اعتبر أعضاء مجلس الشيوخ، خلال الجلسة العامة المنعقدة اليوم الثلاثاء، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، المُخصصة لمناقشة التقرير البرلماني للجنة المشتركة من لجنة الشباب والرياضة، ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية، والشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، والطاقة والبيئة والقوى العاملة، والصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، عن دراسة "الشباب وسوق العمل غير الرسمي مخاطر راهنة ومقاربات واعدة"، أن دمج الاقتصاد الرسمي في نظيرة غير الرسمي بمثابة مشروع قومي كبير، ويمثل عماد مستقبل مصر.
وقال النائب هاني العسال، عضو مجلس الشيوخ، إن الاقتصاد غير الرسمي يعمل فيه أكثر من 7 مليون عامل، مشيراً إلي أن هذا النوع من النشاط العشوائي يأتي نتيجة عدم التخطيط، مما يستوجب الإسراع في ضبطها من خلال الهندسة المالية التي من شأنها أن تحققت أن تحدث قفزة كبيرة.
وشدد العسال في هذا السياق علي أهمية العمل علي 3 محاور تتمثل في التقنين والتحفيز وتقديم الضمانات، لاسيما وأن دمج الاقتصاد غير الرسمي في نظيرة الرسمي يعد بمثابة مشروع قومي كبير، وعماد مستقبل مصر، مشيراً إلى أن الصين كان لديها مصانع تحت بير السلم ويتم الاستيراد منها حاليا أصبحت 5 نجوم.
بدوره أكد النائب عاطف علم الدين، أهمية الدراسة محل المناقشة التي تنطلق من مجلس الشيوخ لتبلور دوره في اقتحام القضايا المجتمعية وإيجاد حلول لها، فيما أكد النائب محمود بكري، الحاجة إلي إعادة تصحيح الخطاب وإيجاد مناخ اقتصادي يفضي فرص عمل أفضل، متسائلا عما إذا كانت الحكومة المصرية قادرة علي إنجاح الدمج تحت مظلة الدولة.
من جانبه، قال النائب سامح عاشور، عضو مجلس الشيوخ، إن هدف المجلس من مناقشة دراسة "الشباب وسوق العمل غير الرسمي مخاطر راهنة ومقاربات واعدة"، تقديم رؤية متكاملة بكافة زوايا قضية الاقتصاد غير الرسمي ومعانيها وحلول لدمجهم في الاقتصاد الرسمي.
وأضاف عاشور، أن الأنشطة الاقتصادية غير المقننة لها 3 أفرع أولها غير المشروعة مثل المخدرات، فيجب تعقبه وألا أن نتركه يستمتع بما حصله من مدخرات نتيجة ممارسة هذا النشاط غير المشروع، وندخل هذه الحصيلة لخزانة الدولة، عقابا علي ما مارسه في حق المجتمع، وكذا جرائم غسيل الأموال.
وتابع سامح عاشور، أن النوع الثاني يتمثل في الأنشطة غير المقننة لأسباب ترخيصيه، وبدأت تحله مسألة المصالحات، أما الثالث والأخير غير المقنن العشوائي وأصحابه غير قادرين، ويجب هنا أن توليهم الدولة دعما كبيراً، وإن كانت هناك جهود تبذل في هذا الصدد.
ودعا "عاشور" إلي عدم التعجل في إصدار التقرير البرلماني حيث حاجته إلي أبعاد أخري، لاسيما وأن غاياته سامية ومقاصده واضحة.
يشار إلي أن الدراسة البرلمانية، ألقت الضوء على الأسباب والعوامل التي أدت لتعاظم حجم سوق العمل غير الرسمي، حيث تعد بمثابة بؤر جاذبة للشباب المصري للتوجه إلى سوق العمل غير الرسمي والبعد عن الاقتصاد الرسمي.
