السؤال:
انا اعاني من افرازات صفراء فاتحه وليست بغامقة وليس لها رائحة تنزل طوال الوقت ولا تنقطع الا نادرًا وليست بسبب شهوة او غيرة فأنا لا اهتم لهذه الامور ولله الحمد ولكني اشك هل هي افرازات طبيعية ام صفرة وماذا افعل وما حكمها شقت علي في صلاتي وكل شيء واذا كانت سلس صفرة هل علي التحفظ والغسل قبل كل صلاة وتغيير الحفاظ قبل كل صلاة؟ لان فيه شيء من المشقة؟
الإجابة:
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالذي أن يظهر أن الإفرازات التي تخرج من المرأة ولا دخل للشهوة فيها، أنها طاهرة وهو الرَّاجح من قولَي أهل العلم، وهو مذهب فذهب أبي حنيفة ورواية عند الحنابِلة؛ ومن أظهر الأدلة على هذا أنها مما تعمُّ بها البلوى، سواءٌ في عصرِنا أم في عصر النبوَّة، فلو كانت نجسًا أو ناقضًا، لبيَّنه النبيُّ صلى الله عليه وزسلم بيانًا عامًّا غير خافٍ؛ لحاجة جميع النساء إليه.
وقال ابن قدامة في "المغني": "وفي رطوبة فرْج المرأة احتِمالان: أحدُهما: أنَّه نجس؛ لأنَّه في الفرْج لا يخلق منه الولد، أشبه المذي.
والثَّاني: طهارته؛ لأنَّ عائشة كانت تفرك المنيَّ من ثوب رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو من جِماع؛ فإنَّه ما احتلم نبيٌّ قط، وهو يلاقي رطوبة الفرْج، ولأنَّنا لو حكمْنا بنجاسة فرج المرأة، لحكمنا بنجاسة منيِّها؛ لأنَّه يخرج من فرجها، فيتنجس برطوبته".
وقال العثيمين في "الشرح الممتع على زاد المستقنع" - (ج 1 / ص 283):
"ورطوبة فرج المرأة"؛ أي: طاهر، واختُلف في هذه المسألة.
فقال بعض العلماء: إنَّها نجسة، وتنجِّس الثياب إذا أصابتْها، وعلَّلوا: بأنَّ جَميع ما خرج من السَّبيل فالأصل فيه النَّجاسة؛ إلا ما قام الدَّليل على طهارتِه، وفي هذا القوْل من الحرج والمشقَّة ما لا يعلمُه إلاَّ الله تعالى، خصوصًا منِ ابتُليت به من النساء؛ لأنَّ هذه الرطوبة ليستْ عامَّة لكل امرأة، فبعض النِّساء عندها رطوبة بالغة، تَخرج وتسيل، وبعض النساء تكون عندها في أيَّام الحمل، ولاسيَّما في الشهور الأخيرة منه، وبعض النساء لا تكون عندها أبدًا.
وقال بعض العلماء: إنَّها طاهرة، وهو المذهب، ولا يقال بأنَّها نجسة ويعفى عنها؛ لأنَّنا إذا قُلنا ذلك، احتجْنا إلى دليل على ذلك.
فإن قيل: إنَّ الدَّليل المشقَّة، وربَّما يكون ذلك، وتكون هي نجسة، ولكن للمشقة من التحرُّز عنها يعفى عن يسيرها كالدَّم وشبهه، ممَّا يشقّ التحرُّز منه.
ولكن الصَّواب الأوَّل، وهو أنَّها طاهرة". اهـ.
قال الإمام أبو محمَّد بن حزْم في "المحلَّى" - بعد ما ذكر أنَّ رطوبة فرْج المرأة لا تنقُض الوضوء -: "بُرهان إسقاطِنا الوضوءَ من كلِّ ما ذكرنا: هو أنَّه لم يأتِ قرآنٌ ولا سنَّة ولا إجماع بإيجاب وضوءٍ في شيء من ذلك، ولا شرعَ الله - تعالى - على أحدٍ من الإنس والجنِّ إلاَّ من أحد هذه الوجوه، وما عداها فباطل، ولا شرع إلاَّ ما أوجبه الله - تبارك وتعالى - وأتانا به رسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم". اهـ.
قال الشَّوكاني في "نيل الأوطار"، تعليقًا على حديث عن معاوية، قال: قلتُ لأم حبيبة: هل كان يصلِّي النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الثَّوب الذي يجامع فيه؟ قالت: "نعم، إذا لم يكُنْ فيه أذى"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي:
"ومن فوائدهِما - كما قال ابن رسلان في "شرح السنن" -: طهارة رطوبة فرْج المرأة؛ لأنَّه لم يذكُر هنا أنَّه كان يغسل ثوبَه من الجِماع قبل أن يصلِّي؛ لو غسله لنُقل، ومن المعلوم أنَّ الذَّكر يخرج وعليْه رطوبة من فرْج المرأة". اهـ.
إذا تقرر هذا، فالذي يظّهر أنَّ الإفرازاتِ النِّسائيَّةَ ليست بنجسة ولا تنقُض الوضوء؛ لعدم ورود ما يدلُّ على نجاسة الخارج، أو على أنَّه ناقض للوضوء،، والله أعلم.