ألعاب ومهن وعادات رمضانية في الأردن طواها النسيان 

منذ 1 سنة 151

لم يتبق من رمضان إلا اسمه، بهذه الكلمات يصف أردنيون الأجواء الرمضانية الحالية، بعد أن اختفى كثير من العادات والتقاليد المرتبطة بالشهر الفضيل، بينما طوى النسيان الألعاب الشعبية وحتى المهن التي كانت سمة بارزة خلال عقود.

فمنذ نحو عقد من الزمن لم تعد ظاهرة الولائم الجماعية وموائد الرحمن قائمة كما كانت، وغاب صخب الأطفال في ساعات ما بعد الإفطار وتلاشت الألعاب التي كانوا يمارسونها، كما يوجد عديد من المهن الرمضانية التي لم تعد موجودة في بعض البلدان بسبب التغيرات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية. 

فقبل نحو 70 سنة شكل التنوع الثقافي أرضاً خصبة لتعدد الأعراف والتقاليد الرمضانية في البلاد، حيث هاجرت ثقافات كثيرة إلى الأردن كالعائلات الشامية والكردية والفلسطينية والشركسية والشيشانية. 

 مهن غابت

طوال سنوات كان شهر رمضان يعد فرصة لعديد من المهن والأعمال الموسمية، ولكن يوجد بعض المهن التي لم تعد شائعة في هذا الوقت الحالي لأسباب عدة، أبرزها تطبيق القوانين الصحية والبلدية. 

ومن بينها بائعو عصير العرقسوس والمسحراتي، الذي استبدل به وسائل أخرى تؤدي دوره، كالتلفاز والإنترنت والهاتف النقال. ومع مرور الوقت انخفضت أهمية المسحراتي في المجتمع الأردني، وأصبح الأذان الجماعي والموحد وسائل أكثر فاعلية في تذكير الناس بأوقات الصلاة والصيام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في القائمة ذاتها تبرز مهنة صانعي القفاطين والجلابيب والعباءات التقليدية، بعد أن غابت ظاهرة ارتداء الأزياء الدينية والرمضانية التقليدية، كما تراجعت مهنة صناعة الفوانيس لتحل محلها الزينة الإلكترونية التي احتلت الشرفات والنوافذ على حساب الزينة التقليدية.

مدفع رمضان يصمد

بينما لا يزال مدفع رمضان يمثل تقليداً رمضانياً فولكلورياً، وعادة توارثتها الأجيال الأردنية وتحافظ عليها منذ تأسيس المملكة قبل 100 عام، إذ يتولى أفراد من القوات المسلحة الأردنية يومياً وطيلة الشهر الفضيل مهمة إطلاق مدفع الإفطار من وسط العاصمة عمان.

أطفال حول مسحراتي في احد مناطق العاصمة عمان (اندبندنت عربية - حمزة مزرعاوي)

ولا يقتصر الأمر على المهن فثمة تقاليد رمضانية كثيرة تراجعت في الأردن كالزيارات العائلية والسهرات الرمضانية وتوزيع الهدايا على الأطفال في الأماكن العامة. 

أما الحكواتي الذي كان يحتل مكانة مرموقة بين الأهالي ورواد المقاهي، ليحكي القصص والحكايات بأسلوبه الخاص، فأصبح من الذكريات. كان قديماً يسرد قصصاً وأحداثاً تاريخية وشعبية، بهدف تعزيز الروابط الاجتماعية بين الناس، ومع مرور الوقت وتغير العادات والتقاليد انحسر دور الحكواتي في المجتمع الأردني خلال شهر رمضان، وباتت الأنشطة الترفيهية الحديثة مثل مشاهدة التلفزيون والخيم الرمضانية والاستماع للموسيقى أكثر انتشاراً وجذباً للاهتمام.

ومع ذلك فإن الحكايات القديمة لا تزال محفورة في ذاكرة بعض الأجيال الأكبر سناً في الأردن، ويعتبر الحكواتي جزءاً من تراثهم الثقافي المميز.

ألعاب شعبية تلاشت

طبقاً للموروث الشعبي، ثمة عديد من الألعاب الشعبية والرمضانية التي كانت متاحة في الماضي لكنها لم تعد موجودة في عصرنا الحالي، من أبرز هذه الألعاب لعبة الطواحين التي تعتبر من أشهر الألعاب الشعبية في الأردن ولعبة الساعة ولعبة البحث عن الكنز التي ظلت إلى عهد قريب محافظة على شعبيتها.

أطفال يمارسون لعبة رمضانية تدعى" السلكة" في أحد أحياء عمان (اندبندنت عربية - حمزة مزرعاوي)

في عدد من أحياء شرق العاصمة الأردنية عمان ما زال بعض الأطفال يمارسون لعبة "السلكة"، فمع حلول الليل وبعد ساعات من الإفطار يتحلق صبية ومراهقون حول النيران المشتعلة والتي تستخدم فيها "ليفة الجلي" المنزلية، والتي تشكل عبر التلويح بها منظراً جمالياً منقطع النظير على رغم خطورتها.

يصنف الكاتب أحمد أبوخليل المهن الجديدة التي نشأت في شهر رمضان حديثاً بـ"اقتصاد الظل"، وهو النشاط الموسمي الذي يمارس عادة بهدف الحصول على دخل رئيس أو إضافي متواضع في العادة، مشيراً إلى البسطات وسيارات" البيك أب" وعربات بيع العصائر الرمضانية وقائمة طويلة من المهن التي أفرزتها التغيرات الاجتماعية.

على رغم ذلك تشير دراسات إحصائية إلى أن الحالة الاقتصادية التي تعانيها شريحة واسعة من المجتمع الأردني لم تؤثر في العادات الاجتماعية المتوارثة، بخاصة من ذوي الدخل المحدود، كالولائم الرمضانية.

ومن بين التقاليد المتوارثة التي غابت عن منازل الأردنيين "صحن الخير" الذي أضحى عادة تقتصر على فئة محدودة من الناس، وهو طبق طعام متنقل يطرق أبواب الأردنيين ويتم تبادله بين الأهل والجيران، بهدف زيادة الألفة والمحبة والتكافل بين الجيران، فضلاً عن تنويع الأطباق والخيرات الرمضانية.