وفند التقرير البرلماني هذه الأسباب في 3 محاور رئيسية، في مقدمتها (تحديات سوق العمل في مصر)، إذ يواجه سوق العمل المصري عديد التحديات رغم الخطط الحكومية ومبادراتها الهادفة إلى تعزيز أوضاع سوق العمل والعمالة المصرية، إلا أنه يواجه تحديات يمكن أن نجملها في نقطتين رئيستين، أولهما ظاهرة هرم البطالة المقلوب، حيث تكشف الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدلات البطالة بين كل من المتعلمين وحاملي الشهادات العليا، والشباب فى المناطق الحضرية، وذلك بعكس الأوضاع الطبيعية التي يتمكن فيها الشباب المتعلمون في المناطق الحضرية من تأمين فرص عمل أفضل مقارنة بالريف أو بكبار السن أو حاملي الشهادات المتوسطة وفوق المتوسطة.
وأشارت الدراسة إلي أن ذلك يجد تفسيره في ثلاثة عوامل، تتمثل في خلل العلاقة بين النظام التعليمي وسوق العمل، إذ أنه على صعيد التحليل الكمي يتضح أن النظام التعليمي المصري يولد المزيد من العمالة بشكل سنوي بما يتجاوز قدرة سوق العمل على خلق فرص جديدة لاستيعابها. أما التحليل الكيفي فنجد أن ثمة حالة من عدم الترابط بين المناهج التعليمية والمهارات التي يتطلبها سوق العمل، مع عدم الاهتمام بالتعليم الفني بنفس قدر الاهتمام بالتعليم الثانوي والعالي\"، أما الثاني يتمثل في "الهيكل الديموغرافي" المصري، حيث يتسم الهرم السكاني في مصر بتركزه في فئة الشباب، حيث تمثل الفئة العمرية (15-64)سنة نحو 61.9% من إجمالي السكان، وفقًا لنتائج التعداد السكاني لعام 217، وأخيرا عامل توافر فرص العمل في الريف مقارنة بالحضر، وتكدس السكان في المحافظات الحضرية، فعلى سبيل المثال بلغت معدلات البطالة في محافظة القاهرة نحو 12.7% خلال عام 2020 مقارنة بنحو 3% و 4.2% بين سكان محافظتي أسيوط والمنوفية على الترتيب وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ، ارتفاع معدل البطالة في الربع الثالث.
أما التحدي الثاني في سوق العمل يتمثل في الاختلال بين القطاعين العام والخاص، حيث يواجه سوق العمل في مصر اختلالا في مستويات الأجور والضمانات بين القطاعين العام والخاص، صحيح أن قانون العمل وضع الضوابط للحفاظ على أوضاع العاملين في القطاع الخاص، إلا أن بعض أصحاب المنشآت الخاصة لا يلتزمون بتطبيق أحكام هذا القانون على العاملين لديهم، سواء فيما يتعلق بالإجازات أو الحد الأدنى للأجور، وهو ما يعنى تهربًا من جانب صاحب المشروع خاصة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر غير المسجلة في السجلات الرسمية، من أية التزامات قانونية".
ويأتي السبب الثاني في تعاظم سوق العمل غير الرسمي، إلي (الهروب من الالتزامات القانونية والإدارية) إذ يسعى أصحاب الأعمال وخاصة فئات الشباب حديثي التخرج إلى الهروب من الالتزامات القانونية والإدارية الواسعة إلى العمل بشكل غير رسمي.
وتشير الدراسة إلي أن ذلك يأتي نتيجة عدم أداء الضرائب، إذ يحاول المتعاملون في القطاع غير الرسمي تجنب دفع الاستحقاقات الأساسية على الدخل المكتسب مثل الضرائب والرسوم، حيث يُنظر إليها على أنها تكاليف مرتفعة تقلص من هامش الربح، تجنب دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي وتجنب الاضطرار إلى تلبية بعض معايير سوق العمل القانونية مثل الحد الأدنى للأجور، ساعات العمل القصوى، معايير السلامة حماية حقوق المستهلك، وتجنب الالتزام ببعض الإجراءات الإدارية مثل استكمال الاستبيانات الإحصائية أو إصدار النشرات والبيانات الدورية أو النماذج الإدارية الأخرى.
ويتمثل السبب الثالث والأخير، في (ارتفاع تكاليف الإنتاج داخل إطار الاقتصاد الرسمي) وهو ما يدفع الشباب وصغار المستثمرين إلى إنتاج السلع المطلوبة في السوق في نطاق الاقتصاد الموازي لتلبية الطلب المتزايد عليها محليا.