحجة أن تصرف برلين "يسهل ارتكاب إبادة" بحق الفلسطينيين، ولا يلتزم بالقانون الدولي.
وقال الفريق القانوني لنيكاراغوا إن ألمانيا "مسؤولة عن الإبادة الجماعية في غزة بدعمها إسرائيل"، منتهكة اتفاقية منع جريمة الإبادة.
وأضاف الفريق أن الدعم العسكري الألماني لإسرائيل "زاد 10 أضعاف" مقارنة بعام 2022، وأن "شركات التصنيع العسكري الألمانية تحقق أرباحاً من الحرب في غزة"، مستنكراً "محاولة ألمانيا إقناعنا بأن أسلحتها لا تٌستخدم في الإبادة الجماعية في غزة".
لا شك أن القضية المرفوعة في محكمة العدل تستهدف ألمانيا، التي تعد ثاني أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل بعد الولايات المتحدة، ولكنها تستهدف بشكل غير مباشر الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ 6 أشهر، والتي خلفت عشرات الآلاف من القتلى الفلسطينيين.
وتستمد الدعوى أساسها من دعوى جنوب أفريقيا على إسرائيل، التي تتهمها فيها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأشارت المرافعة إلى المادة الثالثة من اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي تشير إلى "التواطؤ" في ارتكاب الإبادة، ويشمل هذا "التواطؤ" كل الوسائل التي يمكن انتهاجها في سبيل ذلك.
مسؤولية الولايات المتحدة
ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في توريد الأسلحة إلى إسرائيل، ولكن سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن تمثل الولايات المتحدة أمام المحكمة لأن واشنطن لا تعترف بسلطة محكمة العدل الدولية في إجبار الدول على المثول أمامها. كما أن الولايات المتحدة لم توقع على البروتوكول الملحق باتفاقية الإبادة الجماعية الذي يسمح للدول بعرض النزاعات على المحكمة.
ومع ذلك، سعت نيكاراغوا إلى إدراج إمدادات الأسلحة الأمريكية في قضيتها، قائلة إن برلين وواشنطن تتعاونان في بعض البرامج العسكرية. وحثت أرغويو غوميز المحكمة على إدراج الإمدادات الأمريكية في أوامرها الأولية، والمعروفة باسم التدابير المؤقتة.
العدول عن قرار وقف تمويل الأونروا
وطالبت نيكاراغوا المحكمة بفرض إجراءات مؤقتة طارئة، تجبر برلين على التوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة، وإلغاء قرارها بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وذلك لحين نظر المحكمة في القضية بشكل أوسع.
وأوضحت نيكاراغوا في مرافعتها أن "ألمانيا علقت تمويل الأونروا، ما حرمها من 450 مليون دولار، دون مراعاةٍ للحرب في غزة".
وقال محامي نيكاراغوا دانييل مولر للقضاة: "إنه بالفعل عذر مثير للشفقة للأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين في غزة، أن تقدم المساعدات الإنسانية بما في ذلك من خلال عمليات الإنزال الجوي من جهة، وأن تزودهم بالأسلحة والمعدات العسكرية التي تستخدم لقتلهم وإبادتهم" والعاملين في المجال الإنساني.
وتظاهر العشرات من المحتجين المؤيدين للفلسطينيين، وهم يلوحون بالأعلام خارج المحكمة. وقال سليمان أبو عمارة، وهو مواطن هولندي من أصل فلسطيني، إنه ممتن لنيكاراغوا لمقاضاة ألمانيا أمام المحكمة، مشيراً إلى أن "المفارقة تكمن في كون ألمانيا هي في الواقع وراء الاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية".
المحكمة الدولية لا تملك آلية لفرض تطبيق قراراتها
من جانبها، قالت المحامية المدافعة عن برلين تانيا فون أوسلار-غليشن، في الرد على الدعوى التي رفعتها نيكاراغوا إن "ألمانيا ترفض الاتهامات بالكامل. لم ننتهك يوما اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية ولا القانون الإنساني الدولي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر". وأضافت للصحافيين "عرض نيكاراغوا (للقضية) كان منحازا بشكل صارخ، وسنبلغكم غدا كيف نتحمّل مسؤولياتنا بشكل كامل".
وسيشهد يوم غد الثلاثاء، رد ألمانيا، التي سبق أن رفضت الاتهامات، مؤكدة أنها "لم تنتهك اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية".
ورغم أن قرارات المحكمة ملزمة، إلا أنها لا تملك آلية لفرض تطبيقها. فسبق أن أمرت المحكمة روسيا بوقف غزو أوكرانيا، المستمر حتى اليوم.
وسبق للمحكمة الدولية أن أمرت إسرائيل بالقيام بكل ما هو ممكن لمنع أعمال الإبادة، وشدّدت موقفها أخيراً مُصدرة أوامر بإجراءات إضافية تلزم إسرائيل تعزيز إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية.