تجد إسرائيل نفسها يوم الخميس، في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية لسكان غزة، وهو ما يتخوف منه أكاديميون إسرائيليون يرجحون أن صدور حكم ولو مؤقت ستترتب عليه عواقب دبلوماسية وخيمة، وقد يؤثر بشكل حاسم على مسار الحرب في غزة.
يقول الكاتب الإسرائيلي جيرمي شارون في مقال بصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن الالتماس الذي قدمته جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية يستند إلى العدد الهائل من المدنيين الفلسطينيين الذين قُتلوا بسبب القصف الإسرائيلي والانخفاض الشديد في إمكانية الحصول على الغذاء والماء والرعاية الطبية.
ويؤكد شارون أن التصريحات التحريضية العديدة التي أدلى بها وزراء الحكومة الإسرائيلية بشأن الفلسطينيين في غزة مثل بن غفير وسموتريتش، قد عززت موقف جنوب إفريقيا وأثبتت بأن تل أبيب كانت لديها نية مبيتة لارتكاب إبادة جماعية، وهذا سيكون عاملاً حاسماً أثناء المحاكمة.
ووفقا للتقرير، على الرغم من أن الحكم النهائي قد يستغرق سنوات، إلا أن جنوب إفريقيا طلبت من المحكمة إصدار أحكام فورية ضد إسرائيل يمكن أن تتراوح بين المطالبة بوقف شامل وفوري لإطلاق النار والتشديد على السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية للقطاع.
ويرى جيريمي شارون أن الحكم المؤقت نفسه سيكون الأكثر إضراراً بمكانة إسرائيل، حيث أشار إلى أنه سيكون من الصعب على الولايات المتحدة او أي دولة صديقة أن تواصل دعمها للدولة العبرية إذا ما صدر قرار يقضي بأنها ترتكب إبادة جماعية.
هل ستحصل إسرائيل على محاكمة عادلة؟
يترأس المحكمة القاضية جوان دوناهيو من الولايات المتحدة، في حين يتم تعيين القضاة الدائمين الخمسة عشر من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، أما القضاء الآخرون فيأتون من عدة دول مثل فرنسا وألمانيا وأستراليا والهند وسلوفاكيا وجامايكا واليابان والبرازيل.
وسترسل كل من جنوب إفريقيا وإسرائيل قضاة رشحتهم كأعضاء خاصين في اللجنة التي تنظر في القضية، وسيكون القاضي الإسرائيلي هو رئيس المحكمة العليا السابق أهارون باراك.
لكن القضاة الآخرين يأتون من روسيا والصين والمغرب والصومال ولبنان وأوغندا، وهذا أمر إشكالي بحسب البروفيسور روبي سابيل في كلية الحقوق في تل أبيب، لأنها وفق تعبيره "بلدان ترزح تحت أنظمة استبدادية، حيث استقلال القضاء عن السلطة السياسية مشكوك فيه"، وأضاف: " هناك كتلة من القضاة المناهضين لإسرائيل، لذلك علينا أن نشعر بالقلق".
أما البروفيسور عميحاي كوهين، الخبير في القانون الدولي للنزاعات المسلحة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، فيرى أن كلاّ من الصين وروسيا، ستكونان حذرتين قبل اتخاذ أي قرار بخصوص إجراءات الإبادة الجماعية نظراً لأنهما متهمتان بارتكاب نفس الجريمة في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، فهو يتفق مع مع ليبليتش بخصوص التعليقات التي أدلى بها كبار الوزراء الإسرائيليين، والتي أعطت لجنوب إفريقيا الشرعية والوثائق المطلوبة لرفع قضيتها إلى محكمة العدل الدولية، ووصف كوهين الذين أدلوا بمثل هذه التصريحات بأنهم "غير مسؤولين وسببوا لإسرائيل ضرراً كبيراً".
التداعيات القانونية والدبلوماسية والسياسية المحتملة
وأشار الأكاديمي كوهين أيضاً إلى أنه حتى لو لم تجد المحكمة أن هناك أسباباً مشروعة لاتهام إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية، فإنها يمكن أن تتهمها بالتحريض على الإبادة الجماعية والفشل في معاقبة هذا التحريض، وكلاهما انتهاك لاتفاقية الإبادة الجماعية.
وستترتب على ذلك سلسلة من الإجراءات ضد إسرائيل، بما فيها تعليق العمليات العسكرية فوراً وزيادة المساعدات الإنسانية وإمدادات الوقود إلى غزة.
وفي حال رفضت إسرائيل الامتثال إلى هذه الأحكام، فمن الممكن إحالة القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو المخوّل بفرض عقوبات بمختلف أنواعها. ويمكن أن تشمل هذه العقوبات التجارية، أو حظر الأسلحة، أو غيرها من الإجراءات العقابية.